نبيل معلول مدرباً لمنتخب بشار الأسد

2020.03.13 | 23:00 دمشق

5e6865194c59b746f74df8a1.jpg
+A
حجم الخط
-A

وقع المدرب التونسي نبيل معلول الأسبوع الماضي رسمياً على عقود تدريبه لمنتخب نظام الأسد لكرة القدم، وبالتأكيد لا يمكن أبداً إطلاق صفة السوري على منتخب النظام، وفي أحسن الأحوال يمكن القول إنه منتخب سوريا الطائفية المتجانسة لبشار الأسد المفيدة الخاضعة للغزاة إيران وحشودها الشعبية الطائفية الموتورة.

لا يمكن طبعاً تناول الخبر في سياقه الرياضي البحت، ثمة سياق سياسي أصيل وجوهري لا يمكن تجاهله أو القفز عنه، خاصة عند التعاطي مع نظام متوحش كنظام الأسد لم يتوانَ عن قصف شعبه - ومنهم الرياضيون - بترسانته الإجرامية الهائلة من السلاح  الكيماوي إلى صواريخ السكود الثقيلة وطويلة المدى. نظام ارتكب جرائم بالقرون الوسطى بأسلحة القرن الواحد والعشرين.

في العادة ثمة تناسب طردي بين استبداد الأنظمة وتدخلها في الشأن العام تحديداً الرياضي، حتى إنه يمكن الحكم وبسهولة على استبداد أي نظام من عدمه، عبر فحص مستوى تدخله أو تحكمه بالقطاع الرياضي في سياق الهيمنة والتوغل على المجتمع لإلهائه كما لنسب الإنجازات الوهمية لنفسه.

بما أن نظام الأسد هو النظام الاستبدادي الأكثر بشاعة ووحشية عربياً، فقد كان تدخله وتحكمه في الرياضة غير مسبوق مع اختراع الاتحاد الرياضي العام غير الموجود في أي بلد آخر من أجل التحكم بقطاع الرياضة بشكل كامل، ووضع مخبرين وعسكر حتى غير متنكرين في قيادة الاتحاد من أجل التحكم التام بالساحة الرياضية، وإدارة الاتحادات الرياضية واللجنة الأوليمبية عن بعد كجهة وسيطة بين النظام البوليسي وبينها، وفي نفس الوقت التحايل على اللوائح والمواثيق الدولية الناظمة للعمل الرياضي في العالم. وهنا بدت صورة نبيل معلول نفسه في ملعب العباسيين معبرة جداً، حيث ظهر المدرب التونسي بصحبة الرئيس الصوري لاتحاد كرة القدم، وبرفقة مسؤول آخر مرتدياً الزيّ العسكري في صورة فضحت حقيقة عسكرة النظام للرياضة، كما لقطاعات المجتمع المختلفة.

النظام لم يكتف بذلك، بل قام بخصخصة ما كان قد تم تأميمه قبل ذلك لصالح سلطة الحزب الواحد، وتم تجيير الألعاب الرياضية لأفراد وعائلات الطائفة الحاكمة، وكأنها ملكاً خاصا بهم، فتحكّمت عائلة الأسد بالفروسية، وعائلة معلا بالسباحة، وهكذا.. وهنا لابأس من الإشارة إلى واقعة تفضح أيضاً عسكرة الرياضة، وتحكم النظام التام بها، حيث تم الإفراج منذ فترة عن أسير رياضي - الفارس عدنان قصار - بعد اعتقاله لعقود، فقط لأنه تجرأ وهزم باسل الأسد في إحدى المسابقات الرياضية الخاصة بالفروسية.

مع اندلاع الثورة واتباع النظام المتوحش، الخيار العسكري، واستخدام كل الوسائل لقمعها قاتلاً مليون مواطن ومشرّداً عشرة ملايين، ومدمّراً نصف البلد، نال الرياضيون نصيبهم من جرائم النظام دفعاً لضريبة الثورة، مع الشعب الثائر فكان أول الشهداء-محمود الجوابرة- في درعا منهم، بينما اختصر الشهيد عبد الباسط الساروت قصة الرياضيين الثوار ومعاناتهم وتضحياتهم في مواجهة النظام وجرائمه.

بشار الأسد كان قد فضح نفسه بنفسه عندما تحدث عن سوريا المتجانسة

المنتخب يمثل نظام بشار الأسد وسوريا المتجانسة المتوحشة ولا يعبر أو يمثل أبداً سوريا العظيمة بكافة شرائحها وفئاتها ومنهم الرياضيون طبعاً.

ككيان طائفي للموالين والخانعين، مع رفض الاعتراف بمواطنية الثوار النازحين اللاجئين الرافضين لاستبداد النظام وعنفه وجرائمه، بينما كان الحشد الشعبي الإعلامي الإيراني قد أطلق عليها قبل ذلك بسنوات مصطلح سوريا المفيدة في إشارة واضحة إلى فائدتها وتبعيتها لإمبراطورية الدم والوهم الفارسية.

 بناء على ما سبق، وعلى التطورات في سوريا بشكل عام بما في ذلك عملية "درع الربيع" والاتفاق الروسي الأخير حول وقف إطلاق النار في إدلب حتى مشهد الشدّ والجذب بين الدوريات الأمريكية والروسية، ومرور الدبابات الأمريكية أمام حواجز جيش النظام بالقامشلي يمكن الاستنتاج بسهولة أن هذا الأخير فاقد السيادة ولا يملك بالتأكيد الشرعية لقيادة تمثيل البلد على كل المستويات.

في السياق الرياضي، يمكن التأكيد كذلك أن المنتخب يمثل نظام بشار الأسد وسوريا المتجانسة المتوحشة ولا يعبر أو يمثل أبداً سوريا العظيمة بكافة شرائحها وفئاتها، بما فيهم الرياضيون طبعاً.

والآن بالعودة إلى نبيل معلول الذي كان لاعباً كبيراً في المنتخب التونسي ثم مدرباً عادياً أو حتى جيداً له ومحللاً كروياً في واحدة من أكبر وأشهر القنوات الرياضية العربية، يعطي الانطباع أنه نزيه وجريء، وبالتالي فهو لا يملك أي مسوغ أو مبرر لتدريب منتخب نظام بشار الأسد.

وعليه، فإن المدرب التونسي يغامر باسمه وسمعته عبر تولي هذه المهمة المشينة، وهو ليس بحاجة لها لا فنياً ولا أدبياً ولا حتى مادياً، والنظام سيستغل بالتأكيد اسم وسمعة وتاريخ نبيل معلول لتبييض صفحته والترويج لشرعيته الوهمية، ولا يملك هذا الأخير أي معلول أو حجة، حيث يفترض أنه يعرف نظام الأسد جيداً وإذا لم يكن يعرفه فإن الصورة في ملعب العباسيين كفيلة بفضح حقيقة وطبيعة النظام وهيمنته التامة، بل عسكرته الفجّة والفظّة للرياضة، وقبل ذلك وبعده فإن المدرب التونسي لا يملك أي فرصة للنجاح بعدما دمر النظام البلد وبناه التحتية، بما في ذلك الرياضية طبعاً، وشرد غالبية الكفاءات والمواهب الرياضية، ببساطة يغامر معلول بسمعته وتاريخه وسيهدر رأس ماله كله في تجربة لا تملك أصلاً أي فرصة للنجاح.