icon
التغطية الحية

نبش القبور وحرق الجثث.. كيف انتقم الأسد من مدن سوريا الثائرة؟

2020.10.12 | 05:50 دمشق

dyr5.jpg
قبور تم نبشها في إحدى حدائق دير الزور (تلفزيون سوريا)
إسطنبول ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

من أبرز طقوس قوات الأسد التي اعتادت ممارستها بمجرد دخولها وسيطرتها على مدن ثائرة كانت تتبع لقوات المعارضة؛ تتجلى في تحطيم شواهد القبور ونبشها والعبث بحرمتها. 

وما زال مشهد تكسير شواهد القبور ونبشها والعبث بجماجم أصحابها، في منطقة "خان السبل" بريف إدلب في شباط 2020، يحتلّ حيّزاً مهماً في ذاكرة السوريين. ذلك المشهد الذي فسّر الكثير من التساؤلات المبهمة حول تركيبة نظام الأسد الذهنية والعضوية، منذ تسريب أولى مشاهد التعذيب والطعن والقتل الميداني المسربة خلال أيام الثورة الأولى.

 

 

أزاح ذلك التسجيل المصوّر جميع الشكوك حول مجازر النظام المرتكبة داخل غالبية المدن والبلدات والقرى السورية، وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن لا سبيل للعيش مستقبلاً في ظل وجود هذه التركيبة المفرطة في وحشيتها.

اقرأ أيضاً: من هو صاحب القبر الذي هدمه شبيحة الأسد في خان السبل؟

قبل أيام قليلة من انتشار مقطع الشبيح المدعو بـ"الأصلع" وهو يعتدي على قبور "خان السبل" بريف إدلب الجنوبي، كانت البداية مع حرق ونبش ضريح الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز في قرية الدير الشرقي، بعد سيطرة النظام على معرة النعمان.

وبعد مقطع "خان السبل" بيوم واحد، تناقلت صفحات موالية مقطع فيديو آخر يُظهر عنصراً للنظام يعبث بجمجمة، ويخاطبها ساخراً: "صارحني.. قلي.. أنت من اللي آذوني شي عمي؟" ليضحك مع رفاقه بعدها.

اقرأ أيضاً: موالون للأسد ينبشون المقابر في خان السبل

اقرأ أيضاً: الأصلع مجدّداً بإدلب.. من "نبش القبور" إلى تعفيش المنازل (فيديو)

الأسد وعقيدة نبش القبور

تخريب مقابر مناطق المعارضة من قبل النظام شملت كلّاً من مدينة القصير وحمص ومخيم اليرموك في دمشق، وداريا وحلب ودير الزور، إلا أن ما حصل في خان السبل يعدّ المرة الأولى التي يتم فيها بث التصوير وتوثيق عملية نبش القبور.

ففي القصير، تُظهر تغريدة لناشط من المدينة، صوراً تبيّن الاختلاف الذي جرى للمقبرة عقب سيطرة النظام مدعوماً بـ "حزب الله" على المدينة، عام 2013.

 

 

وفي داريا، التي ظلّت صامدة لأكثر من 4 سنوات من الحصار والقصف، تظهر تغريدة لأحد أبناء المدينة صور مقبرتها قبل وبعد التخريب، ويقول معلقاً: "تربة شهداء داريا قبل أن يدخلها تتار العصر، كانت متنفسًا لهمومنا، نهمس بها للرفقاء ونروي لهم الحكايا، اليوم باتت المقبرة قاحلة وقد ردمها نابشو القبور من قوات الأسد".

 

 

حمص.. واقتلاع ذاكرة القبور

بحسب تقرير نشرته "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" جاء فيه أن قوات النظام أقدمت على نبش المقابر وسرقة الجثث، بعد سيطرتها على الأحياء المعارضة وسط المدنية، عام 2014.

واستندت الشبكة في توثيقها على شهادة سيدة استطاعت الوصول إليها، حيث تحدثت عن قيام عناصر من النظام، والشبيحة، بتطويق المقبرة القريبة من مكان إقامتها، ونبش القبور، وسرقة بعض الجثث التي كانت مدفونة في حديقة منزل يعود لـ "آل الرجوب"، وأثناء تلك العملية هددت القوات الحكومية الناس بالسلاح في حال الاقتراب.

وأضافت الشاهدة أيضاً أن حديقة جامع "الشيخ الكامل"، تم نبش القبور الموجودة فيها،  وانتشلت الجثث منها، كما شاهدت بعض القبور التي تم الحفر فيها، لكن لم يتم سحب الجثث منها، وقد قام عناصر الأمن بتغطيتها بأغصان الشجر، وبعض القمامة.

وقالت الشاهدة: "إن عدد القبور التي قاموا بتخريبها في منزل آل الرجوب أكثر من 5 قبور، أما في حديقة مسجد الشيخ كامل فكان العدد كبيراً"، وسمعت من أهالي الحي المقيمين في تلك المنطقة، أن الجثث التي سُحبت تم وضعها في أكياس، ثم أُخذت إلى مكان لا يستطيع أحد تحديده.

ونبش القبور من قبل عناصر النظام في حمص يعود إلى ما قبل هذا التاريخ بنحو 3 سنوات، إذ وثّق مقطع فيديو نبش قبور في حديقة جامع خالد بن الوليد في تشرين الأول من العام 2011.

 

حلب.. المقبرة

بعد سيطرة قوات النظام على أحياء حلب الشرقية، أقرّ مشروعاً، عام 2018، لترحيل رفات أكثر من 5 آلاف و500 قبر عشوائي في مختلف أحياء المدينة، في خطوة صريحة لطمس النظام أحد الأدلة الشاهدة على ضحايا حربه.

وكان سكان حلب قد لجؤوا إلى دفن موتاهم في حدائق الأحياء التي يقيمون فيها أو على أطرافها، بسبب تقطع أوصال المدينة وتقاسم السيطرة عليها بين النظام والمعارضة وعدم القدرة على التنقل فيها بين عامي 2012 و2017.

وبالرغم من إقراره للمشروع السالف إلا أن ذلك لم يمنع الشبيحة من نبش قبور الموتى وتخريبها داخل مختلف أحياء حلب الشرقية التي سيطروا عليها.

ولدى وقوع نظره على صورة أحد القبور المنبوشة في حلب، كتب "محمد أزرق" على صفحته في (فيس بوك): "القهر والعجز أنك ما تقدر تحمي قبر بنات صغار متل الوردة.. هدول البنات استشهدوا بقصف الطيران الروسي والأسدي ودفناهم بمقبرة بحلب".

ويتابع أزرق "البنات كانوا عاملين معرض رسومات بمدرسة عين جالوت عام 2014 واستشهدوا مع 20 طفلا بوقت واحد.. اليوم وصلتني صورة لقبر خواتي الصغار نور وريم مفتوح ومنكوش ومكسر، ليش مابعرف.. ومين مابعرف".

 

 

الغوطة الشرقية.. نبش الكيماوي

بعد استيلائها على بلدات ومدن الغوطة الشرقية، أقدمت قوات النظام على نبش  قبور قتلى مجزرة الكيماوي الأولى، عام 2013، في كل من بلدات زملكا وعربين، ونقلت رفات القتلى إلى مكان مجهول بإشراف ضباط روس.

كما أقدم النظام على محاصرة الحديقة التي دُفن فيها ضحايا مجزرة الكيماوي التي نفذها في دوما في 7 من نيسان 2018، حيث قام بنقل الجثث إلى مكان مجهول، في حين دفن الباقي في مقبرة المدينة القديمة، وذلك في سبيل إضاعة الأدلة على ارتكابه المجزرة.

دير الزور.. نبش وحرق 

كحلب وحمص وبقية المدن التي حوصرت من قبل النظام، لم يكن أمام الأهالي إلا الحدائق لدفن موتاهم فيها، فتحولت أغلب حدائق المدينة ومنازلها إلى مقابر.

و عقب سيطرة النظام، تمكّن بعض الأهالي من نقل رفات موتاهم من الحدائق إلى مقابر الجبل خارج المدينة، بينما بقي قسم كبير داخل الحدائق نظراً لنزوح ذوي الضحايا وهربهم من النظام.

 

دير7 حرق.jpg
قبور تم نبشها في حديقة الحميدية، وتظهر آثار الحرق (تلفزيون سوريا)

 

مصادر محلية أفادت لتلفزيون سوريا أن قوات نظام الأسد أقدمت على نبش قبور الضحايا وأخرجت الجثامين، وحرقتها، داخل مقابر الأحياء التي انسحب منها "تنظيم الدولة" عام 2017 واستولى عليها نظام الأسد.

 

دير8 مهم.jpg
من القبور التي نبشت في حديقة الحميدية بدير الزور (تلفزيون سوريا)

 

دير_0.jpg
من قبور حديقة المشتل بدير الزور (تلفزيون سوريا)

 

وأكدت المصادر أن قبور حديقة "المشتل"، وحديقة "الحميدية / أبو تمام"، وحديقة "الجبيلة"، وحديقة "الحضانة" بالإضافة للجثث المدفونة في المساجد، نبشت من قبل قوات النظام وأحرقت جثثها.