icon
التغطية الحية

ناشطون سوريون يخشون من تفشي كورونا في أقبية نظام الأسد

2020.11.23 | 12:28 دمشق

photo_2020-11-21_18-03-33.jpg
في أو إيه نيوز- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

ظلت الناشطة السورية ميمونة العمار وعمرها 33 سنة تبحث عن شقيقيها الأصغر منها سناً منذ أواخر عام 2012 عندما تم اعتقالهما بشكل عشوائي برفقة عمهما يوسف العمار وقريب لهما اسمه بلال كوشان على يد مخابرات النظام السوري.

وذكرت ميمونة أن قلقها وخوفها قد زاد عليهما بعد تفشي حالات الإصابة بكوفيد-19 في سوريا، مع عدم توفر الرعاية الطبية داخل السجون السرية للنظام، ولهذا تقول: "لا أستطيع أن أتخيل كيف سيصبح الوضع مع تفشي فيروس كورونا بين المعتقلين السوريين"، وأضافت بأنها ترى بأن السنوات الثماني التي أمضتها وهي تسعى لإنقاذ شقيقيها، وهما صهيب 31 عاماً، طالب أدب إنكليزي وإقبال 29 عاماً طالب أدب فرنسي ستذهب أدراج الرياح هذا إن كانوا على قيد الحياة أصلاً، فقد اقتادت المخابرات هذين الشابين في تشرين الثاني من عام 2012 من منزل أهلهما في العاصمة دمشق.

وتتابع ميمونة وهي أم لطفلين وعضو مؤسس لدى شبكة حماية الأطفال السوريين (حراس) بالقول: "إنني قلقة على شقيقي المعتقلين وعلى أفراد أسرتي، فنحن نعرف بأن سجون النظام السوري قطعة من جهنم، ولا أستطيع أن أتخيل كيف سيصبح الوضع في حال وصول الجائحة لمن يعانون بالأصل في المعتقل".

فقد وثقت وزارة الصحة في حكومة النظام ما يقارب من 6900 حالة إصابة بكوفيد-19 في البلاد، حيث احتلت دمشق وحلب مركز الصدارة بالنسبة للإصابات. غير أن الأمم المتحدة ترى بأن التقارير القادمة من سوريا تشير إلى انتشار للفيروس على نطاق أوسع.

إذ أعلن مارك لوكوك وهو الوكيل العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الدولي في أيلول الماضي بأن: "العدوى داخل المجتمع منتشرة على أوسع نطاق لدرجة أن 90% من الحالات المؤكدة تقريباً لا يمكن نسبها إلى مصدر معروف".

فيما ذكرت ميمونة بأن المنظمات الدولية لابد لها من أن تولي عناية خاصة للوباء الذي يفتك بالمعتقلين السوريين اليوم، لاسيما مع عدم قيام النظام بتقديم معلومات حول انتشار فيروس كورونا في السجون.

حيث ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي الذي صدر في شهر آب الماضي بأن 100 ألف سوري تقريباً تم اعتقالهم بشكل عشوائي على يد أطراف مختلفة في عموم أنحاء البلاد، ومايزال هؤلاء مفقودين، وكشف هذا التقرير بأن أكثر من 14388 معتقل قد تم تعذيبهم حتى الموت.

وأضافت الشبكة بأن 1.2 مليون سوري قد تم اعتقالهم خلال العقد الماضي وتعرضوا للتعذيب على يد النظام خلال مرحلة ما. وذكرت بأن النظام يستخدم 72 طريقة للتعذيب على نطاق واسع، وعلى رأسها، حشر المعتقلين ضمن زنازين ضيقة، وحجزهم في زنزانات مظلمة لفترات طويلة من الزمن، وإغراقهم بالماء وصعقهم بالكهرباء وحرقهم إلى جانب تعذيبهم بطريقة الكرسي الألماني، وطريقة اقتلاع الأظافر فضلاً عن الانتهاكات الجنسية وترك جثث الأموات حتى تتعفن بين المعتقلين الأحياء.

معتقلة ونازحة

تحكي لنا ميمونة بأنها اعتقلت هي وزوجها أسامة نصار على يد قوات النظام في آذار 2011 عندما كانت في شهرها الخامس من الحمل، حيث اتهموهما بالمشاركة في مظاهرة خرجت في دمشق للاحتجاج على المعاملة السيئة التي يعامل بها نظام الأسد المعتقلين السياسيين.

ولكن بالرغم من أنهم أطلقوا سراحها بعد ساعات، ولحق بها زوجها بعد أسبوعين، إلا أن الزوجين انتقلا من بيت إلى بيت في دمشق لتجنب اعتقال آخر بسبب قيامها بنقل الانتهاكات التي تجري بحق الناشطين على الأرض وبسبب نشاطهما السياسي.

وحول ذلك تخبرنا ميمونة فتقول: "بعدما زاد نظام الأسد من مستوى وحشيته ضد المعارضين فاعتقل وخطف الناشطين وبينهم شقيقاي، قررنا أن ننتقل إلى دوما في الغوطة الشرقية في عام 2013، عندما كانت قوات المعارضة تسيطر عليها".

وتحكي لنا بأن أسرتها نزحت مرة أخرى لمخيم لاجئين في اعزاز بشمال غرب سوريا خلال شهر نيسان من عام 2018، قبل أن تعبر الحدود إلى تركيا حيث أصبحت تقيم هي وأسرتها هناك اليوم.

وتعلق على ذلك بالقول: "بالرغم من كل ما عانيناه، لم تتوقف عائلتي عن البحث عن شقيقي المفقودين".

الأكثر ضعفاً

نقلت منظمات حقوقية على مدار أشهر تقارير حول ارتفاع نسبة الخطر الذي يهدد صحة المعتقلين المحتجزين في مراكز الاعتقال التابعة لنظام الأسد.

إذ حذرت منظمة هيومان رايتس ووتش في مطلع هذا العام من: "وضع كارثي" في حال تفشي كوفيد-19، هذا المرض الذي يسببه فيروس كورونا بين السوريين الأكثر ضعفاً وعرضة وهم المعتقلون واللاجئون، وأضافت بأن مئات الآلاف من المعتقلين يتعرضون للتعذيب والاعتقال ضمن ظروف مرعبة.

إذ تقول هيومان رايتس ووتش: "ما يرعبنا هو أن السلطات على علم بذلك وهي من فرضت تلك الظروف على المعتقلين عبر حرمانهم مما يكفي من الطعام والرعاية الطبية والمسلتزمات الصحية والتهوية والمساحة المناسبة".

فيما أورد بعض المراقبين والناشطين حول السجون السورية بأن المعتقلين يتم تجميعهم داخل أماكن صغيرة حيث تصبح العقوبة الموجهة لأي طلب بسيط مثل طلب المساعدة الطبية تقابل بالتعذيب. وهكذا يتحمل السجناء ألمهم ويكابرون عليه بدلاً من الإبلاغ عن ظهور أمراض بينهم، وذلك بحسب ما ذكرته أمينة صوان التي تعمل على إطلاق حملة من أجل العدالة والمحاسبة لدى الحملة السورية، وتقول: "اعتقل أبي في عام 2014 لمدة شهرين بلا سبب سوى أنه ينتمي إلى منطقة يعتبرها النظام خارجة عن القانون بالرغم من أنها أصبحت تحت سيطرته اليوم. وعندما أطلق سراح أبي أتانا بغاية الضعف حيث كان يعاني من الجرب، وقد تدهور وضعه الصحي في غضون شهرين، ولهذا لا يمكنني أن أتخيل ماذا يحدث لهؤلاء الذين ظلوا محتجزين لسنوات".

رعاية طبية ضعيفة

إن الحرب التي امتدت لعقد من الزمان في سوريا لم تخلف إلا الدمار لمنظومة الرعاية الصحية، فقد تسبب العنف بنقص في الكوادر الطبية التي إما قتلت أو هربت، ناهيك عن المرافق الطبية التي تدمرت بفعل الغارات الجوية.

وحول ذلك تعلق أمينة بالقول: "إن البلد بأكملها تعاني حالياً، وأكثر الفئات تهميشاً هم المعتقلون السوريون في مراكز الاعتقال، فإذا كان الأحرار من الشعب السوري لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية، فكيف يمكن لهؤلاء المعتقلين أن يحصلوا على العلاج؟!"

إذ بحسب ما أورده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن فقط 64% من المشافي و52% من مراكز الرعاية الأولية في سوريا ظلت تعمل بشكل كامل حتى نهاية عام 2019 وذلك بسبب العنف، وقد ورد بأن أكثر من 70% من القوى العاملة في الرعاية الطبية قد غادرت البلاد.

 المصدر: في أو إيه نيوز