icon
التغطية الحية

نازحون سوريون تفصلهم عشرات الأمتار عن منازلهم في بلدة تادف بريف حلب

2021.10.27 | 23:23 دمشق

66195571b87e3b7f6c52ce2a84095f86dec5b121.jpeg
متاريس تفصل بين قسمي بلدة تادف أحدهما تحت سيطرة النظام والآخر تحت سيطرة الجيش الوطني (أ ف ب)
إسطنبول - وكالات
+A
حجم الخط
-A

يسكن خليل إبراهيم وهو من سكان بلدة تادف بريف حلب على بعد عشرات الأمتار فقط من منزله، ويتفقده من بعيد من دون أن يتمكن من الاقتراب منه، إذ تمنعه عنه سواتر عسكرية تقسم البلدة بين قوات نظام الأسد وقوات الجيش الوطني المدعوم من تركيا.

نزح إبراهيم من تادف الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي عام 2015، وتنقل بين عدة مناطق قبل أن يعود إليها عام 2019.

يقول إبراهيم (46 عاماً) في حديثة لوكالة (فرانس برس) "أسكن حالياً في منزل أحد أصدقائي في حين يبعد بيتي عني 300 إلى 350 متراً فقط"، ويشرح "ما زلنا نُعتبر مهجّرين حتى الآن، نقطن عند خط الجبهة لأنه لم يعد بإمكاننا أن ندفع بدل الإيجارات المرتفعة في مناطق النزوح".

ويقارن سائق سيارة الأجرة بين منزله الذي بناه بعدما ورث مع أشقائه أرضاً واسعة من والده وبين مكان إقامته الحالي، قائلاً: "كان منزلاً من أربع غرف وقد جهزته كاملاً من تعبي، بينما نقطن اليوم في منزل من دون أبواب ونوافذ، ولا نستطيع حتى أن نوصل الخدمات إليه أو أن نصرف عليه، فهو ليس منزلنا ولا نعرف ما إذا كنا سنبقى فيه أم لا".

ورغم معاناته يرفض إبراهيم العودة إلى كنف قوات النظام، ويقول "يسألني أطفالي: بابا منزلنا قريب، ألن نعود إليه؟".

"سقف أفضل من خيمة"

ما تزال شوارع البلدة شاهدة على معارك وقصف شديد تعرضت له قبل طرد "تنظيم الدولة" منها، وعند مدخلها الشمالي ترتفع لافتات تركها التنظيم وخرقها الرصاص تشير إلى "ولاية حلب" و"ولاية الرقة".

وعلى جانبي الطرق، مبان تدمر معظمها، ولم يبق من بعضها سوى جدران متهالكة، في حين وُضعت عند خطوط التماس متاريس مرتفعة من أكياس تراب وحجارة، يمر قربها الأطفال بعدما اعتادوا على وجودها، حذرين من عدم محاولة تخطيها.

تسير الحياة ببطء في أحياء تادف الشمالية في ظل غياب أدنى متطلبات الحياة، ويسكن البعض في منازل لا تصلها إمدادات الكهرباء، وليس فيها سوى متجر خضار صغير على قارعة الطريق، وإذا أراد السكان التبضّع أكثر فيجدر بهم الذهاب إلى مدينة الباب.

ويشرح أحد أعضاء مجلس البلدة رامي المحمد نجار الحال لفرانس برس بالقول "يعود الناس إلى هنا من شدة الفقر ومن جراء غلاء الإيجارات"، موضحاً "منهم من كان يسكن في مخيمات وعاد إلى منزله أو منزل أقاربه، فالسكن تحت سقف أفضل من السكن في خيمة".

عالقون

تتذكر السيدة فاطمة الرضوان منزلها القديم المؤلف من ثلاث غرف ومطبخ كبير وأمامه حقل تزرع فيه الخضراوات، وتقول "كنا فرحين، نعيش كعائلة معاً"، أما اليوم فالمنزل الذي تقطنه بلا كهرباء ويضم غرفتين مظلمتين ومطبخاً ليس فيه إلا قدر كبير تشعل تحته النيران لإعداد الطعام.

تخشى فاطمة اليوم العودة إلى مناطق سيطرة النظام، بعدما قاتل ابنها البكر ضد قوات الأسد قبل أن تنقطع أخباره، وهي في الوقت ذاته لم تعد قادرة على العيش في محافظة إدلب التي نزحت إليها قبل سنوات.

وتقول السيدة التي تجمع مع ابنها (16 عاماً) البلاستيك لبيعه، إن "الإيجارات مرتفعة وليس معي ما يكفي لأطعم أولادي أساساً، هنا نحن مستورون رغم خوفنا من القصف أحياناً".

وتضيف فاطمة لـ (فرانس برس) "نحن عالقون في النصف بين الطرفين، هؤلاء يقاتلون أولئك، والعكس صحيح، وننتظر أن يفرجها الله علينا".

وفي العام 2017 سيطرت قوات النظام بدعم روسي على بلدة تادف بعد انسحاب "تنظيم الدولة" منها خلال هجوم "الجيش الوطني" المشارك إلى جانب القوات التركية في عملية "درع الفرات" التي انطلقت في الـ 24 من شهر آب عام 2016.

وسيطرت قوات "الجيش الوطني" بدعم تركي على مناطق واسعة، أبرزها مدينة الباب التي كانت تشكل أحد معاقل التنظيم، ومنها دخلت لاحقاً إلى أحياء في شمال بلدة تادف المحاذية.

ومنذ ذلك الحين يسيطر الجيش الوطني على أحياء تادف الشمالية، في حين تسيطر قوات النظام على الجزء الآخر من البلدة، وتُعد تادف اليوم البلدة الوحيدة التي تتشارك قوات النظام، والجيش الوطني السيطرة عليها.