icon
التغطية الحية

ميليشيا "الوكيل ونابل".. ذراع أرثوذكسية لـ روسيا في حماة

2020.04.26 | 18:10 دمشق

almlyshya_alarthwdhksyt_mn_mhrdyt_walsqylbyt_fy_mham_albadyt_brfqt_alqwat_alrwsyt.jpg
ميليشيا محردة والسقيلبية في معارك إدلب - شباط 2020 (إنترنت)
تلفزيون سوريا - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

زجت ميليشيا "الدفاع الوطني" في مدينتا محردة والسقيلبية شمالي حماة بالمئات من عناصرها في العمليات العسكرية المحدودة التي أطلقتها القوات الروسية منتصف شهر نيسان ضد تنظيم "الدولة" في البادية السورية، وبالتحديد في باديتي حماة وحمص، واشتركت الميليشيات في عمليات التمشيط وتأمين المناطق المحيطة بالمواقع العسكرية الروسية، ومحطة الغاز وحقول النفط وطرق الإمداد العسكري في البادية.

شملت العمليات العسكرية المشتركة، مناطق كتنة ومارينا في بادية إثريا شرقي حماة، ووادي الضبيات ووادي النقب والبئر الكبريتية وتلة السريتيل وعدد من المواقع في بادية السخنة بريف حمص الشرقي، وامتدت العمليات إلى مناطق الرشوانية والنيارية، وصولًا إلى الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور بالقرب من منطقة هريبشة.

يبدو أن اشتراك ميليشيا "الدفاع الوطني" المدعومة من روسيا، وبشكل خاص "الميليشيا المسيحية الأرثوذكسية"، هو الأول من نوعه في البادية السورية البعيدة نسبياً عن مناطق نشأتها وانتشارها الأصلية شمالي حماة، وبدا أن هجمات تنظيم "الدولة" في البادية مؤخراً وشكل مواجهاته المفترضة مع الميليشيات الإيرانية قد أقلقت فعلياً القوات الروسية ما دفعها إلى الاستعانة بالميليشيات المحلية التي تدعمها لإبعاد خطر التنظيم عن مناطق نفوذها في الصحراء السورية، ويشمل ذلك مجال الاستثمارات الباطنية والمواقع العسكرية التي يقع أكبرها في بادية تدمر شرقي حمص.

ونفذت الطائرات الحربية الروسية مئات الغارات الجوية في البادية خلال الأيام العشرة الماضية، ولاحقت الطائرات المسيرة مجموعات التنظيم واستهدفت عدداً من المركبات والأهداف المتحركة التابعة له في بادية السخنة، وقاد المجموعات البرية، سيمون الوكيل، قائد ميليشيا "الدفاع الوطني" في محردة، ونابل العبد الله، قائد "الدفاع الوطني" في السقيلبية، إلى جانب قادة من "الفيلق الخامس"، وبدا أن اعتماد روسيا على ميليشيات تدعمها لتنفيذ عمليات البادية له مبرراته، بدا أن التنظيم قد استفاد فعلاً من هامش الحركة والتنقل الذي وفرته له الميليشيات الإيرانية في البادية السورية بشكل مقصود.

وساعدت التسهيلات المفترضة والاتصال الجغرافي مع بادية الأنبار في العراق، والأسلحة والذخائر التي حصل عليها التنظيم من مقار ومواقع الميليشيات الإيرانية ساعدته على تكثيف عملياته، وبدت إمكانية انتشاره في منطقة أوسع، مسألة وقت لولا التحركات الروسية التي كانت ميليشيا "الوكيل ونابل" رأس الحربة فيها.

الميليشيا الأرثوذكسية

زار ضباط من قاعدة حميميم العسكرية الروسية مدينتي محردة والسقيلبية شمالي حماة في 19 نيسان، والتقوا بقادة "الدفاع الوطني" في المدينتين، سيمون الوكيل، ونابل العبد الله، وقدموا لهما درع التعاون والصمود.

يتمتع قائد ميليشيا محردة، سيمون الوكيل، بشهرة أكبر من نظيره في السقيلبية نابل العبد الله. عدد عناصر الوكيل يصل إلى 1000 وعتادهم الحربي أكثر تنوعاً، ولدى الوكيل علاقات واسعة مع "الحرس الثوري الإيراني"، وميليشيا "حزب الله" اللبنانية التي تتمركز في نقطة المراقبة الإيرانية قرب طيبة الإمام بريف حماة الشمالي. وتعود نشأة ميليشيات الوكيل ونابل إلى أواخر العام 2012، ومنذ ذلك التاريخ كانت تحصل على دعم عسكري ومالي إيراني، وتراجع الدعم الإيراني تدريجياً بعد دخول روسيا عسكرياً إلى جانب النظام في العام 2015، وانقطع بشكل كلي أواخر العام 2018 بعد أن حولت ميليشيا "الوكيل ونابل" ولاءها نحو روسيا.

وسبق أن زار متزعما الميليشيا قاعدة حميميم الروسية بداية العام 2019، والتي كانت الخطوة العلنية الأولى للتحول نحو الدعم الروسي، والتي تزامنت مع التحضيرات للعمليات العسكرية التي كانت تجهز لها روسيا ضد المعارضة السورية، تلاها في آذار من نفس العام زيارة أخرى لوفد عسكري روسي يرافقه مطران شمالي القوقاز وعضو المجمع المقدس الروسي المطران ثييو فيلكتوس. وكان في استقبال الوفد قائدا ميليشيا "الدفاع الوطني" سيمون الوكيل ونابل العبد الله، وزار الوفد الروسي حينها، كنائس أرثوذكسية والتقى مطارنة محليين، وقدم الوفد الكنسي دعماً مالياً ولوجستياً متنوع للميليشيا.

وكان قائد "ميليشيا النمر" سهيل الحسن، برفقة الوفد الروسي العسكري والكنسي الزائر، والتقى بشكل منفصل عن الوفد مع قائدي الميليشيا، نابل العبد الله وسيمون الوكيل، وهنا كانت بداية انضمامهما إلى صفوف "قوات النمر"، وأطلق على ميليشيا "الوكيل ونابل" في ذلك الوقت، "قوات رديفة"، وقال قادة في "قوات النمر" إنه "سيكون لها الدور البارز في تحرير كل شبر من أراضي الجمهورية العربية السورية، وبحماية العذراء مريم".

واشتركت ميليشيا "الوكيل ونابل" بقوة في معارك إدلب ضد المعارضة منذ انطلاقتها شمالي حماة في أيار 2019، وكان قائدا الميليشيا على رأس المجموعات التي قاتلت في الجولة الثانية من العمليات العسكرية أواخر العام 2019 والتي تركزت في بدايتها بمنطقة معرة النعمان، والتقط "نابل والوكيل" صوراً تذكارية في مدينة معرة النعمان برفقة الإعلامي اللبناني غسان الشامي.

وانتقلت الميليشيا بداية آذار2020، من صفوف "الفرقة 25 مهام خاصة" - قوات النمر سابقاً -، إلى صفوف ميليشيا "الفيلق الخامس" المدعوم من روسيا أيضاَ، وحملت الميليشيا اسماً جديداً، سرية محردة بقيادة الوكيل، وسرية السقيلبية بقيادة نابل، وأصبح الأخير أكثر دعماً بعد أن تسلم قائد "الفيلق الخامس" اللواء زيد صالح، رئاسة اللجنة العسكرية والأمنية في إدلب، وتربط بين نابل وصالح علاقة صداقة، ولـ نابل الأصغر سناً من الوكيل علاقة جيدة مع رئيس اللجنة العسكرية والأمنية في حماة، اللواء رمضان يوسف، والذي يشغل أيضاَ منصب قائد "الفرقة التاسعة".

دعم ميليشيا "الوكيل ونابل"

تحصل ميليشيا الوكيل ونابل على دعم روسي متنوع، يشمل التسليح والأموال، بالإضافة لدعم الكنيسة الروسية لميليشيا المنطقتين اللتين تعتبران ذات غالبية مسيحية من الروم الأرثوذكس، ولدى القوات الروسية في المنطقة نقطتا مراقبة تتمتعان بتسليح عالٍ، الأولى بالقرب من محردة والثانية على أطراف السقيلبية، وتولي روسيا مدينتي محردة والسقيلبية اهتماماً خاصاً، منذ مطلع العام 2019. ويشمل الدعم الروسي قطاعات مختلفة، ولا يقتصر على التسليح والتدريب، وعززت القوات الروسية من وجودها العسكري في المنطقة بعد أن أنشأت نقطة عسكرية جديدة بداية العام 2019 في تل صليبا.

استقبل "الوكيل"، أواخر شباط الماضي، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذوكس أغناطيوس أفرام الثاني، رافقه المطران بطرس قسيس مطران حلب والإعلامي اللبناني غسان الشامي وقائد "الدفاع الوطني" في صيدنايا، نبيل كحلة. وسبق أن شهدت مناطق انتشار ميليشيا "الوكيل ونابل" شمالي حماة زيارة عدد كبير من الوفود الغربية، ووفود إعلامية وسياسية وإغاثية، بالإضافة لشخصيات من كنائس غربية، الزيارات وقعت في الربع الأول من العام 2019، أي قبل بداية العمليات العسكرية، وبدا أنها تندرج في إطار الدعم المعنوي والمادي للميليشيا المحلية لدفعها للمشاركة بفعالية ضد المعارضة.

ومن بين الوفود التي زارت المنطقة قبل انطلاق العمليات العسكرية، وفد من منظمة Elis Care الفرنسية ومدير فرعها في العراق، في 8 كانون الأول 2019. وسبقها بأسابيع قليلة زيارة لفريق صحافي من إذاعة "Europe 1"، ورافق الفريق أثناء جولته في ذلك الوقت، رئيس دائرة الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام السورية ناصر ديوب. كما زار المنطقة وفد من منظمة SOS Chrétiens d'Orient، وإدارة دير مار يعقوب المقطع، وسلموا قائد الميليشيا معدات ومساعدات متنوعة. كما شهدت المنطقة أيضاّ زيارة لفريق قناة ARD الألمانية والذي أعد عدداً من التقارير التلفزيونية التي تتحدث عن المنطقة والتحديات التي تواجهها في مواجهة ما سمّتهم "الجماعات الإرهابية" في إدلب وعرضت التقارير الإعلامية في محطات تلفزيونية ألمانية متعددة. ووصلت إلى مناطق انتشار ميليشيا "نابل والوكيل" أيضاً وفود صحافية من Middle East Eye البريطانية، وCNN الأميركية وقناة ZDF الألمانية، وصحافيين من شبكة تلفزيون الصين الدولية الناطقة باللغة العربية  CGTN Arabic.