موقف عربي داعم للأسد وانتخاباته

2021.04.20 | 06:47 دمشق

assad-posters-m.jpg
+A
حجم الخط
-A

تزامن إعلان مجلس الشعب بدمشق، يوم الأحد الفائت، فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية وتحديد موعدها بشكل رسمي (بعد حوالي 40 يوما)، مع تهنئة عدد من رؤساء الدول العربية، رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالذكرى الخامسة والسبعين لاستقلال سوريا.

تهنئة بعض رؤساء الدول يتصدرها الاهتمام الإماراتي المكثف بالتواصل مع الأسد، حيث سجل حضوره عبر رئيس الدولة (خليفة بن زايد آل نهيان)، ورئيس وزرائها (محمد بن راشد آل مكتوم)، ولعل ذلك يساعد في تحديد ملامح الفترة المقبلة على الملف السوري وكيفية التعاطي العربي معه، والأولويات التي ستحدد عمل ذلك الملف.

إلى جانب حاكم دولة الإمارات ونائبه، حضرت تهنئة رؤساء عُمان (السلطان هيثم بن طارق آل سعيد)، ورئيس موريتانيا (محمد ولد الغزناوي)، ورؤساء بيلاروسيا وماليزيا وإيران وروسيا. إذاً فالتهنئة التي جاءت بذكرى عيد الجلاء، تأتي كدلالة سياسية ملفتة في ظل تزامن التهنئة مع إعلان موعد الانتخابات الرئاسية، غير المعترفة بها دولياً في ظل الإجراء على إصرارها دون تحقيق أي انتقال سياسي أو التزام بمخرجات القرار الأممي 2254.

التواصل الرسمي الأخير يعزز من الخطوات الإماراتية باتجاه ترتيب أوراق الأسد في الأروقة العربية سياسياً واقتصادياً

ترسم التهنئة الإماراتية/ الخليجية، شكل خريطة التحركات العربية والسورية (حكومة النظام)، إزاء الملف السياسي في سوريا وما يتصل به، فالجانب الإماراتي الذي أخذ خطوة متقدمة صوب الأسد، منذ بدء جائحة كورونا (آذار 2020)، إلا أن التواصل الرسمي الأخير يعزز من الخطوات الإماراتية باتجاه ترتيب أوراق الأسد في الأروقة العربية سياسياً واقتصادياً.

أدركت روسيا بأن استثمار أي تقارب خليجي- خليجي- تركي سيبدد الاستعصاء الحاصل في سوريا ليس وفق مخرجات القرار الأممي 2254، وإنما وفق ما ترسمه مصالح الأطراف الفاعلة في الملف السوري، فكان إعلان انتهاء المعارك بين قوات النظام وقوات المعارضة على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في شهر أيلول الماضي (بعد 3 أشهر من إعلان أولى عقوبات قانون قيصر الأميركي).

أولى الخطوات الروسية في سياستها الطارئة لتنفيذ أجندة استراتيجيتها في سوريا، لتتبعها بتحريك ملف عودة اللاجئين، وتعميق التفاهمات مع الجانب التركي، قبل أن تتجه موسكو مجددا إلى دول الخليج (آذار الفائت)، حيث طالبت خلال زيارة وفد ترأسه لافروف بضرورة عودة دمشق إلى الجامعة العربية "من أجل كسر جبل الجليد بين الأسد وبينهم (الخليجيون)"، و عندها تتغير الاصطفافات والمواقف، بالتوازي مع تفعيل المحادثات الأميركية - الخليجية في الشأن السوري، لتكريس مبدأ العقوبات الذكية، يعني "لا إعمار كاملا في مناطق جديدة لم تكن تضررت من الحرب، لكن من الضروري إعادة ترميم البنى التحتية المتضررة (مدارس، مستشفيات، مراكز خدمية وتنموية)، يمكن لدول الخليج تولي حصة وازنة من هذه الخطة".

لا يقف الأمر عند تفعيل المرحلة الأولى والرئيسية من إعادة الإعمار، أو عودة دمشق للجامعة العربية مع إعادة التعويم البطيء على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بل إن الملف السوري كما كان محطة أساسية في تقوية العلاقات الروسية - التركية، سيكون الملف ذاته محطة مهمة في تصفية أجواء العلاقات الخليجية-الخليجية وكذلك الخليجية-التركية، فضلا عن الاحتمال المتصاعد التوقعات حول اتفاقية سلام بين دمشق وتل أبيب، برعاية روسيّة وتنسيق عربي.

كذلك فإن التقارب العربي مع دمشق، يعني إمكانية تقديم مشروع مواجهة للمشروع الإيراني الذي يشكل خطراً على إسرائيل التي وقعت اتفاقيات سلام مع دول عربية، وأخذت وعد من روسيا بتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا.

الجانب العربي مستعد أكثر من أي وقت مضى للتقارب مع الأسد ودعمه؛ بما لا يقترب بشكل علني من حدود "قيصر"

وبالتوازي مع ذلك فإن التوافق أيضاً في ملف مكافحة الإرهاب، سيكون مرضياً للأطراف الفاعلة في الملف السوري، ليكون ملف الدستور وتشكيل حكومة جديدة تضم طيفاً من المعارضة، هندسة سياسية مقبولة لدى كل من موسكو وحلفائها الإقليميين.

الجانب العربي مستعد أكثر من أي وقت مضى للتقارب مع الأسد ودعمه؛ بما لا يقترب بشكل علني من حدود "قيصر"، فضلاً عن الضوء الأخضر العربي لإقامة الانتخابات الرئاسية، والذي تجلى عبر تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الروسي إلى القاهرة، حيث اعتبر شكري أن الانتخابات الرئاسية السورية شأن داخلي.

الإدارة الأميركية الجديدة المتجهة لسياسة أقل عدائية مع طهران، لن تكون مستعدة لتغليظ العقوبات على دمشق، إذا ما رأت أن التوافق الإقليمي في سوريا سيجنب المنطقة تصعيدا متزايدا ستكون واشنطن بغنى عنه، وهي الراغبة بإنهاء حرب اليمن وتبديد مخاطر التغول الإيراني في المنطقة.