موسكو والنفخ بعضلات الأسد

2018.10.11 | 00:10 دمشق

+A
حجم الخط
-A

تسترد موسكو غطرستها العسكرية، تعيد إنتاجها على الأرض السورية، لا للدفاع عن "سوريا" كما تدعي، بل كمنطق محتل موازٍ للاحتلال الإسرائيلي الذي تتقاسم التنسيق معه.

قدم وزير بوتين " لافروف" من على منصة الأمم المتحدة فخر ما أقدمت عليه بلاده بإنقاذ الأسد من السقوط، داعياً المجتمع الدولي التقدم بمساهمته إعمار ما دمرته موسكو والنظام،

صواريخ إس 300، غير معنية باسترداد هضبة الجولان، وإحداث مواجهة مع الاحتلال، فلم تكن العدة والعتاد العسكري الروسي في سوريا، المادي والاقتصادي والاجتماعي للنظام، له غاية تتعلق بذلك

ومن على ذات المنصة يفرح وزير الأسد "المعلم " بصواريخ إس 300، إذ أملَ المعلم أن تغطي كافة الأراضي السورية حسب وصفه، متناسياً تأكيد موسكو أن وجود الصواريخ هي لحماية "جنود موسكو" في قواعد الاحتلال الروسي، ولم يذكر أساساً في كل الاحتلال الروسي وتدخله كلمة واحدة متعلقة بالاحتلال الإسرائيلي وغاراته المتفق عليها.

صواريخ إس 300، غير معنية باسترداد هضبة الجولان، وإحداث مواجهة مع الاحتلال، فلم تكن العدة والعتاد العسكري الروسي في سوريا، المادي والاقتصادي والاجتماعي للنظام، له غاية تتعلق بذلك، منذ خمسة عقود من التسلح الروسي، وانقضاء ثلاثة أعوام من الاحتلال الروسي المباشر، كانت لتثبيت بنيان النظام وتقويته على المجتمع، ولا علاقة لذلك بإنهاء الاحتلال ومحاربته، وتشكيل قوة مقاومة تهدده، كما روجت شعارات العقود الماضية.

الفرح السخيف لأقطاب الممانعة، بصواريخ موسكو "الذكية" وبقدرتها على الاستكشاف والسيطرة والتشويش، تحدثت عنه أبواق الأسد من بيروت ورام الله والقاهرة منذ ثلاثة أعوام، وعن شعاعها الذي فشل بمنع مئات الغارات الإسرائيلية، كذلك هو تعبير عن بؤس مستمر لتقديم الجهل بتاريخ التسلح والعسكرة الفارغة.

الأسباب بسيطة، لنسف فرح "الممانعة"، التي كانت تمتدح مقاومات  بسيطة، وتتغنى بمقاومة أخرى تمتلك إرادة، لا صواريخ ودبابات، وطائرات وبراميل متفجرة تسقط على رؤوس شعبها، تلك المقاومة والإرادة التي تتمترس وتختبئ خلفها العصابة المصابة بحبور امتلاك صواريخ إس 300، وعاصفة الصواريخ الإعلامية التي هبت بعد إسقاط الطائرة الروسية، هدأت عند إعلان موسكو نيتها تزويد قواعدها العسكرية في حميميم وطرطوس بمنظومة صواريخ إس 300 دون تهديد الكيان الصهيوني، لأن الصواريخ الروسية موجودة في موسكو، وهناك رادارات في حميميم وصواريخ، بينما حاملة طائرات موسكو تحمل أنواعا أخرى من السلاح موجودة لكن بوصلتها ليست الجولان على سبيل المثال.

بوصلة صواريخ  الأسد "سكود" والبراميل المتفجرة وقنابل غاز السارين والكلور، وقذائف النابالم، معلومة لكل عربي وسوري  يعرف خريطة العدوان المستمر على الشعب السوري وأين وزع النظام مخزونه التسليحي فوق الجغرافيا السورية، لن تتغير المعادلة عند الحديث عن تركيب عضلات للأسد ينفُخ فيها على السوريين، لأن مخالبه وأنيابه تقطر من أجساد السوريين، لم تكن مشكلة الشعب السوري متعلقة بالسلاح بل بالاستبداد، سلاح الشعوب إرادتها وحريتها وكرامتها، شواهد التاريخ كثيرة ولا حاجة لإعادة قراءة التاريخ حسب المنطق الروسي والأسدي، بل عبر بعض دراساتهم التي تناولت قواعد التسلح.

شهد تاريخ أمريكا الطويل، في دعم الديكتاتوريات، إن كان في جمهوريات أمريكا الوسطى واللاتينية إلى جمهوريات الموز وإقامة قواعد عسكرية تكدس فيها سلاح لهذه الغاية وغيرها، وثبت أن القواعد العسكرية والسلاح المكدس في معظم الدول لا علاقة له بالدفاع عن البلدان وأمنها الوطني بقدر علاقته بإدارة المصالح، روسيا بوتين نسخة أمريكا في القرن الحادي والعشرين بهذه الغطرسة والصلافة.

و يبرز في معمعان الحديث عن الإس 300، أن بوتين ونتنياهو رغم الخلاف الناشئ عن إسقاط الطائرة الروسية، إلا أنهما متفقان على الأسد وعلى بقائه، موسكو لا تهدد إسرائيل،

محاولات موسكو إنعاش عضلات للنظام بتركيب شعارات للصواريخ في إعلامه، لا تخدم الشعب السوري، سيبقى النظام جسرا استعماريا لموسكو وتل أبيب

كما قلنا سابقا محتل لا يهدد محتلا بل يتعاونا على تثبيت وتقاسم مصلحتهم المشتركة في بنك النظام، لا تسمح العلاقات والتوازنات القائمة بين تل أبيب وموسكو، على الإخلال بقاعدتها الأساسية لا بصواريخ وطائرات ولا بغيرها، الاختلال الكبير الذي ضرب المنطقة وهز بنيان العلاقة بين موسكو وتل أبيب والنظام ما قام به الشعب السوري، في ثورته على الطاغية، كان وقعها وأثرها أقوى من صواريخ موسكو وطائرات تل أبيب وإجرام الأسد

سلاح النظام وآلته الحربية، ما كان مكدساً أو مستورداً أثناء الثورة، تم توجيهه إلى صدر الشعب السوري، اليوم محاولات موسكو إنعاش عضلات للنظام بتركيب شعارات للصواريخ في إعلامه، لا تخدم الشعب السوري، سيبقى النظام جسرا استعماريا لموسكو وتل أبيب التي ما كانت ستتصرف بمثل هذه الأريحية، وأن تحقق ما حققته مع موسكو لو لم يكن الأسد بهذه الوظيفة الجرمية التي أدت لحالة متردية ومنهارة لسيادة سوريا، ولو لم يكن النظام بهذه الصفاقة والخواء وفقدان الكرامة حتى بالمعنى الشخصي، لما كانت ممارسات الإجرام على السوريين التي داست بكل رعونة على كرامتهم بهذه الوحشية.

لن يفرح بعضلات الأسد، سوى إعلامه، للسوريين فرح مؤجل كرروه ملايين المرات، حتى باتت حريتهم أقوى من صواريخ بوتين وطائرات نتنياهو، وقواعد ترامب، وخذلان العالم كله، ولولا تلك القوة وخوفهم منها لما اتفق الكل على فرحة بقاء الأسد بعضلات خلبية أو مخالب جرمية.