icon
التغطية الحية

موجة جديدة من الضغوطات العسكرية الروسية شمال غربي سوريا.. ما أهدافها؟

2022.04.25 | 09:51 دمشق

00.jpg
دورية روسية تركية مشتركة على طريق "إم - 4" الواصل بين حلب واللاذقية عبر إدلب - AP
+A
حجم الخط
-A

بدأت الطائرات الروسية حملة من التصعيد شمال غربي سوريا منذ 23 نيسان الجاري، تضمنت قصفاً لمواقع متفرقة من جنوبي إدلب وشمالي وغربي حلب.

وفي 25 نيسان استهدفت الطائرات الروسية محيط منطقة دارة عزة غربي حلب، التي يوجد فيها نقاط عسكرية تركية، كما حلقت الطائرات الروسية فوق قواعد عسكرية تركية في كل من دارة عزة غربي حلب، ومنطقة عفرين شمالي المحافظة.

وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصادر خاصة أن قرار الجانب التركي بعدم تمديد إذن العبور للطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا عبر الأجواء التركية، يعبر عن استياء أنقرة من الضغوطات التي تحاول موسكو ممارستها في سوريا، خاصة التحليق المتكرر فوق القواعد العسكرية التركية دون إخطار مسبق، وقصف المناطق التي تنتشر فيها تلك القواعد.

روسيا تستخدم ورقة "حزب العمال الكردستاني"

استياء أنقرة من الغارات الروسية على شمال غربي سوريا ليس السبب الوحيد لقرارها الأخير المتضمن منع عبور الطيران الروسي باتجاه الأراضي السورية، فقد حملت الأيام الأخيرة تطوراً مهماً، تمثل باستهداف ما يسمى "قوات تحرير عفرين"، لمدرعة تركية قرب مدينة مارع شمال حلب، مما أدى إلى مقتل جندي وإصابة عدد آخر.

وأكد مصدر عسكري لموقع تلفزيون سوريا، أن المدرعة التركية تعرضت لهجوم بصاروخ مضاد للدروع موجه، يبلغ مداه 4 كيلومترات على الأقل، والمرجح أنه صاروخ روسي الصنع من طراز "كونكورس" أو "كورنيت".

واستبعد المصدر أن يكون السلاح مصدره الولايات المتحدة الأميركية، لأن الأخيرة تفرض قيودا على استخدام أسلحتها في منطقة غرب الفرات.

و"قوات تحرير عفرين" عبارة عن خليط من فلول "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي هربت من مدينة عفرين في أعقاب عملية غصن الزيتون عام 2018، بالإضافة إلى كوادر قيادية تتبع لـ"حزب العمال الكردستاني" PKK)) من جنسيات تركية وإيرانية.

هذه الخلايا الأمنية التي تتخذ من مقاطعة "الشهباء" شمالي حلب وتحديداً تل رفعت معقلاً لها، ترتبط بتنسيق أمني مع قوات النظام السوري وروسيا، بحكم نشاطها ضمن مناطق سيطرتها.

تسلل سلاح متطور روسي إلى يد هذه القوات يعتبر مؤشراً على رغبة روسية في تنفيذ ضغط متعدد الأوجه على القوات التركية في شمال غربي سوريا، وعدم الاقتصار على عملية الغارات الجوية.

وأكد مصدر عسكري في الجيش الوطني السوري لموقع تلفزيون سوريا، أن الشكوك تتزايد حول تزويد روسيا لخلايا "حزب العمال الكردستاني" المنتشرة بريف حلب ببعض الأسلحة، لاستخدامها بتوقيت محدد خدمةً للأجندة الروسية.

قلق روسي من تفاهمات تركية – أميركية

أفاد مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا أن وفداً من الكونغرس الأميركي زار أنقرة في 23 نيسان 2022، والتقى "إبراهيم كالين" مستشار الرئيس التركي، ونائب وزير الخارجية "سادات أونال".

وتركزت المباحثات حول قضايا عسكرية وأمنية، على رأسها صفقة الطائرات الحربية المتطورة التي تريد أنقرة إتمامها مع الجانب الأميركي، وموقف واشنطن من تشغيل منظومة "إس 400"، إلى جانب الدعم الأميركي لـ"قسد"، وما يلحقه من ضرر بالعلاقات التركية – الأميركية.

ويبدو أن روسيا قلقة من احتمالية إنجاز تفاهمات تركية – أميركية في هذا التوقيت، الذي تبحث فيه واشنطن عن توحيد الحلفاء ضد روسيا في الصراع الأوكراني، مما قد يدفعها بالفعل إلى تقديم تنازلات لتركيا تتضمن شمال شرقي سوريا، على غرار ما حصل في آواخر عام 2019 عندما أتاحت إدارة ترامب المجال لتركيا لتنفيذ عملية "نبع السلام".

تحركات تركيا في ملف نقل الطاقة إلى أوروبا

تشير التحركات التركية الأخيرة في ملف الطاقة، إلى رغبة بالتحرر أكثر من القيود الروسية، على غرار ما تفعله باقي دول أوروبا وعلى رأسها ألمانيا، وهذا يعكس توجه تركيا للاستقلال أكثر عن السياسات الروسية، ويبدو أنه استجابة للمطالب الأميركية بوقف استيراد الغاز والنفط الروسي، لكن الأهم من ذلك أن تركيا تحاول استثمار الفرص الناجمة عن اتجاه أوروبا للبحث عن مصادر بديلة للغاز الروسي.

وفي أواخر آذار من العام الجاري التقى وزير الطاقة التركي "فاتح دونماز" مع نظيرته الإسرائيلية "كارين الهرار" على هامش مؤتمر الطاقة في باريس، واتفق الجانبان على تنسيق زيارة للوزير التركي إلى إسرائيل في وقت لاحق، بالتزامن مع توجه واضح لتطبيع العلاقات بين البلدين، إذ تركز أنقرة على ملف نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر أراضيها، والتفاهم حول ثروات حوض البحر المتوسط.

الأنظار التركية أيضاً تتجه إلى إقليم كردستان العراق، ومن غير المستبعد أن تكون هناك خطط مستقبلية لنقل الغاز من الإقليم إلى الأراضي التركية، خاصة أن شركة "كار غروب" قد وقعت اتفاقاً مع حكومة الإقليم في كانون الثاني 2022، لنقل الغاز من حقل "كورمو" إلى دهوك القريبة من الحدود التركية مروراً بأربيل.

وسبق أن وقعت تركيا تفاهماً مع حكومة إقليم كردستان العراق عام 2013 لاستيراد الغاز، لكن انقطاع مخصصات دعم تأسيس البنية التحتية لإنتاج الغاز في الإقليم من قبل الحكومة العراقية الاتحادية، حال دون عمليات التصدير، ومن المحتمل أن تتجه تركيا إلى الاستثمار في قطاع الغاز ضمن الإقليم، بعد تذليل العقبات وتقويض نفوذ "حزب العمال الكردستاني" في المنطق عبر العمليات العسكرية المتلاحقة.

وسواء كانت تركيا تبحث عن خفض اعتمادها على الغاز الروسي، أو أنها تخطط بالإضافة إلى ذلك لتكون منصة لتصدير الغاز باتجاه أوروبا وتوفير بدائل عن روسيا، فهذه السياسات ستؤدي بالضرورة إلى ردود أفعال روسية، مسرحها بشكل أساسي الملف السوري، للتأكيد على عدم تراجع قدرة موسكو رغم استنزافها بالصراع الأوكراني.

ويبدو أن أنقرة تعمل على استثمار الورطة الروسية في أوكرانيا من أجل تعظيم مكاسبها السياسية والاقتصادية، ويمكن ملاحظة ارتفاع وتيرة الغارات الجوية التركية منذ مطلع نيسان الجاري في شمال شرقي سوريا، ومحاولة استغلال الاتفاقيات الدولية للتأثير على حجم الانتشار العسكري الروسي في سوريا، فقد عمدت تركيا إلى إغلاق مضيق البوسفور وأجوائها أمام السفن والطائرات الروسية، بعد أن نقلت موسكو وحدات عسكرية عديدة من البحر المتوسط وقواعدها في سوريا باتجاه البحر الأسود، يضاف إلى هذا كله تحركات أنقرة في ملف الطاقة، والمسار التفاوضي مع الدول الغربية على صفقات السلاح.