icon
التغطية الحية

موت بطيء يعيشه مرضى الشمال السوري بانتظار علاجهم في تركيا

2020.10.03 | 13:59 دمشق

syria12.jpg
مرضى سوريون يستعدون للدخول إلى تركيا عبر معبر باب الهوى
تلفزيون سوريا - حسام الجبلاوي
+A
حجم الخط
-A

بعد عدة أيام من المناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقها عدد من الصحفيين والناشطين، دخل الطفل معتز كحيل الذي ولد قبل أقل من شهر، وهو يعاني من حالة "سماك خلقية" تهدد حياته، إلى الأراضي التركية للعلاج، بينما ينتظر الطفل عبد الرحمن  البكور، البالغ من العمر 13 عاماً والمريض بنقص الصفيحات الدموية منذ الولادة ويتعرض منذ فترة للنزيف المتكرر، أن تؤدي هذه المناشدات لمصير مشابه، وأن يتم له السماح بالدخول للعلاج.

مئات المرضى، مثل عبد الرحمن ينتظرون يومياً على أمل سماع أصوات آلامهم من الطرف الآخر للحدود، والاستجابة لمناشداتهم الإنسانية، وفتح المعابر مع تركيا للمرضى لتمكينهم من العلاج.

 

موت بطيء

تأتي هذه المعاناة مع استمرار السلطات التركية إغلاق المعابر الحدودية مع سوريا أمام الحالات المرضية الباردة، منذ قرابة خمسة أشهر، تجنباً لانتشار فيروس "كورونا"، ما أثر سلباً على كثير من الحالات الإنسانية المرضية.

وأمام ضعف الإمكانيات الطبية في الشمال السوري، وعدم وجود مراكز طبية وأجهزة مؤهلة لعلاج المرضى، بقي هؤلاء أمام رحمة المناشدات الطبية التي يصل قليل منها إلى مسامع بعض المسؤولين الأتراك، وينجح أصحابها بالدخول للعلاج، بينما يبقى كثيرون على لوائح الانتظار.

وأوضح مدير المكتب الإعلامي لمعبر باب الهوى، مازن علوش، في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، أن "الحالات المسموح بدخولهاً حالياً هي فقط السرطان والحالات الإسعافية وبعض الحالات الباردة التي تشكل خطراً على حياة المريض"، مضيفاً أن "مشاورات تجري مع الجانب التركي لإعادة السماح بدخول أصحاب الأمراض المزمنة، الذين تصنف حالاتهم باردة، مثل مرضى القلب والعصبية بشكل أكبر".

وأضاف علوش أن دخول المرضى السوريين للعلاج قبل أزمة "كورونا" كان متاحاً بشكل أكبر، مشيراً إلى أن الحالات التي حولت كحالات باردة في العام 2019 بلغت 6 آلاف حالة، لكن في الوقت الحالي يستقبل الجانب التركي حالات الإسعاف بمعدل 8 إلى 10 حالات يومياً فقط، ومنذ أيام أتيح لعدد محدد من مرضى السرطان الانتقال للعلاج في تركيا.

 

مرضى بلا سند

وجه آخر للمعاناة تمثّل في مناشدات مرضى سوريين انتقلوا للعلاج في تركيا دون وجود مرافق معهم، وذلك بعد إلغاء الجانب التركي السماح بدخول مرافقين مع المرضى، سواء حالات الإسعاف أو الحالات الباردة، باستثناء الأطفال ممن هم دون ثماني سنوات.

سامي نعنوع، مريض مصاب بالسرطان وعمره يتجاوز 65 سنة، دخل قبل قرابة شهر إلى تركيا بعد انتظار دام لأشهر طويلة، ساءت على إثرها حالته، ولم يسمح له بأي مرافق من أبنائه، ونُقل خلال فترة علاجه بين عدة مشافٍ في تركيا، قبل أن يصل خبر وفاته إلى أبنائه.

يقول علاء، الابن الأكبر لسامي، لموقع "تلفزيون سوريا" إن والده عانى كثيراً في تركيا نتيجة عدم وجود أي أحد بجانبه، حيث نُقل بداية إلى مشفى هاتاي جنوب تركيا وبقي هناك ليومين دون تلقي أي علاج، بحجة عدم وجود علاج لمرضى السرطان في هذا المشفى.

وأوضح علاء "نُقل والدي عبر أحد أصدقائنا في تركيا إلى مشفى آخر، حيث طلب أطباء مشفى هاتاي نقله عبر سيارة خاصة بحجة عدم موافقة المشفى الآخر على استقباله، وبالفعل نقل بسيارة خاصة على الرغم من أن حالته كانت تستدعي نقله عبر سيارة إسعاف، حيث وصل إلى مشفى الجامعة في أنطاكيا المختص بأمراض السرطان، وبقي هناك عدة ساعات قبل أن يتم إعادته مجدداً إلى مشفى هاتاي بحجة عدم وجود أسرة كافية".

ويضيف "بعد ساعات من عودته لمشفى هاتي، توفي دون أن يكون أحد بجانبه"، متسائلاً "هل يعقل أن يبقى المريض وحيداً وغير قادر على الحركة دون أن يكون معه أحد يرعاه، ثم تتقاذفه المشافي بهذا الشكل؟؟".

قصة سامي واحدة من قصص معاناة يومية تكتب في المشافي التركية، الطفلة زهراء إحداها، دخلت الطفلة ذو العشرة أعوام قبل عدة أسابيع إلى تركيا بحالة إسعافية، إثر تعرضها لحروق من الدرجة الثانية جرّاء حريق نشب في خيمتها.

بقيت زهراء لأكثر من شهر ونصف بلا أي أحد من عائلتها، وعانت كثيراً في المشافي التركية رغم مناشدتها المتكررة لإدخال أحد أفراد عائلتها لرعايتها.

 

حاجة ماسة

وتكمن معاناة المرضى السوريين في المشافي التركية، كما يوضح إبراهيم برو، وهو مترجم سوري يعمل في المشافي التركية، بعجز معظم هؤلاء عن الحركة، وعدم استطاعة الكادر الطبي تلبية حاجاتهم في بعض الأحيان.

ويضيف كريم، في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا" إن "بعض المرضى من العجائز وآخرين من الأطفال ولا يتمكنون من التواصل مع الكادر الطبي بسبب عدم معرفتهم اللغة التركية"، مضيفاً "يبقى عدد كبير منهم لفترات طويلة في تركيا أثناء العلاج، وهم بحاجة للمتابعة والخدمة على مدار الساعة".

ويرى المترجم السوري أن هناك حاجة ماسة لتعديل قرار دخول المرافق، خاصة للأطفال والعجائز، لاسيما أن معظم المترجمين السوريين يعملون فقط حتى الساعة الخامسة عصراً، ويُترك هؤلاء المرضى دون أن يوجد أي أحد قادر على مساعدتهم أو التفاهم مع الكادر الطبي".

من جانب آخر، أكد الطبيب قصي السيد المقيم في مدينة إدلب، أن مشافي المناطق الشمالية تفتقد إلى المراكز التخصصية لاسيما مراكز الأورام السرطانية و أمراض الكلى والعصبية، منوها إلى عدم قدرة القطاع الطبي على علاج الكثير من  الحالات في الداخل السوري، نتيجة التدمير الممنهج للمشافي والنقاط الطبية في شمال غرب سوريا، موضحاً أن دخول مرضى هذه الحالات إلى تركيا هو "حاجة ماسة وضرورية".

وأشار الطبيب، في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، إلى أن استمرار إغلاق المعبر بوجه المرضى "يشكل خطراً كبيراً على حياتهم"، داعياً في الوقت ذاته إلى تزويد المشافي والمراكز الطبية في الشمال السوري وتأهيل بنيتها التحتية لتقليل الأعداد.

وسبق أن ناشد "فريق منسقو استجابة سوريا" السلطات التركية لإعادة افتتاح معبر باب الهوى أمام الحالات الطبية التي لا يمكن علاجها في الشمال السوري، محذراً في بيانه من تزايد حالات الوفيات بين المرضى الذين يتطلب علاجهم معدات وأدوية نوعية غير متوفرة في المنطقة.

 

اقرأ أيضاً: تركيا تسمح بدخول الطفل السوري فاقد اليدين والقدمين لتلقي الرعاية