icon
التغطية الحية

مهلة تنتهي وفرصة للثأر.. "كسر عظم" بين الجبهة الشامية وأحرار الشام

2022.05.30 | 12:43 دمشق

أحرار الشام
عناصر من "حركة أحرار الشام" خلال تخريج دورة مشاة - 8 نيسان 2021
حلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

بعد اندماج الطرفين بشكل كامل، عام 2017؛ انتهت العلاقة التنظيمية رسمياً، يوم الأحد الفائت، بين الجبهة الشامية (الفيلق الثالث)، وأحرار الشام/ القطاع الشرقي، عقب خلافات نشبت بينهما، في شهر نيسان الماضي، تطورت إلى مواجهات عسكرية أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى من الطرفين، في منطقة عولان القريبة من مدينة الباب شرقي حلب.

وكشف موقع تلفزيون سوريا قبل أيام عن مراحل الخلاف بين الطرفين وجذوره، والأحداث الناجمة عنه، كمحاولة قطاع أحرار الشام في منطقة الباب الانضمام إلى "هيئة ثائرون للتحرير" في الجيش الوطني، ثم تدخل القيادة المركزية لأحرار الشام في القضية، وتهديد قائدها السابق حسن صوفان بالتدخل عسكرياً في حال تعرض القطاع لهجمات من الفيلق الثالث.

"القطاع" يعود إلى أحرار الشام رسمياً

في 26 أيار الجاري أعلنت حسابات إعلامية رديفة للجيش الوطني السوري عن حشود عسكرية لهيئة تحرير الشام على أطراف منطقة "غصن الزيتون" (عفرين) للتدخل لصالح القطاع المنشق عن الفيلق الثالث، في حين أرسل الجيش الوطني تعزيزات ضخمة إلى مدينة عفرين تحسباً لأي هجمات قد تتعرض لها المنطقة.

وبعد يوم واحد، توجه وفد من قيادة حركة أحرار الشام (التي يتركز وجودها في إدلب والساحل وجنديرس في عفرين)، إلى القطاع الشرقي للحركة في منطقة الباب، في خطوة وصفت بالاستفزازية للفيلق الثالث، الذي كان ينتظر انتهاء المهلة الموضوعة من قبل اللجنة الوطنية للإصلاح لتسوية الخلافات والحقوق المادية والعسكرية بين الطرفين.


 

 

ومساء الأحد الفائت، أعلن القطاع الشرقي عن عودته إلى حركة أحرار الشام، رافضاً بشكل غير مباشر ما صدر عن اللجنة الوطنية للإصلاح، إذ اعتبر أنها حكمت بشكل "مسيّس"، مضيفاً أن "تحرير القضايا والحقوق المتعلقة بالقطاع تُراجع فيها القيادة العامة للحركة".

في وقت متزامن أصدرت أحرار الشام بياناً قالت فيه: "رغم كل المناشدات التي تم إطلاقها لتهدئة الأجواء وإصلاح ذات البين في هذا الظرف الحساس الذي تمر به المنطقة، تم معاودة إذكاء شرارة الخلاف بإصدار قرار يسلب القطاع الشرقي في الحركة جل حقوقه ومقراته لصالح الجبهة الشامية بطريقة مسيسة بعيدة عن أبسط قواعد العدل التي منها مراجعة الطرفين وسماع ما عند كل طرف من حجة وبرهان".

وأعلنت الحركة عن عودة القطاع الشرقي إلى صفوفها، منعاً لشرعنة اجتثاثه، على أن تتولى قيادة الحركة معالجة جميع متعلقاتهم ضمن حقوق الجماعة المستحقة لها مع جميع الأطراف، داعية إلى التخلي عن لغة التجييش والتهديد والوعيد وتوجيه الاهتمامات إلى إعداد الجبهات العسكرية والاستعداد للمعارك وحماية الأراضي والتصدي للأعداء بدلا من الانشغال في الخلافات الداخلية.


 

 

وفي السياق نفسه، أعاد قائد حركة أحرار الشام عامر الشيخ نشر تغريدة سابقة للشرعي العام السابق في الحركة "أبو عبد الملك" تعود إلى عام 2014، يقول فيها: "‏إن قيمة الجندي عظيمة عند القائد، فما انعقدت بيعة الرضوان إلا من أجله، وما غزوة مؤتة ولا تسيير أرتال جيش العسرة إلا ثأر له"، وهو ما فُسّر على أنه توظيف للتغريدة في الخلاف مع الفيلق الثالث.

مهلة 72 ساعة.. ومفتي الجمهورية يتابع التطورات

بتاريخ 25 أيار، أصدرت اللجنة الوطنية للإصلاح بياناً حكمت فيه بالخلاف بين الطرفين، جاء فيه أن مقار ونقاط رباط "الفرقة 32" التابعة للفيلق الثالث تبقى تحت سيطرة قيادة الفيلق باستثناء عدة مقار ونقاط تبقى مع المجموعات المغادرة، موضحة أن المقار المستثناة هي: (مقر العمارنة جرابلس، ومقر حماة العقيدة جرابلس، و3 نقاط رباط عرب حسن في جرابلس، ومقر الكتيبة الأولى في قباسين، وحاجز أم عدسة، وقطاع العجمي مع نقاط رباطه).

وأضافت أن المجموعات المغادرة تلتزم بتسليم كافة الذخائر والأسلحة المسلمة لها وفق القائمة المرفقة بتاريخ 2022/1/25 في المستودع الاحتياطي (صفر) إلا ما استهلك منها بأمر من القائد العسكري للفيلق الثالث وإعادة السلاح المحتجز من قبلهم للفيلق، في أثناء المشكلة بتاريخ 1 نيسان، وتنفيذ ما ذكر أعلاه وتسليمه لقيادة الفيلق عن طريق اللجنة الوطنية للإصلاح خلال مدة 72 ساعة اعتباراً من تاريخ صدور القرار (انتهت المدة).

في المقابل قالت اللجنة، إن الفيلق الثالث يلتزم بتسديد كل الذمم المالية للمجموعات المغادرة عن طريق اللجنة الوطنية للإصلاح بعد التثبت.

 

 

وقال رئيس اللجنة الوطنية للإصلاح، عمر حذيفة، في بيان، إن مرجعية اللجنة في عملها، هو مفتي الجمهورية العربية السورية الشيخ أسامة الرفاعي، بالتنسيق التام مع المسؤولين المباشرين عن الملف السوري من الجانب التركي، وقد أكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن اللجنة كانت تُطلع الشيخ الرفاعي على مستجدات القضية، وأرسلت له النسخة النهائية من القرار بهذا الخصوص.

ويذكر أن كلاً من الفيلق الثالث، وأحرار الشام /القطاع الشرقي، أعلنا في وقت سابق التزامهما بما سيصدر عن اللجنة الوطنية للإصلاح، لكن القطاع اعتبر فيما بعد أن القرار مسيّس ومنحاز لصالح الفيلق، بالتالي رفض تطبيقه.

ووفقاً لمعلومات حصل عليها موقع تلفزيون سوريا، فإن وجود المنشقين عن الفيلق الثالث لا يقتصر على منطقة عولان شرقي حلب، حيث توجد مجموعات أخرى في مدينتي جرابلس واعزاز بريف حلب، ومدينة تل أبيض بريف الرقة.

الفيلق الثالث يتهم حسن صوفان بالتحريض

اتهم الفيلق الثالث عبر بيان رسمي، حسن صوفان بتحريض بعض مكونات "الفرقة 32" (أحرار الشام القطاع الشرقي) التابعة للفيلق الثالث، على الانشقاق عن الفيلق والعودة إلى صفوف الحركة.

وأشار الفيلق إلى حدوث أزمة مطالب لدى بعض المنشقين فعلّقوا تنفيذ المهام الموكلة إليهم حتى تتحقق مطالبهم، مضيفاً: "مع استمرار تعنت البعض في حلحلة الإشكال تم تفويض لجنة من القيادة تفويضاً كاملاً لبحث المطالب وحل الأمور، وقد بذل الإخوة في اللجنة قصارى جهدهم للحل إلا أن جهودهم قوبلت بالتهرب، ومن ثم تدخل علماء من حملة ارم معهم بسهم، فتم تفويضهم أيضاً من القيادة تفويضاً تاماً، لنتفاجأ أيضاً أن مبادرتهم قوبلت بالتنصل والرفض، فعلمنا يقيناً أن هذا الرفض مقترن بتجهيز سري للانشقاق عن الفيلق الثالث".

وذكر أن الأمر كان بإشراف وتنسيق "صوفان" الذي أقنعهم به دون أي سابق تواصل منه مع الفيلق الثالث، ولقطع الطريق على هذا الانشقاق أصدرت قيادة الفيلق قرار عزل (أبو حيدر مسكنة - أبو عدي البوغاز)  وقد قوبل هذا العزل بتصدًّ عسكري للقرار ورفضه، ثم أعلنوا رسمياً انشقاقهم وطلبوا تدخل اللجنة الوطنية للإصلاح  للنظر في القضية.

وتابع: "نتيجة لذلك وتغليباً للمصلحة العامة فوضنا اللجنة الوطنية التي استمرت بعملها وبحثها وسماعها للأطراف قرابة شهرين، وانتهت إلى قرار واضح يفصل بين حقوق الطرفين، لنتفاجأ بتصعيد وتهديد من "حسن صوفان" وفريقه من قبيل أن القرار ظالم وجائر وغير مقبول لديهم".

فرصة للثأر

ترى حركة أحرار الشام أن الأحداث الحالية تعد فرصة للثأر من الجبهة الشامية بسبب استقبالها كتلاً عسكرية انشقت عن الحركة، عام 2021، بسبب الانقلاب الذي حصل على "جابر علي باشا" القائد السابق لها.

وأعلن "لواء بدر" و"لواء العباس" و"مجموعات الشرقي" في إدلب، إلى جانب تجمع حلب، الانشقاق عن الحركة والانضمام إلى الجبهة الشامية، بعد أيام من انشقاق 400 مقاتل من الأحرار  نحو "الشامية" أيضاً، وجميعهم يعملون ضمن "كتلة حمص"، التي تمثل ثلث القوة الضاربة لأحرار الشام تحت قيادة أبي فيصل الأنصاري قائد قوات المغاوير سابقاً.

وشهدت الحركة خلافات كبيرة داخل مكوناتها منذ نحو عام، على خلفية عملية الانقلاب التي قادها القائد العام السابق للحركة، حسن صوفان، على قيادة الحركة المتمثلة بـ جابر علي باشا، ورغم التوصل إلى حل توافقي، نصّ على تعيين عامر الشيخ (أبي عبيدة) قائداً عاماً للحركة، فإن ذلك لم يُعد الأمور إلى نصابها، إذ اعتبرت شريحة واسعة من عناصر الحركة، أن المتحكم الفعلي بالفصيل هو حسن صوفان، الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع "هيئة تحرير الشام"، وقائدها أبي محمد الجولاني.

وقبل أيام ذكرت أحرار الشام في بيان لها أن "المواقف المخزية تكررت من الشامية في أسوأ ظروف الحركة بعد خروجها من الإشكال الماضي، حيث قامت بشكل مقصود وممنهج بشق مجاميع من الحركة واستغلال ظرف الحركة لتحقيق مصالح ضيقة لا تعدو أرنبة أنوفهم، رغم الاتفاق الرسمي الذي تم مع قيادتها ممثلة بقائدها العام وقائدها العسكري بعدم استقبال أي أحد إلا باتفاق مع قيادة الحركة وبراءة ذمة".

مخاوف من تمدد هيئة تحرير الشام

يسود تخوف في منطقة ريف حلب الشمالي من استغلال هيئة تحرير الشام لهذه الأحداث، من خلال التحالف مع أحرار الشام والتمدد في ريف حلب الشمالي بذريعة حماية أفراد القطاع الشرقي للحركة من ردة فعل الفيلق الثالث.

وقال الباحث فراس فحام، هناك ‏موجة صراع أيديولوجية جديدة تهدد شمال غربي سوريا، فهيئة تحرير الشام تحشد أتباعها لمواجهة جيش الإسلام بذريعة العمالة للسعودية ونصرة القطاع الشرقي في أحرار الشام بعد التسويق لمظلوميته مع الفيلق الثالث، مضيفاً أنه قد تبدأ عملية دخول الهيئة للمنطقة تحت غطاء أحرار الشام.

وما يعزز ذلك، بدء "هيئة تحرير الشام" مطلع شهر أيار الجاري حملة إعلامية منظّمة ضد "جيش الإسلام" العامل ضمن الفيلق الثالث، بذريعة أن الجيش استغل زيارة بعض عناصر الهيئة إلى منطقة "غصن الزيتون" شمالي حلب في فترة عيد الفطر، لبدء حملة أمنية بهدف اعتقال أفراد الهيئة قبل عودتهم إلى إدلب.

ورأى مصدر مطلع في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن "الأمر غير متعلق بجيش الإسلام أبداً، بل إن هيئة تحرير الشام تهدف لإنهاء وجود أو قوة الشامية وجيش الإسلام، وفرض سطوتها على منطقة شمال غربي سوريا بالكامل"، وتحاول من خلال "شيطنة جيش الإسلام إيجاد المبرر الأخلاقي والشرعي لبدء أي هجوم"، واليوم وجدت ذريعة أخرى تتمثل بالدفاع عن القطاع الشرقي لأحرار الشام.

وتصدى بعض قادة الجيش الوطني للرد على الهيئة، محذرين من دوافعها من التحريض على الفصائل العاملة شمالي حلب، حيث قال القيادي الفاروق أبو بكر: "ذباب النصرة الإلكتروني وإعلامها الرديف يؤزون أز الشياطين بالتحريض على فصائل الشمال ويختلقون الذرائع ويمهدون لصناعة رأي عام يبرر لهم دخولهم للشمال، والذريعة اليوم جيش الإسلام.. فهل ستتعظ فصائل الشمال وتقف وقفة واحدة بخندق واحد في وجه مشروعهم الإجرامي وخطتهم الخبيثة أم سيكون مصيرهم مصير الفصائل السابقة؟".