icon
التغطية الحية

مهرجان يعرض في المملكة المتحدة التراث الثقافي الغني لسوريا | صور

2022.03.15 | 13:31 دمشق

فيلم دنيا السوري الذي يحكي قصة فتاة من حلب
فيلم دنيا السوري الذي يحكي قصة فتاة من حلب
ميدل إيست آي - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

دُمرت سوريا بسبب الحرب التي قامت منذ عام 2011، حيث قتل قرابة نصف مليون إنسان بسببها ونزح الملايين غيرهم. إلا أن من نظموا مهرجان الاحتفاء بسوريا للفنون والثقافة يأملون أن يقدموا جانباً مختلفاً عن سوريا، أي ذلك الجانب الذي يميط اللثام عن إبداعات الفنانين السوريين في عموم المملكة المتحدة وما سواها.

أقيم هذا المهرجان في مدينة مانشستر الواقعة شمالي البلاد، حيث تم افتتاح معرض في عام 2017 خلال الفترة الواقعة ما بين 11-26 آذار، وتدور فكرته حول المسافات، إذ استلهم هذا الموضوع من خلال إجراءات التباعد الاجتماعي التي فرضت خلال مرحلة تفشي جائحة فيروس كورونا، بالإضافة إلى تجربة السوريين في هذا المضمار مع بداية الحرب التي قامت في 2011.

ولذلك يدرك السوريون جيداً معنى البعد والمسافة والشوق، وذلك لأن نسبة كبيرة من الشعب السوري، تصل إلى خمسه، أجبرت على النزوح القسري أو اللجوء منذ بداية النزاع.

ومن خلال عرض وتقديم الموسيقا التي ألفها سوريون، يحاول هذا المهرجان تقليص المسافات بين السوريين في الشتات، عبر الجمع بينهم من خلال رابطة التراث والثقافة المشتركة.

"البحث عن الإبداع"

جمعت الدورة الثانية من هذا المهرجان بين فعاليات فيزيائية وأخرى تتم عبر الشابكة، أما دورته المقامة في عام 2021 فقد أجريت بأكملها عبر الشابكة بسبب تفشي الجائحة.

وفي ترحيب بظروف القدر التي تغيرت بالنسبة لمن نظموا هذا المهرجان، توحي المقدمة التي عرضوها عبر الشابكة بقدرتهم على جمع المشاركين في مختلف بقاع العالم بطريقة لم تكن لتتاح لهم في حال أقيم المعرض بشكل فيزيائي بحت، وذلك لأن المرونة أصبحت شيئاً يرحب به السوريون الذين يعيشون في أماكن متفرقة من العالم من جراء النزاع.

تقول عبير طوبجي وهي إحدى من شاركوا في تأسيس هذا المهرجان: "إننا لا ننتج فنوناً جديدة في هذا المهرجان، بل نبحث عن الابداع ونحتفي به في منفانا".

فمن الأهداف الرئيسية لهذا المهرجان برأي عبير رسم صورة جديدة عن سوريا، بعيدة عن الحرب والمعاناة، إذ ترى عبير أن الأخبار حددت أفكار معظم الناس عن سوريا، إلا أن تلك الأخبار أهملت التنوع الثقافي والفني الغني في سوريا إلى حد بعيد.

ويؤكد منظم آخر لهذا المهرجان، واسمه هيثم الحموي على هذه النقطة أيضاً، وذلك بقوله: "إن الأمل بهذا المهرجان والهدف الساعي لتكراره كل سنة يتمثل في تغيير الطريقة التي يتم من خلالها الربط بين سوريا والحزن والأسى والشقاء واللجوء والحرب، ولذلك نسعى لربط سوريا بشيء جدير بها، ألا وهو الأصالة والتراث والفنون والثقافة والسعادة".

وضمن الجهود الساعية لتسليط الضوء على التراث الثقافي الثري لسوريا، يقيم هذا المهرجان 20 احتفالية ومناسبة تشمل ورشات ومعرضاً فنياً وعروضاً مسرحية وموسيقية وحلقات نقاش وعروضاً سينمائية.

حكايات لم ترو

يعتبر المعرض الفني من السمات الأساسية لدورة 2022 من هذا المهرجان، إذ شمل هذا المعرض أعمالاً قدمها فنانون على رأسهم خالدة الخمري، ولينا سحلول ومانيا الخمري، وطارق توما.

تمثل مساهمة لينا سحلول سلسلة مؤلفة من خمسة أعمال مميزة، لكونها تلفت نظر المشاهد إما إلى عيون الشخصية المعروضة أو إلى قسمات أخرى في وجهها.

ومن بين أعمالها المعروضة في المهرجان ثمة فتاة يافعة تنظر من نافذة، وتعابير الجدية بادية على وجهها، وقد أطلقت على هذا العمل اسم: المضطهدة ويعتبر هذا العمل جزءاً من مجموعة وجوه من سوريا، التي رسمتها لينا قبل عشر سنوات خلال الفترة الأولى لوصولها إلى المملكة المتحدة.

The Oppressed by Lina Shaloul

لوحة المضطهدة للينا سحلول

تشرح لنا لينا أن تلك الصور تمثل طريقة لإثارة الفكرة التي ترى بأنه يتعين على المرء أن يتجاوز نفسه، وأن يدعو الآخرين للبحث عن قصص لم تحك ولم يسمع بها أحد، وتعلق لينا على ذلك بقولها: "بما أني بريطانية من أصول سورية لذا فقد أصبحت أنتمي لعالمين، أحدهما متحرر والآخر مُضَطَهَد، وقبل بدء الإبادة التي وقعت في سوريا، كنت صغيرة جداً ولم يكن بوسعي أن أستوعب ما يعنيه الظلم والاضطهاد هناك... ففي مجتمعنا لن يبدو الشخص مضطهداً من خلال نافذة بيته، لكن كل شيء داخله يريد أن يهرب ويتوق للحرية التي ستنتشر وتعم في نهاية المطاف".

وتتابع بالقول: "بالنسبة لي تعكس الوجوه إحساس المرء بتكميم صوته وهذا ما يحس به غالبية السوريين في زمن الحرب، كما أن تلك الوجوه تعكس الدمار الموجود في داخلي، ولهذا السبب أتت الوجوه التي قدمتها مهشمة ومحطمة في معظم الأحيان".

قدم هذا المهرجان أيضاً عروضاً موسيقية قدمها المطرب عمران زين الذي جمع بين تدريبه على الغناء العربي الكلاسيكي وموسيقى الجاز المعاصرة. فيما قدم العزف على العود إلى جانب عمران زين الموسيقي كريم سمارة وعازف الإيقاع وليد زيلو.

ومن أهم العازفين والمؤدين في هذا المهرجان نذكر الأخوين حسن ورامي نخلة المنحدرين من مرتفعات الجولان، أما أغانيهما فتعتبر بمثابة رد جميل وإحياء للأسلوب الإيقاعي الذي ساد في ثمانينيات القرن الماضي.

syria music

من أحد العروض الموسيقية التي يتضمنها المهرجان

هذا ويجمع ألبومهما الذي يحمل عنوان: الطيور المهاجرة بين الأسلوب العربي الكلاسيكي والآلات الموسيقية الحديثة مثل الغيتار الكهربائي الذي يصدر صوتاً فريداً يجمع ما بين التقليدي والعصري.

من أهم الأفكار التي يعبر عنها ألبوم هذين الفنانين إحساسهما بانعدام الهوية بما أنهما ينحدران من مرتفعات الجولان المحتلة.

syria music

الشقيقان حسن ورامي نخلة

أقام منظمو هذا المهرجان ورشات عمل حول الأشكال التقليدية للرقص السوري مثل الدبكة والرقص الفلكلوري المعروف في منطقة بلاد الشام والذي يؤدى عبر تشكيل حلقة أو صف مستقيم خلال الأعراس وغيرها من الاحتفالات.

أما العروض السينمائية فكان من بينها فيلم دنيا الذي يحكي قصة طفلة سورية تسببت الحرب باقتلاعها من جذورها في حلب بعد حياة مثالية عاشتها هناك برفقة جديها، غير أن حكمة الجدين ساعدت تلك الفتاة على بدء حياة جديدة في المنفى.

ذكريات تقبع في الجيوب

إلى جانب المعرض والعروض الفنية والسينمائية، يقيم المهرجان حلقات نقاش حول مواضيع تنوعت بين الكتابة في زمن الحرب والتاريخ وقضية النزوح، ولذلك ستكون رشا يوسف التي تعمل في مجال إعادة توطين اللاجئين محاضرة رئيسية في حلقة حول التذكر والنسيان، حيث ستشارك الجمهور خبراتها وتجاربها التي اكتسبتها خلال العقد الماضي من الزمان.

إذ بعدما بدأت مهنتها كعالمة آثار، قررت رشا تسخير كل وقتها لتغيير الصورة النمطية التي تحيط باللاجئ.

ومن بين الجهود التي بذلتها في هذا المضمار تأسيسها لمشروع كبسولة الزمن السورية وهي عبارة عن مجموعة من القصص التي تدور حول أشياء قطعت آلاف الكيلومترات داخل جيوب اللاجئين، وتعلق رشا على ذلك بقولها: "بما أننا مهاجرون ولاجئون بشكل قسري، لذا لم يتبق لنا شيء من بيوتنا، سوى القليل من الذكريات التي نحتفظ بها... ولهذا أعتقد بأننا نحمل ذكرياتنا في جيوبنا وحقائبنا وجدران بيوتنا وأجسادنا وأروحنا".

ومن الأجزاء التي يتضمنها مشروع كبسولة الزمن شيء يعرف باسم لص الياسمين، وهو عمل جمعه أشخاص قطفوا أزهار الياسمين قبل رحيلهم من سوريا، وذلك ليحتفظوا بها كتذكار من بلدهم يساعدهم على استرجاع ماضيهم والارتباط به من جديد.

هنالك مادة أخرى ضمن تلك الكبسولة تعرف باسم فنجان في بلم، نقشت عليه أمان طيبة تمناها اللاجئون لأنفسهم قبل مغادرتهم لبلدهم، وعن ذلك تقول رشا: "أردت أن أكتشف... كيف يختار الناس التعبير عن أنفسهم من خلال الأشياء المادية التي جلبوها معهم من مكان كان يدعى الوطن في وقت من الأوقات".

  المصدر: ميدل إيست آي