من سيرة آل الأسد: صهر متعدد المهام

2019.10.06 | 19:55 دمشق

13054990_1082286441794724_9118918883316303206_o.jpg
+A
حجم الخط
-A

لم تبتهل روعة الأسد إلى الله بحرارة كما تفعل هذه الأيام، فوضع زوجها الصحي مقلق رغم مرور أكثر من أسبوع على الوعكة الحادة التي أصابته. ليته ينهض ويتعافى، حتى لو عاد إلى علاقاته النسائية التي سممت حياتهما الطويلة معاً، منذ تعرفت إليه شاباً في مطلع ثلاثينياته وحتى اقترابه من الخامسة والسبعين. كان وسيماً وحلو المعشر في تلك السنوات من أوائل الثمانينات فلفت نظرها واختارته. ورغم أنه لم يكن ابن سلالة مرموقة في الحكم، لكنه من الطائفة على الأقل، وستتكفل هي بالباقي.

قبل سنوات، في عام 1976، كانت قد فقدت أباها الخمسيني، محمد، بسرطان مفاجئ في الفك لم تفلح مساعي أخيه غير الشقيق، الرئيس حافظ، في تداركه، فقرر التعويض عن ذلك بضم أبناء الفقيد إلى كنفه، لا سيما وأنهم كانوا في أعمار حساسة من آخر الطفولة إلى الشباب المبكر. وبين الأولاد الستة، الصبيَّان والبنات الأربع، كانت روعة أسرعهن إلى النفاذ إلى قلب عمها ذي الرهبة. فضلاً عن المكانة التي حازتها لدى عمها الآخر، رفعت، الذي كان يفرض سطوته في الخارج ويعامل المقربين بانشراح وتبسط.

ومن هنا لم تجد صعوبة في إدخال يوسف الأحمد إلى العائلة عندما عرفته بينما كانت تدرس في كلية الصيدلة، بزمالة ابنة عمها بشرى، وكان قد نال شهادة الهندسة الكهربائية في جامعة دمشق نفسها. ولأن الطريق إلى وساطة عمها أبي دريد أسهل ونتائجها أسرع فقد لجأت إليه في البداية. وهكذا أصبح خطيبها عضواً في قيادة فرع جامعة دمشق لحزب البعث، رئيساً لمكتب الطلبة فيه، بينما كان وزنه ونفوذه يفوقان ما لأمين الفرع نفسه. وعبر الخدمات الصغيرة التي صار يقدمها، في الجامعة والسكن المرتبط بها، بدأت شبكة معارفه تتوسع وتزايد محاسيبه. وحين التقطت زوجته بوادر الخلاف بين عميها حولت فوراً باتجاه الثقل الحقيقي، وجرى الأمر بسلاسة ليجد الأحمد نفسه وزيراً للنقل في حكومة عبد الرؤوف الكسم الثالثة، منذ 1985.

وهكذا أصبح خطيبها عضواً في قيادة فرع جامعة دمشق لحزب البعث، رئيساً لمكتب الطلبة فيه، بينما كان وزنه ونفوذه يفوقان ما لأمين الفرع نفسه

تدر وزارة النقل ثروة على متوليها في العادة، فكيف إذا كانت في عهدة وزير «قوي» يعدّ صهراً لحافظ الأسد، بسبب مواظبته وزوجته على علاقاتها الوطيدة بأسرة عمها وأبنائه الذين تربت في بيتهم وبينهم كالإخوة. غير أن ما لم تحسب الزوجة الشابة حسابه، وهي تتحول إلى «أم ماهر» وتنشغل بإنجاب ولدين وابنة وحيدة، هو النزوات التي تتيحها هذه الوزارة لزوجها. وبعد أكثر من حادثة صاخبة، وأكثر من مضيفة في الخطوط الجوية، قررت المرأة أن رجلها يجب ألا يبقى هناك!

لكن أبا ماهر كان قد شق طريقه بما يكفي ليصبح رجلاً موثوقاً في النظام الذي لا يتلقى توجيهاته من غضب النساء. وعلى كل حال لم تكن الإطاحة الكلية به مطلوبة ولا مناسبة، فأرضى الأسد ابنته/ابنة أخيه وأزاح زوجها من وزارة النقل وعيّنه «وزير دولة» في حكومة محمود الزعبي الثانية التي قامت خلال أعوام 1992-2000. وفي هذا المنصب السائل تولى الأحمد رئاسة لجان وزارية عدة كفلت له استمرار نفوذه وزيادة مدخوله.

بعد تولي بشار الأسد، فقد أسندت إليه وظيفة تشريف، هي سفارة سورية في مصر وتمثيلها في الجامعة العربية. وهناك أتيح له مستوى جديد من العلاقات المخملية التي لم تفلح، كما يبدو، في تغيير شيء من طباعه

أما في الألفية الجديدة، بعد تولي بشار الأسد، فقد أسندت إليه وظيفة تشريف، هي سفارة سورية في مصر وتمثيلها في الجامعة العربية. وهناك أتيح له مستوى جديد من العلاقات المخملية التي لم تفلح، كما يبدو، في تغيير شيء من طباعه. إذ يتذكره السوريون، والعرب، غاضباً، مطلقاً الشتائم النابية ضد مندوبي الدول الأعضاء في الجامعة حين قرروا تعليق عضوية سوريا، في أواخر 2011، ثم مغادراً مطار القاهرة، بعد أشهر قليلة، إثر تبادل سحب سفيري الدولتين.

يرى الأحمد أن إخراج النظام من جامعة الدول العربية لم يكن بسبب الجرائم التي ارتكبها ولكن بهدف «تصفية القضية الفلسطينية». ويقول إن دمشق لن تقدّم طلباً للعودة إلى الجامعة لأنها لم تغادرها من تلقاء نفسها. بل لعله لا زال يعتقد بما صرّح به وقتها من وعيد بمحاسبة كل من شارك في صياغة القرار! إذ يبدو أن السنين لم تنل من غلواء الرفيق البعثي العتيد، طالما أنه أصبح، أثناء الثورة، عضو القيادة القطرية للحزب، ثم عضو القيادة المركزية له بعد التغييرات الهيكلية الأخيرة، رئيساً لمكتب التنظيم، مما رتب عليه مهام ملحة لإعادة بناء الشُعب والفرق في المناطق التي انهار فيها الحزب القومي القائد حين خرجت عن سيطرة البوط، حتى استعادها «الجيش العربي السوري» مؤخراً، بمعيّة مجموعة فاغنر الروسية والحرس الثوري الإيراني والأفغان والباكستانيين...

كلمات مفتاحية