من سيرة آل الأسد: الأصهار الشرسون

2019.10.20 | 16:34 دمشق

1570951902.jpg
+A
حجم الخط
-A

يتلوى مروان ديب ألماً إثر فقد وحيده الغيدق على يد قوات النظام في اللاذقية.

على صفحته في فيسبوك، وهي في هذه الأيام نشطة تحظى بمتابعة عالية، يتناقض بين الدعاء والاستغاثة بالله وبين شتم الفاعلين بأقذع الألفاظ وتهديدهم بأن كل قطرة من دم ابنه سيقابلها رأس أحدهم، وأنه سيصير أسوأ من الدواعش في الوحشية. بغض النظر عن تقلبات المشاعر هذه؛ ما هو ثابت أن مروان رفض استلام جثة ابنه المتفحمة وقبول العزاء فيه حتى إجراء تحقيق من لجنة محايدة وتحليل DNA ومحاسبة المسؤولين. وهو ما لم يتراجع عنه رغم ما قيل عن زيارة بشرى الأسد له ومحاولتها تطييب خاطر ابن العمة هذا.

بهيجة الأسد.jpg
بهيجة الأسد

في الحقيقة، كانت مصاهرة آل الأسد مع بيت ديب مفيدة للطرفين، منذ تزوجت بهيجة، الشقيقة الوحيدة لحافظ، أحد أفراد هذه العائلة المعروفة من قرية عين العروس المجاورة. قدّمت عائلة ديب للأسد بعض أبرز ضباطه. وأولهم شفيق فياض ديب، الذي اشتهر بنسبه إلى أبيه، والقائد الموثوق الشهير للفرقة الثالثة التي تولت إخماد التحرك الذي قاده إسلاميون في حلب وحماة في الثمانينيات، ثم لعبت دوراً عسكرياً حاسماً في إحباط تمرد رفعت الأسد، رغم المصاهرة التي ستعود لتجمع بين علاء شفيق فياض ولمى ابنة رفعت. أما الثاني فكان علي ديب، قائد أحد أبرز ألوية سرايا الدفاع التي اقتحمت حماة في شباط 1982، ثم أشهر ضباط القوات الخاصة وأشدهم في لبنان، حيث حصّل ثروة كبيرة. فضلاً عن ضباط آخرين في مواقع مختلفة من قوات النخبة.

وكان لا بد أن تأخذ العائلة حصتها من التشبيح، وإن بمحاولات بدت خرقاء أحياناً. فمثلاً يروي شهود أن أبا معين زوج بهيجة، بعد أن شاخ وضجر، جمع حوله بعض الفتية الذين نشطوا في سرقة الدراجات النارية وشكّلوا «مفرزة» مرتجلة حتى اصطدموا بأحد رجال فواز الأسد، أبرز شبيحة اللاذقية في التسعينيات، الذي قاد «قواته» لتفكيك العصابة الوليدة ومصادرة ممتلكاتها وعناصرها وضرب مؤسسها، مما حدا بأحفاد الأخير، وكانوا دائمي الصدام مع فواز، إلى حشد شبيحتهم وفتح معركة شملت عدداً من أحياء اللاذقية وخلفت ثلاثة قتلى.

هو الذي ألِف القتل منذ كان شاباً ونال حكماً بالإعدام وهو لا يزال طالباً في جامعة تشرين قبل أن يُحل الموضوع ويعود إلى كليته ويتخرج، بسهولة، مهندساً مدنياً

أبرز الأحفاد في الصراعات كان مروان وأخوه أسد. ولذلك يصعب عليه أكثر ما جرى لولده بعد أن تعقّل وتقدم به العمر وتحول إلى «رجل أعمال» اعتاد ارتداء ربطات العنق في هذه الزمن الذي تحكم به اللئام. هو الذي ألِف القتل منذ كان شاباً ونال حكماً بالإعدام وهو لا يزال طالباً في جامعة تشرين، قبل أن يُحل الموضوع ويعود إلى كليته ويتخرج، بسهولة، مهندساً مدنياً.

مروان ديب يقبل يد جدته بهيجة الأسد.jpg
مروان ديب يقبل يد جدته بهيجة الأسد

لا ينحصر الاحتقان في صدر مروان وبين أبناء عائلة ديب وأخوال الغيدق من آل الخيّر، بل يمتد إلى قطاع كبير من أفراد آل الأسد الذين لم يتوانوا عن إظهار غضبهم. لكن الأجرأ كان ريبال، الابن المقرب لرفعت، المقيم خارج البلاد، فقد كتب في صفحته الفيسبوكية منتقداً «النظام» الذي يقتل «خيرة شبابنا وإخوتنا وأهلنا» بعدما أعطاهم «توجيهات بالقتال وسمح لهم بإنشاء قوات مرادفة للجيش ومدهم بالعتاد والمال والسلاح»، في إشارة إلى الأسلحة والقنابل التي وجدت عند الغيدق أثناء مداهمته في منزل والده مروان، وأدى استخدامها إلى مقتله في حادثة «خيانة وغدر» كما يتابع ريبال متهماً النظام باستعمال هؤلاء الشباب ثم الانقلاب عليهم.

يكاد الغضب أن يعم كل شبيحة اللاذقية ومقاتلي فصائلها غير النظامية، لا تعاطفاً شخصياً بقدر ما هو القلق من مصير مشابه. إذ تأتي الحادثة في سياق أوسع من محاولة «الدولة» فرض سطوتها وتكريس هيبتها التي اهتزت بشدة أثناء السنوات الماضية، عندما دفعتها الحاجة الإسعافية إلى التغاضي عن الكثير مقابل الدفاع عنها من طرف فصائل أهلية. «الشهيد» نفسه أسس «كتائب الغيدق»، بالتعاون مع جمعية البستان وقوات النمر، وقاتل في دمشق ودرعا ودير الزور وتدمر ومناطق أخرى.

كتائب الغيدق.jpg
كتائب الغيدق

فهل هو أبو بكر البغدادي ليجري معه ذلك الاشتباك العنيف الذي روّع اللاذقية؟ وما بال «الدولة» تصالح المسلحين الإرهابيين أنفسهم وتلتفت إلى أبنائها المخلصين لتفرض عليهم القانون بفظاظة! أهو حقد طائفي دفين يختزنه بعض ضباط الأمن تجاه محافظة اللاذقية «أم الشهداء». وألم يكف الغيدق أنه كان موقوفاً، قبيل مقتله بأيام، بسبب «مشكلة عارضة» نتيجة طيش الشباب، هي إطلاقه النار في حرم جامعة المنارة الخاصة، حيث كان «المجاهد» يدرس!