icon
التغطية الحية

من سوريا إلى أوروبا: القرباط يعملون في تركيب الأسنان بلا رخصة أو شهادة

2022.07.26 | 12:44 دمشق

أسنان مصنعة على يد شعب الدوم القرباطي في شمالي لبنان - المصدر: ميدل إيست آي
أسنان مصنعة على يد شعب الدوم القرباطي في شمالي لبنان - المصدر: ميدل إيست آي
ميدل إيست آي - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أمسك صاحب العمل بدلة قهوة نحاسية كبيرة، ليصب سائلاً أسود حارقاً منكّهاً بحب الهال في فناجين بلاستيكية لكل من يرتاد متجره.

يتجاذب هؤلاء أطراف الحديث وهم يحركون مسابحهم ويجلسون على الكراسي المقابلة للشارع في حي أبي سمرة الشعبي الواقع في مرتفعات طرابلس شمالي لبنان.

يتجرع أسامة آخر رشفة دفعة واحدة من فنجان تقليدي مزركش بالألوان تجده دوماً في حقيبته الكبيرة، ثم يُخرج قالباً أزرق لطبعات الأسنان، ويخلط بعد ذلك مسحوقاً أصفر، ألا وهو مسحوق الألجينات، بالماء، فيتشكل على الفور عجين لزج، يفرده في ذلك القالب، ثم يعقم يديه ويدخل الخليط في فم الزبون، والذي كان في تلك المرة موظفاً سابقاً في شركة خطوط الشرق الأوسط للطيران، إحدى شركات الطيران المحلية في لبنان.

كان ذلك الرجل أرملَ أنيقاً في الستينيات من العمر، يرتدي قميصاً ذي مربعات، وصدرية زرقاء داكنة، أخذ هذا الرجل يجرب طقم أسنانه، ثم تحدث وهو يراقب حركات أسامة بنظرة ملؤها القلق، فقال: "ما يزال لديّ بعض الأسنان، إلا أنه من الصعب علي تركيب تعويضات سنية بسبب غلاء سعرها، ولهذا قررت أن أقتلع بقية الأسنان وأن أركب طقماً بما أنه أجمل وعملي أكثر".
في نهاية تلك العملية، دفع الرجل لأسامة خمسين دولاراً، ما يعادل نصف الحساب، لأنه سيدفع النصف الثاني عند تسليم طقم الأسنان كاملاً.

إنه لمشهد مألوف في المقهى، فهم يعرفون أسامة جيداً، إذ إن أحدهم، وهو مقاتل سابق لدى جند الله، وهي جماعة مسلحة سلفية اتهمت بشن هجمات على الشرطة اللبنانية في عام 2019، قد ركب طقم أسنان في المكان ذاته، بعد أن أمضى وقتاً مضنياً في السجن. وقبل بضعة أسابيع على ذلك، كافأ صحفي سوري نفسه بابتسامة ناصعة البياض بفضل تلك الأسنان الجديدة.

وعن ذلك يعلق أسامة بالقول: "تعلمت المصلحة من أبي عبر مراقبته وهو يقوم بذلك، ومرافقته في أثناء استقباله لزبائنه. ففي مجتمع الدوم نتناقل العمل في مجال التعويضات من جيل لآخر، ونتبادل الكثير من الخبرات فيما بيننا لنحسن من خبراتنا".

زيادة في الطلب بعد الأزمة الاقتصادية

زاد الطلب على خبرة بدو الدوم نظراً لأسعارهم التي تعتبر أرخص بمرتين إلى ثلاث مرات من أسعار أطباء الأسنان، إذ يبيع أسامة طقم الأسنان الصناعية بسعر 100 دولار، مقارنة بـ200 إلى 250 دولارا في العيادات الخاصة. كما أن مواعيده قريبة، إذ بوسعك أن تحجز موعداً في اليوم ذاته عبر اتصال هاتفي.

ومع اجتياح الأزمة الاقتصادية للبنان منذ عامين، زاد الطلب على تلك الخدمة كثيراً على الرغم من أنها مخالفة للقانون، إذ يتم دفع تعويضات بالليرة اللبنانية لنحو 50% من اللبنانيين الذين لديهم تأمين صحي يغطي تكاليف العلاجات السنية بالدولار، أي بمعنى أصح، يمكن القول إنهم لا يحصلون على شيء مقابل ذلك، بما أن العملة خسرت 90% من قيمتها.

أما من ليس لديهم تأمين صحي، فلا تدفع لهم دولتهم الفاشلة أي نفقات تصرف على صحتهم.

إلا أن المتخصصين المتجولين في مجال التعويضات لم يظهروا فجأة في خضم الانهيار المالي، بل إنهم كانوا موجودين قبل ذلك بعقود عديدة، أي أنهم يمثلون ظاهرة أصبحت مرئية بصورة أكبر منذ قيام الاقتصاد النيوليبرالي الذي عمل على خصخصة الخدمات الصحية بالتدريج، تماماً كما شرح الباحث الإيطالي جيوفاني بوتشي في البحث الذي أجراه حول العاملين في مجال التعويضات بشمالي لبنان.

فالشمال اللبناني يتمتع بخصوصية مميزة، وهي أن العاملين في مجال التعويضات هناك ينتمون إلى مجتمع الدوم أو "الغجر" في الشرق الأوسط، الذين يعرفون باسم النوَر في البلدان العربية، وهذه الكلمة تستخدم للتحقير.

يتوزع أفراد هذا المجتمع النصف بدوي أو المستقر بين عدة دول، تأتي على رأسها سوريا ولبنان وتركيا والأردن. ويشار إلى الدوم الذين يعملون بمجال التعويضات بكلمة القرباط، وهي مفردة لا أحد يعرف معناها، إلا أنها تحمل كثيراً من الازدراء والتحقير.

وهؤلاء الرجال متخصصون في مجال صناعة أطقم الأسنان، وتركيب الجسور والأسنان الذهبية والفضية.

lebanon doms dentist2

طقم أسنان صنعه أسامة وهو بدوي من سوريا- التاريخ: تموز 2022 في منطقة أبي سمرة بطرابلس اللبنانية

 

يتحدث أسامة عن مهنته فيقول: "زاد الطلب على أطقم الأسنان كثيراً بين فئات تبدأ بعمر الأربعين في لبنان، وذلك بسبب عدم العناية بنظافة الأسنان، إذ إن الغالبية لا يقومون بتنظيف أسنانهم بالفرشاة، ويدخنون كثيراً، ويتناولون الكثير من الحلويات".

يقوم عمل أسامة على تناقل أخبار نجاحاته في هذا المجال، ولهذا تجده لا يفارق حقيبته التي تحتوي على فوضى تضم محركاً كهربائياً يعمل على بطارية السيارة حيث يقوم بوصل أجهزته السنية به، بالإضافة إلى معقم وورق صنفرة، ومصباحٍ مخصصٍ لأطباء الأسنان، وصفوفٍ من الأسنان الصناعية المصنوعة من الأكريليك والمستوردة من تركيا والهند.

تستغرق عملية صناعة طقم أسنان بين يديه بضعة أسابيع، حيث يمارس أسامة عمله داخل خيمة مغطاة بالكرتون أقيمت في مضارب تقع شمالي طرابلس، حيث يعيش هناك برفقة زوجته وأولاده. وهكذا ينجز هذا الرجل عمله بواسطة اللصاقة والشمع السني وجهاز تلحيم الحديد والسحق.

تعلق على ذلك الدكتورة فاطمة جمال، 28 عاماً، وهي طبيبة أسنان تعمل في الضنية بطرابلس شمالي البلاد، فتقول: "يعود السبب الذي يدفع الناس للاستعانة بهؤلاء المتخصصين بمجال التعويضات السنية بصورة غير رسمية إلى رخص أسعارهم، وإلى جهل الفقراء الذين لا يعرفون بأن بوسعهم الحصول على تلك الخدمات بسعر زهيد في المستوصفات التابعة لوزارة الصحة. ثم إن عدم النظافة يمكن أن يتسبب بحدوث أمراض معدية خطيرة، مثل التهاب الكبد أو مرض نقص المناعة المكتسبة، وذلك لأن الفم منطقة حساسة للغاية"، ولهذا حذرت تلك الطبيبة الناس من اللجوء إلى العاملين غير المرخصين في مجال التعويضات السنية.

مهنة مربحة

بالنسبة لبدو الدوم الذين يعيشون في فقر مدقع، فإن هذه المهنة تساعدهم على تدبر أمور العيش، إذ في المضارب التي تعيش فيها العشرات من الأسر، يعدّ أسامة الشخص الوحيد الذي يمتلك سيارة، حيث يقوم بركنها تحت ظلّة ضمن الفسحة القريبة من خيمته.

أما بقية المهن الأخرى التي تمارسها تلك الفئة البدوية فأشدّ تقلقلاً، إذ في طرابلس يعمل الرجال منهم في سوق البالة بأجر يومي يعادل 3 دولارات، حيث يقومون بتنظيف وتلميع الأحذية المستعملة قبل بيعها، أو يعملون في مجال الزراعة. أما في بيروت، فتبيع نساء النوَر، وبعضهن عرائس جدد، ثياباً يشترينها بكميات كبيرة في القرى، أو يتسولن برفقة أطفالهن.

وعنهم يحدثنا يحيى العبد الله وهو باحث سوري لدى كلية الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية، قام بإجراء دراسة حول تلك الجماعة، فيقول: "الدوم عبارة عن رحّل يعملون بالتجارة، مثل البدو، الذين يعرضون خدماتهم وهم يجولون بين القرى. ومن تقاليدهم العمل في مجال المجوهرات وأعمال الحديد، وهكذا شرعوا بتزيين الأسنان برقائق من الذهب، بعد ذلك أخذوا يعملون في مجال تعويض الأسنان، في الوقت الذي لم تكن فيه ممارسات سنية كهذه موجودة في الشرق الأوسط؛ لذا، يبدو بأن أول فئة مارست تلك المهنة قد تلقت تدريباً أو درست في الجامعة. وحتى فترة قريبة، بقي الدوم، خاصة نساءَهم، يعرضون خدمات أخرى في سوريا، مثل ثقب الآذان أو رسم الأوشام".

في حين يخبرنا كمال كلزي وهو طالب طب أسنان سوري مقيم في السويد، بأن نساء الدوم في الماضي كن يساعدن أزواجهن في الأعمال السنية، حيث يقول: "كانت جدتي ترافق جدي دوماً، إلا أن ذلك التقليد اختفى منذ ذلك الحين، فأصبح الرجال يمارسون تلك المهنة بمفردهم".

الانطلاق نحو أوروبا

الأغرب من كل ما سبق، هو أن العاملين في مجال التعويضات السنية في سوريا ولبنان أخذوا منذ سبعينيات القرن الماضي بتقديم خدماتهم خارج البلاد، حيث عملوا في دول المغرب وأفريقيا، لا سيما في غرب أفريقيا، أي موريتانيا والسنغال ونيجيريا، وذلك قبل أن يجربوا حظهم في أوروبا، وقبل أن يصل عدد قليل منهم إلى شرق آسيا أو أميركا الجنوبية.

أي أن تنقلاتهم لم تقتصر على عبور الحدود بين سوريا ولبنان، بما أن تلك المنطقة تمثل المساحة الجغرافية ذاتها بالنسبة لهم، ولهذا توجهوا نحو ما يسمونه الغربة، أي الهجرة.

lebanon doms dentist

أدوات يستخدمها أسامة في عمله بمجال التعويضات السنية

 

يسرد لنا حسان، الذي أصبح في الأربعينيات من العمر، ويعيش في إحدى الدول الموجودة شمالي أوروبا، قصته، فيقول: "بدأت عملي عبر مراقبة أبي وهو يعمل، ثم تدربت في مخبر لمدة شهر برفقة بعض الشبان، ومارست عملي قليلاً في حلب، ثم عرض عليّ أقاربي الانضمام إليهم في مصر، ثم المغرب، نظراً لوجود شغل أكثر هناك".

زاد الطلب على عمل حسان، إلا أن أسلوبه تغير عندما سافر لإحدى الدول الأفريقية التي لا تتوفر فيها الطبابة السنية في الأرياف إلا نادراً، وعن ذلك يقول: "اختلف الوضع هناك، ولهذا أسس الدوم عيادات صغيرة، ووظفنا مترجماً، وأصبح لدينا مرضى يأتون إلينا بمواعيد".

وفي مطلع الألفية الثالثة، قرر حسان أن يجرب السفر إلى أوروبا ليغامر هناك في دولة يعيش فيها أبناء عائلته، إلا أن التحدي بالنسبة له تمثل بالحصول على تأشيرة شنغن سياحية، كما ترتب عليه تقديم جميع أنواع الوثائق ومن بينها حساب مصرفي أودع فيه ما يكفي من الأموال لسفره، ويخبرنا حسان عما جرى فيقول: "ساهمت عائلتي الكبيرة بإيداع المال في الحساب، إلا أن كلفة بطاقة الطائرة وسمة الدخول كانت بين ألفين إلى ثلاثة آلاف دولار، ومع ذلك بقيت العملية مربحة للغاية، إذ خلال شهر في أوروبا، كسبت ما أكسبه في سوريا خلال سنة كاملة".

إلا أنه لم يمارس العمل كله في أوروبا فقط، لأنه كان ينتقل إلى سوريا في بعض الأحيان لينفذ أعمالاً بالغة التعقيد، مثل التيجان الخزفية، والأسنان المصنوعة من الزيركون والزجاج.

بيد أن حساناً الذي لجأ إلى أوروبا برفقة أسرته بعد اندلاع الحرب في سوريا، توقف عن العمل في مجال التعويضات السنية حتى يبقى في السليم بنظر القانون، إلا أنه يخطط لاستكمال دراسته في مجال طب الأسنان.

يبدو بأن فرنسا بقيت لفترة طويلة الخيار الأكثر رواجاً بين أوساط شعب الدوم، إذ في المضارب التي يعيش فيها أسامة، يتذكر توفيق، 65 عاماً، الذي عمل في السابق في مجال التعويضات السنية، كيف اكتشف فرنسا في عام 1977، عندما كان في الخامسة عشرة من عمره، وذلك عندما سافر إليها برفقه والده في خضم الحرب اللبنانية، ولهذا يقول وهو يحتسي كوباً من الشاي: "في البداية، عمل والدي في المغرب بصورة أساسية، ونظراً لوجود صلات بحرية نظامية بين الجزائر ومارسيليا، لذا سافرنا إلى فرنسا، إذ كان من السهل وقتئذ الحصول على تأشيرة سائح، بخلاف ما يحدث اليوم... عملنا لبضعة أشهر في أوروبا حيث كان لدينا زبائن منتظمون، وبعدذاك عدنا إلى سوريا"، ثم شرح لنا بأن زبائنهم في فرنسا كانوا من المهاجرين المغاربة أو من المهاجرين الذين لا يحملون أي وثيقة رسمية.

في فرنسا، يوزع العاملون في مجال التعويضات السنية بطاقات العمل الخاصة بهم والتي لا يذكر فيها سوى أرقام هواتفهم داخل المساجد والبارات الشعبية والأسواق. ثم يصبون التعويضات في فنادق رخيصة، حيث تعمل آلات السحق بأقصى سرعة لها، ولهذا يتعيّن على جيرانهم في تلك الفنادق أن يعتادوا على صوت تلك الضجة.

يَجُول بدو الدوم في عدة دول أوروبية بينها بلجيكا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وإنكلترا، وعن ذلك يقول توفيق: "كنا نحب السفر إلى فرنسا، لكني شخصياً أفضل اليمن، إذ إننا، نحن الدوم، نفضل هذا العمل على غيره لأننا نعشق السفر والحرية، ونحب أن نمارس العمل الخاص بنا دون قيود".

أما النساء من شعب الدوم فيرافقن أزواجهن في بعض الأحيان، ويتسوّلن في أوقات معينة مثل شهر رمضان.

يحدثنا يحيى العبد الله عن ذلك فيقول: "يقدم الكثير من رجال الدوم أنفسهم على أنهم متخصصون في مجال التعويضات السنية، إلا أن العائلات التي تتمتع بمنزلة اجتماعية رفيعة هي التي تمارس هذه المهنة، لكن جاذبية الربح دفعت مزيداً منهم للتحول إلى مختصين في مجال التعويضات دون التمتع بالمعرفة الكافية".

حملة قمعية تستهدف "أطباء الأسنان السوريين الذين يعملون بالاعتماد على حقائبهم"

في نيسان 2002، تعرض فنيو الأسنان المتجولون لصفعة كبيرة في أوروبا بعدما رفع أحد زبائنهم في الشمال الفرنسي شكوى ضدهم أورد فيها بأن عملية تركيب جسر على يد أحد الفنيين من شعب الدوم قد تسببت له بمرض معد في الفك".

وبعد تحقيقات استمرت لأكثر من سنة، فككت الشرطة الفرنسية شبكة مؤلفة من 28 "طبيب أسنان سورياً يعتمد في عمله على حقيبته"، وكان هؤلاء يقيمون في غرف متفرقة بفندق يقع في باتينيول في الحي السابع عشر بباريس، وقد أتى أغلبهم من مدينتي حمص وسراقب السوريتين، ونصفهم دخل فرنسا بلا سمة دخول، وأصبح لديهم جميعاً الآلاف من الزبائن في شمالي باريس ومنطقة أوت دو سين. وبعد مرور سنة على ذلك، حُكم على معظمهم بالسجن لمدة عامين، مع وقف التنفيذ بالنسبة لبعضهم، وهكذا قررت فئة قليلة منهم البقاء في فرنسا، إلا أن غالبيتهم عادوا إلى الشرق الأوسط.

بيد أن الثورة السورية التي قامت في عام 2011 ثم تحولت إلى حرب، غيرت كل شيء. إذ منذ عام 2013، شجعت الظروف العاملين في مجال التعويضات على طلب اللجوء في أوروبا مع عائلاتهم، وخاصة في الدولتين المعروفتين اللتين تعنيان الكثير بالنسبة لهم، وهما فرنسا وبلجيكا.

لذا لا عجب ألا يمر هؤلاء بتركيا أو بدول البلقان التي مر بها أغلب اللاجئين السوريين، وذلك لأنهم وصلوا إلى المغرب، وعبروا من خلال الطريق الذي يعبره العاملون في مجال التعويضات لدخول أوروبا منذ تسعينيات القرن الماضي، إذ من خلال هذا الطريق دخل ما يتراوح بين 15 إلى 20 ألف شخص من شعب الدوم إلى أوروبا على مدار السنوات العشرة الماضية.

تختار تلك العائلات طرقاً مختلفة للوصول إلى المغرب، حيث يتسللون من هناك إلى مليلة الواقعة على تخوم إسبانيا، حيث يتظاهرون بأنهم عمال مياومون من المغرب.

وبعد أن يتم احتجازهم في مراكز إيواء مؤقتة مخصصة للمهاجرين، تقوم الدولة الإسبانية بنقل تلك الأسر إلى القارة الأوروبية، وبمجرد وصول تلك العائلات إلى الأراضي الفرنسية، تقيم بادئ ذي بدء في فنادق رخيصة للغاية في منطقة ساحة كلينشي حيث يمارس العاملون في مجال التعويضات مهنتهم.

إلى اليوم، ما يزال هنالك عدد قليل من الرجال الذين يمارسون تلك المهنة بالسر في فرنسا، حيث يقومون بتصنيع تجهيزات سنية على وجه الخصوص هناك.

وحول ذلك يعلق يحيى العبد الله بالقول: "لا بد أن تختفي هذه الممارسة غير الرسمية في أوروبا قريباً، وذلك لأن الجيل الأصغر الذي بات يرتاد المدرسة اليوم أصبح يرغب في مزاولة مهن أخرى". أما في الدول العربية، فما يزال المستقبل مشرقاً أمام تلك المهنة.

 

 المصدر: ميدل إيست آي