
تسيطر هواجس عديدة على حياة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وذلك رغم تطمينات نقلتها سابقاً وسائل إعلامية قالت إنها صادرة عن الإدارة السورية الجديدة، أكدت فيها عدم المساس بقيادات ومكاتب الفصائل الفلسطينية المتواجدة على الأراضي السورية.
إلا أن ضبابية المشهد العام، وغياب التصريحات المباشرة والصريحة بخصوص بعض التفاصيل، وخاصة تلك المتعلقة بقرارات اتخذها النظام السابق، دفعت فلسطينيي سوريا إلى استجداء الإدارة الجديدة للخروج بتصريحات تطمئنهم بشأن وجودهم وقضيتهم.
ونصت القوانين السورية على وضع أطر قانونية لوجود اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث كانت تتم معاملتهم معاملة المواطن السوري، ويطلق عليهم "من في حكمه"، ومع تعطيل العمل بالدستور الحالي، بات لدى فلسطينيي سوريا خشية من تغيير في وضعهم القانوني.
الحفاظ على الهوية مطلب أساسي
أكد رئيس "جمعية جفرا الفلسطينية للإغاثة والتنمية"، ياسر عمايري، أن "الحفاظ على هوية الفلسطينيين بشكل دائم كضيوف في سوريا، البلد العزيز عليهم، هو مطلب عام".
وفي تصريحات لموقع "تلفزيون سوريا"، قال عمايري إن "مشروعنا كفلسطينيين هو العودة إلى بلدنا، ونتمنى الحفاظ على مؤسسات الإغاثة، وتحديداً دعم وكالة الأونروا والسماح لها بتقديم خدماتها، خاصة مع الضغط الدولي لإنهاء هذه المنظمة التي تعتبر بالنسبة للفلسطينيين في الشتات بمثابة دليل على جريمة تهجيرهم من بلادهم منذ عام 1948".
من جانبه، قال أحمد إبراهيم، وهو أحد سكان مخيم اليرموك، إن "أكبر هواجسنا في الوقت الحالي هو معرفة مصيرنا في سوريا، فالإدارة الجديدة تعلم بالتأكيد حقيقة الوضع في فلسطين والظلم الذي كنا وما زلنا نتعرض له"، داعياً الحكومة الجديدة إلى "إصدار أي قرار أو تطمينات لوضع الفلسطينيين في الفترة القادمة"، معرباً عن أمله في أن تكون سوريا "ملجأً لنا لحين انتصارنا الذي ننتظره مهما طال الزمن".
وأضاف إبراهيم أن "إعادة إعمار المخيمات التي دمرها نظام الأسد المخلوع بشكل ممنهج، ومنع إعمارها بشكل واضح، هي أمر ملح بالنسبة لسكان تلك المخيمات، فهي تحتاج إلى إعادة تجهيز البنية التحتية والخدمات بكل أشكالها لتعود العائلات إلى منازلها بعد أن أجبرها القصف على النزوح".
هل تعود حرية العمل السياسي للفصائل الفلسطينية؟
وعن النشاط الذي كانت تمارسه الفصائل الفلسطينية في سوريا، ذكر محمد منصور، وهو أحد اللاجئين الفلسطينيين، أنه "نحتاج إلى معرفة مصير نشاطنا المتعلق بالقضية الفلسطينية"، موضحاً أنه "سابقاً كان للفصائل نشاط سياسي متعلق بقضيتهم، لكن نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، منع أي مظهر علني، وجعل أي تظاهرة أو تضامن مع فلسطين مشروطاً بموافقة الأفرع الأمنية التي كانت ترفض أي طلب".
ويؤكد جميع من التقاهم موقع "تلفزيون سوريا" أن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وبعد عقود من العيش المشترك والاندماج في المجتمع السوري، يأملون من القيادة الجديدة أن تستمر معاملتهم كما السوري، فالفلسطيني في سوريا عانى في عهد النظام البائد معاناة المواطن السوري، بما في ذلك الظلم والقهر والقمع، كما ذاق مرارة النزوح والقصف والتهجير، ويرى في التخلص من تلك المنظومة المجرمة أملاً في حياة حرة كريمة.
فلسطينيو سوريا تحت مظلة القانون 260
ووفق بيانات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، كان يعيش في سوريا قبل عام 2011 نحو 655,729 لاجئاً فلسطينياً في مختلف المحافظات السورية تقريباً، بما في ذلك 14 مخيماً رسمياً وغير رسمي.
ونتيجة للأوضاع الأمنية والاقتصادية، غادر سوريا حوالي 150 ألف لاجئ فلسطيني، بينهم نحو 23 ألف لاجئ في لبنان، و13 ألفاً في الأردن، و6 آلاف في مصر، و12 ألفاً في تركيا، وآلاف أخرى منتشرة في دول أوروبية وغربية عموماً.
يشار إلى أن القانون رقم 260 لعام 1956، والذي أقره الرئيس السوري السابق شكري القوتلي، نص على أنه "يُعتبر الفلسطينيون المقيمون في أراضي الجمهورية العربية السورية بتاريخ نشر هذا القانون كالسوريين أصلاً في جميع ما نصت عليه القوانين والأنظمة النافذة، وبحقوق التوظيف والعمل والتجارة وخدمة العلم، مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية".
ويؤكد هذا القانون أن اللاجئ الفلسطيني في سوريا اكتسب وضعاً قانونياً يسمح له بالعمل والتملك والاستشفاء والتعليم من دون الحصول على الجنسية.