icon
التغطية الحية

من القمع إلى الفرص.. هل تتجاوز طموحات الشباب السوري القيود والمحسوبيات؟

2025.01.18 | 06:03 دمشق

قاسيون
شباب سوريون يزورون جبل قاسيون المطل على دمشق عقب سقوط النظام ـ رويترز
تلفزيون سوريا ـ وفاء عبيدو
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- الثورة السورية كشفت القيود على الشباب، مما دفعهم للبحث عن فرص أفضل خارج البلاد. مع سقوط النظام، ظهرت فرص لبناء وطن جديد قائم على الكفاءات والقانون، مما أعطى الشباب الأمل في مستقبل مشرق تحت شعار "سوريا المستقبل".

- الثورة كانت نقطة تحول للشباب مثل زينة، التي انتقلت من دراسة التصميم إلى الإعلام للمساهمة في بناء إعلام حر. ناديا أصبحت تشجع أبناءها على التعليم والطموح، حيث أصبح الحلم متاحًا للجميع.

- المرأة السورية لعبت دورًا محوريًا في الثورة، متجاوزة دورها التقليدي. ندى، التي كانت تحلم بأن تكون معلمة، اتجهت للكلية الحربية، مؤكدة قدرة المرأة على المساهمة في بناء الوطن.

بدأ الشباب السوري باستعادة الأمل بعد عقود من القمع والدكتاتورية تحت حكم نظام الأسد، الذي هيمن على مؤسسات الدولة وفرض شروط الولاء السياسي كمعيار للحصول على الوظائف والفرص. الثورة السورية كشفت حجم القيود المفروضة على الشباب، فقد دفعتهم المحسوبيات وسياسات التمييز إلى مغادرة البلاد بحثًا عن مستقبل أفضل.

مع سقوط النظام، برزت فرص جديدة لبناء وطن يقوم على الكفاءات والقانون، وتجاوز المحاصصة. هذا التحول منح الشباب جرعة أمل لإعادة بناء سوريا بحلم أصبح ممكنًا، تحت شعار "سوريا المستقبل"، لتكون بداية عهد جديد يسوده الأمل والعمل نحو مستقبل مشرق.

"الثورة صنعت التغيير"

"نحن الآن شعب يملك وطنا منهكا لكننا سننهض به بقدراتنا، فالثورة صنعت لنا التغيير ونحن شعب يملك إرادة جعلتنا نصمد في وجه المحن، ونؤمن بأن الغد سيكون أفضل بجدارتنا وقدراتنا"، هكذا تصف زينة شابة سورية لموقع تلفزيون سوريا، أحلامها التي اختلفت بشكل جذري بعد سقوط النظام.

كانت زينة ترسم لمخططها الدراسي اختصاص التصميم والأزياء خارج سوريا، كونها تعلم أن النظام الذي يتحكم في زمام البلد حدد للمواطن سقفا لطموحاته وأن معظم من يبرز في الوطن يتم اختياره وفق مصالح النظام ومحسوبياته، لكنها غيرت جميع مخططاتها بعد سقوط النظام، وبدأت بالبحث ضمن الخيارات التي ستحاجها سوريا في المرحلة المقبلة لتشارك في إعادة الإعمار وعودة الوطن لتعافيه، خاصة وأنها حصلت على فرصة التعلم في دولة أوروبية مما يساعدها في تقديم أفضل ما اكتسبته ليعود على الوطن والشعب.

حلمها اليوم دفعها نحو الإعلام والصحافة لتكون جزءا من الإعلام السوري، مشيرة إلى أنها ستطور من نفسها فربما تكون يوما ما وزيرة إعلام أو مديرة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بجدارتها، وستبذل كل جهدها ليكون الإعلام السوري الرسمي حرًا وبعيدًا عن أفرع المخابرات والمحسوبيات، كما تقول.

وتضيف "سوريا لم تشهد عبر تاريخها الحديث إعلاما مستقلا، كان الإعلام فيها أحد أدوات النظام للسيطرة على الدولة والمجتمع، فصوت الإعلام الوحيد هو صوت النظام الذي طالما لعب دوراً في إخفاء الحقائق وتزييفها وحان الوقت ليكون صوت الشعب وهذا جزء من مهامنا".

الممنوع أصبح متاحاً

لطالما اعتمد النظام السوري أسلوب التلاعب بالنسيج الطائفي وتعويم من يخدم مصالحه على الكفاءات، وازدواجية المعايير وانتقاء من يعمل على خدمته عوضًا عن اختيار الأفضل لإدارة الوزارات والمؤسسات والمناصب العلية على أساس الجدارة.

ناديا أم لطفلين وهي حاصلة على شهادة صيدلة أوضحت لموقع تلفزيون سوريا، أنها تعمل في الصحة المدرسية ولطالما حرمت من حقها بتحسين مركزها الوظيفي في الحكومة السابقة كونها بلا "واسطة" وبحسب وصفها "مالي سند يدفشني بحكومة النظام لذلك بقيت مهمشة".

وقالت "منعنا حكم الأسد من الحلم في بلادنا والواقع يختلف عن الأماني، لا بل قد يكون الحلم شر يهددنا، بينما الآن الواقع اختلف ويحق للجميع رسم مستقبل لا حدود له".

تشجع ناديا أبناءها على التعليم والتوسع في كل مجالات الحياة فهي ترى أن رئيس سوريا سينتخب يوما بأحقية وشرعية من قبل المواطنين وقد يكون يوما ما أحد أبنائها، وتضيف "الحلم لم يعد محرما بل يحق لكل من يملك الكفاءة بأن يطمح ويسعى للطريق الذي يرى أنه يستحقه، فهذا الشعب الذي ثار على بشار الأسد وأسقطه لن يكسر وسينبض بالحياة مجددا".

أما ابنها يوسف طالب الهندسة، والذي كان ينوي مغادرة البلاد، يرى أن "تحرير سوريا قدم له الحق في أن يحلم فكل شيء أصبح ممكنًا لمن يسعى بجدارته وإمكانياته". وأصبح من حقه أن يطمح ليكون رئيسا أو مستشارا أو سفيرا لسوريا، فلا شيء يمنعه اليوم من الحلم والاجتهاد والسعي بخبراته لأن يكون في المكان الذي يحلم به على حد قوله.

للمرأة دور في سوريا

استخدام النظام المخلوع المرأة السورية كواجهة لتحسين صورته وخاصة في الخارج بما لا يتعارض مع مصالحه، أما في الثورة السورية فكان دورها مختلفا وخاصا بشخصيتها، فأثبتت أنها ليست مجرد شاهد على الأحداث، بل محور قوي في مختلف مجالات الحياة، وتخطت دورها التقليدي لتكون صوتًا للحرية وعنصرا في النضال السلمي وتقديم الدعم الإنساني، إضافة إلى تحملها أعباء في مواجهة الحرب والنزوح.

ندى فتاة تنتظر امتحانها لشهادة الثالث ثانوي (بكالوريا)، أوضحت لموقع تلفزيون سوريا أنها كانت تريد الانضمام إلى كلية التربية لتكون معلمة في المستقبل، وقالت "كنا نختار أحلامنا كالوراثة، ما اختاره لي أهلي هو ذاته ما خيره فيه والداه سابقًا طبيب أو معلم أو مهندس ولم يكن لنا الحق في رفع سقف أحلامنا".

وبعد سقوط النظام، غيرت ندى مسار خطتها، لتتجه إلى التطوع في الكُليَة الحربية للإناث بعد الانتهاء من امتحانها وستعمل جاهدة على أن تصل يوما إلى منصب تستحقه بجدارتها راسمةً لنفسها طريق أن تنصب يوما وزيرة دفاع أو ما شابه.

وأضافت أن مثل هذه المناصب أو التخصصات لطالما كانت لفئة معينة، تحدد وفقًا لجدارتها اتجاه شخص النظام ومصلحته ولم يكن لأحد الحق أن يحلم بها، "بينما اليوم يحق للجميع أن يحلم كوننا أبناء الأرض وأهلها والأحق بها".

وقالت "أتكلم بلسان المرأة السورية القوية التي تحدت كل الصعاب، سنثبت للنظام الذي فر هاربا أننا سنبني وطننا بكفاءاتنا كما سنصحح للحكومة الحالية وجهة نظرهم تجاه المرأة ليروا أنها قادرة على فعل ما لا يتوقعون".

تنتظر ندى القرارات الجديدة التي ستقرها الحكومة على أرض الواقع، مؤكدة أنها لن تتراجع عن حلمها فالبلد بحاجة للجميع ولتكاتف الجهود في جميع التخصصات.