منظمة الصحة العالمية بين المبادئ والممارسة

2021.05.31 | 06:24 دمشق

151740326413256921-780x470.jpg
+A
حجم الخط
-A

اتخذت منظمة الصحة العالمية في اجتماعها أول أمس الجمعة ٢٨ من أيار ٢٠٢١ قراراً بشراكتها مع منظومة الإجرام الأسدية، وجعلت من ممثله عضواً في مكتبها التنفيذي لمدة ثلاث سنوات، وبذلك تفضح ماضي هذه المؤسسة الدولية وتفسر ممارستها المنحازة والمريبة بما يتعلق بالثورة السورية على مدى السنوات السابقة.

قرار منظمة الصحة العالمية هذا أوجعنا كثيراً وأعادنا إلى استنهاض كل ما لدينا من قوى التحدي والصبر والتصميم.. تجاوز عدد المشافي التي قُصفت ٥٨٠ مشفى بعضها لأكثر من مرة، وشملت كل الجغرافية السورية من جنوبها إلى شمالها، جميع هذه المشافي قُصفت بالطائرات والصواريخ الفراغية المدمرة والقاتلة، ضمن استراتيجية حربية إجرامية تستهدف الإبادة الجماعية والتهجير القسري.. كل جريمة خلّفت وراءها فاجعة إنسانية وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.. في هذه المشافي فقدنا زملاء أطباء كنّا نحبهم ونفتخر ببطولاتهم وقدرتهم على العطاء والفداء.. فقدنا الممرضين والممرضات الذين كانوا عضُدنا وشركاءنا في العطاء الإنساني.. لا بل وفقدنا الكثير من مرضانا الذين قصدوا مشافينا بحثاً عن الحياة...

بعد دخول القوات الروسية بكل أسلحتها الفتاكة وعقيدتها القتالية الإجرامية ازدادت وتيرة استهداف المشافي والمؤسسات الصحية، وفي كل مرة ومن خلال مهمتنا الثورية كوزير صحة في الحكومة السورية المؤقتة كنّا نوثق وبمهنية عالية كل جرائم المجرم الأسد والروس ضد مؤسساتنا الطبية، وكنا نقدمها لمنظمة الصحة العالمية التي بكل إصرار كانت تضرب بتقاريرنا عرض الحائط وتعتمد في تعاملاتها وقراراتها تقارير العصابة الأسدية بكل تطرف يحمل الكثير من الظلم والوقاحة.

قرار منظمة الصحة العالمية له جذور في دعم وتمويل عصابات النظام منذ بدايات الثورة

سأذكر مقتطفات لأحداث أدمت قلوبنا دون ذكر الأسماء.. سأذكّركم بزملائنا الذين استشهدوا تحت القصف في غرف العمليات وفي سيارات الإسعاف، كما لن ننسى الذين استشهدوا وهم يحملون صناديق اللقاح سعياً لوقاية أطفالنا..

قرار منظمة الصحة العالمية له جذور في دعم وتمويل عصابات النظام منذ بدايات الثورة.. هم اعتمدوا مكتب دمشق في تعاملهم مع المحاصرين حيث لم تصل جرعة دواء لأطفال مضايا.. استشهد الأطفال في مضايا لنقص الدواء وعجز منظمة الصحة العالمية...

في ١٥ من شباط ٢٠١٧ قصف الروس والنظام المدنيين في مدينة معرة النعمان وأتبعوها بقصف مشفى المعرة الخاص، حيث امتزج دم الأطباء بدم مرضاهم.. تم إحالة الناجين إلى مشفى المعرة الوطني.. وهذه المرة قصفوا مشفى المعرة الوطني.. كانوا يطاردون الإنسان والحياة.

أي بُعد أخلاقي أو إنساني أو مهني في هكذا قرار.. أم أنها محاولات بائسة ويائسة لشرعنة استخدام أسلحة القتل الجماعي والإجرام.

مؤسسة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تنزع عن نفسها بقايا شرعيتها وتنتحر على عتبات الضعف والعجز

ممثل الذين قاموا بكل هذه الجرائم هو الآن عضو مكتب تنفيذي في منظمة الصحة العالمية.. وبذلك يسقط آخر أقنعة هذه المنظمة التي تخلت عن دستورها ومبادئها وأهدافها وانحازت للطرف الذي يقودها من ناصيتها إلى الهاوية.

مؤسسة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تنزع عن نفسها بقايا شرعيتها وتنتحر على عتبات الضعف والعجز.

منظمة الصحة العالمية مطالبَةٌ بالالتزام بمبادئها والأهداف التي أُسست من أجلها.. وهي مدعوة اليوم للعودة عن قرارها واستبعاد ممثل الإجرام الأسدي من هذه المنظمة الدولية.