مقاصد كليتشدار أوغلو من رسالته إلى بشار الأسد

2023.02.27 | 06:16 دمشق

رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو
+A
حجم الخط
-A

لا شك أن تداعيات الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا كانت كبيرة وكثيرة وعلى كل الأصعدة، فأعداد الضحايا الذي فاق 44 ألفاً وأضعاف هذا الرقم من الجرحى إضافة إلى الأبنية المهدمة والتي سيعاد بناؤها في الولايات الإحدى عشرة والتي وصلت إلى 199739 ألف بناء علاوة على التصدعات والتشقاقات والاهتزازات الارتدادية، أضف إلى ذلك الارتدادات السلبية التي قد تلحق بالاقتصاد التركي من جراء توقف ردف هذه الولايات للدخل القومي التركي وربما هذه الارتدادت لن تقتصر على الصعيد الاقتصادي فحسب بل إنها طالت الصعيد السياسي حيث كان هذا الزلزال مدخلا للاتصالات السياسية بين دول كانت على قطيعة مع النظام في دمشق.

لم يحد رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض السيد كمال كليتشدار أوغلو عن هذا المسار وأرسلَ رسالة تعزية إلى بشار الأسد يعرب فيه عن غاية حزنه لما حل من تبعات كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا ويترحم على أرواح الذي توفوا تحت الأنقاض ويتمنى الشفاء العاجل للجرحى لأبناء الجارة العزيزة سوريا (من دون ذكر المتوفين من السوريين تحت الأنقاض في تركيا) ورغم أن هذه الرسالة تتسم بطابع إنساني بما تتضمنه من كلمات بسيطة وإنسانية إلا أن ما وراءها أهداف سياسية واضحة المعالم على عدة أصعدة أراد السيد كليتشدار أوغلو إيصالها.

المقصد الأول الذي أراد السيد كليتشدار أوغلو توضيحه لأعضاء حزبه وهي أنه مستمر على نهجه الذي أعلنه من قبل وهو التواصل مع النظام في سوريا مباشرة. سياسة التوجه نحو الأبواب مباشرة سواء في القاهرة أو دمشق وأنه ما زال على هذا النهج وأن حل الملف السوري سيكون هكذا في حال تم له الأمر في الانتخابات أو أي أحد من مرشحي الطاولة السداسية وطبعاً بنفس الوقت رسالة للداخل التركي وربما تحديداً الولايات الجنوبية التي ضربها الزلزال مستفيداً من حالة الغضب الموجودة هناك من أجل كسب أصوات لصالحه إن تم ترشُحه وخاصة أن أغلب تلك الولايات كانت تصوت لصالح حزب العدالة والتنمية ولعله أراد أن يقول أيضاً إن عودة السوريين الآن أصبحت حاجة ملحة فلا توجد مساكن تؤوي أبناء بلده فكيف بالسوريين علاوة على إعادة الإعمار التي قد تتحقق في عام بحسب ما تقول الحكومة أو لا تتحقق بعدة سنوات لكبر العدد المطلوب بناؤه وأيضاً لعله يريد أن يذكر الناخب التركي بأنه هو صاحب فكرة التواصل مع دمشق التي تقوم بها الحكومة الآن وأن صاحب الفكرة أولى بقضائها.

المقصد الثالث وهي رسالة لا يمكن وصفها بالإيجابية أبداً نحو المعارضة السورية التي تدعمها تركيا بقيادة الحكومة الحالية مفادها أن المعارضة التركية لا تعترف بالمعارضة السورية بل حتى لا تراها

المقصد الثاني هو رسالة للخارج وذلك بأن المعارضة التركية الآن هي الخيار الأفضل دولياً وإقليمياً وخاصة أنها ليست على عداء مع أحد وأن من قام بتلك المناكفات السياسية هو الرئيس أردوغان أي الحكومة الحالية وأن المعارضة التركية الآن هي مقبولة بشكل أكبر من غيرها والدليل هذه الرسالة التي أرسلها السيد كليتشدار أوغلو وتم تقبلها بدمشق برحابة صدر فما بالكم بالدول الأخرى، وأن التجديد (وهو شعار المعارضة) قد آن أوانه رغم التحديات الكبيرة التي سوف تواجهها تركيا في السنوات المقبلة سواء في آثار الزلزال وتبعاته أو الحرب الروسية الأوكرانية وما نجم عنها من تغيرات سياسية ليست بالبسيطة أبداً.

المقصد الثالث وهي رسالة لا يمكن وصفها بالإيجابية أبداً نحو المعارضة السورية التي تدعمها تركيا بقيادة الحكومة الحالية مفادها أن المعارضة التركية لا تعترف بالمعارضة السورية بل حتى لا تراها فرسالة التعزية لرئيس النظام السوري فقط ولا رسالة للمعارضة السورية التي ضرب الزلزال مناطقها وخلف قتلى أكثر بكثير مما هو عليه الحال في مناطق سيطرة دمشق ولعل هذا سينعكس على التعاون بين المعارضة التركية في حال نجاحها بالانتخابات المقبلة وبين النظام في دمشق من أجل إعادة اللاجئين السورين وربما يتطور الأمر نحو إنهاء المعارضة السورية المسلحة وتعاون أمني وعسكري وغيره وبهذا يتم إرضاء روسيا وإرضاء الداخل التركي وإرضاء الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر المعارضة السورية مقربة من الفصائل الإسلامية وهنا يجب استحضار هيئة تحرير الشام وغيرها من الفصائل في إدلب وريفها.

رسالة وإن قلّت سطورها إلا أن ما بين السطور يحتاج لعدة رسائل كي تشرحه فسياسي مخضرم بحجم رئيس حزب الشعب الجموري لا يمكن أن يقوم بخطى سياسية غير محسوبة الأبعاد وخاصة أنه يرأس أكبر حزب معارض في تركيا وما هذه الرسالة إلا استمرار لنهج التواصل بينه وبين دمشق الذي قام به من عدة سنوات عبر زيارات وفديّة من حزبه نحو دمشق .