icon
التغطية الحية

مع عودة الدفء إلى العلاقات.. ما حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا؟

2021.09.15 | 16:52 دمشق

thumbs_b2_b688d32f1f7774c8f4845be5cc782d0a.jpg
ميناء في ولاية كوجالي التي تضم 35 مرفأً، وتحوي سابع أكبر ميناء لشحن البضائع في أوروبا / Şahin Oktay - وكالة الأناضول
إسطنبول - خالد حمزة
+A
حجم الخط
-A

تشهد تطورات العلاقات التركية الإماراتية مؤخراً تحسناً ملحوظاً بعد قطيعة استمرت أكثر من ثماني سنوات، ليتغير المشهد بشكل كامل وتتحول القطيعة السياسية والاقتصادية الشاملة إلى تعاون وثيق بانت معالمه في استثمارات اقتصادية في مختلف القطاعات.

وجاءت زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد، لأنقرة كفاتحة لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، حيث زار البلاد في 18 آب الماضي والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وناقش معه القضايا الإقليمية والاستثمارات الإماراتية في تركيا، وفق ما نقلته وكالة "الأناضول".

حينئذ صرّح أردوغان أن العلاقات بين الدول "قد يسودها شيء من التوتر وهذا قد حصل، لكن الأشهر الماضية، شهدت العديد من اللقاءات على مستوى استخبارات البلدين، وأدت هذه الاجتماعات إلى التوصل إلى بعض التفاهمات"، مشيراً إلى أن اللقاء ركّز على القطاعات التي يمكن للجانب الإماراتي الاستثمار فيها.

وأشار إلى أنّ خريطة طريق إعادة العلاقات بين البلدين "رسمت وحددت الخطوات التي سيخطوها كل من البلدين في سبيل تحقيق هذه الاستثمارات"، مضيفاً أنّ "هناك نية جدية لدى الإمارات للاستثمار في البلاد، وهناك خطط وضعت لذلك".

 

 

وبعد أيام من لقاء أردوغان وطحنون، كشفت وكالة أنباء الإمارات "وام" عن اتصال هاتفي جرى بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في 19 آب الماضي، بحثا خلاله العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة، مشيرة إلى أنهما "تبادلا وجهات النظر حول المصالح المشتركة وبعض القضايا الإقليمية والدولية".

التبادل التجاري انخفض بمقدار النصف

وعلى الرغم من استمرار الخلافات السياسية العميقة الجذور، فإن التوقعات تشير إلى أن البلدين يركّزان على بناء العلاقات الاقتصادية وتخفيف حدة "خلاف أيديولوجي أفضى إلى حالة من الاستقطاب الشديد في الشرق الأوسط"، بحسب ما أوردت وكالة "رويترز".

ووفقاً لأرقام معهد الإحصاء التركي "TÜİK"، بلغ حجم التبادل التجاري التركي بين الإمارات وتركيا نحو 14.85 مليار دولار في العام 2017، وهو العام الذي بدأت فيه حدة الأزمة بين البلدين تظهر على العلاقة الاقتصادية بينهما.

ففي العام التالي، انخفض حجم التبادل إلى نحو النصف، حيث بلغ 6.92 مليارات دولار، وفي عام 2019 ارتفع إلى نحو 7.85 مليارات دولار، منها 3.51 مليارات صادرات تركية إلى الإمارات، و4.33 مليارات دولار واردات إماراتية إلى تركيا.

ما أبرز الاستثمارات الإماراتية في تركيا؟

مع عودة الدفء إلى العلاقات السياسية بين تركيا والإمارات، بدأت الاستثمارات الإماراتية تظهر في العديد من المجالات في تركيا، كقطاعات التمويل والبنوك، والمراكز التجارية والفنادق والمنتجعات السياحية، والقطاعات اللوجستية كشركات الشحن إضافة إلى شركات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت.

وتعتبر الإمارات أنها ما تزال أكبر شريك تجاري لأنقرة في المنطقة، حيث ضخت صناديق الثروة السيادية لأبوظبي استثمارات ضخمة في الآونة الأخيرة في شركات تركية عديدة، وفق ما نقلت "رويترز"، منها شركة "غيتير" لخدمات توصيل البقالة إلى المنازل عبر الإنترنت، ومنصة البيع بالتجزئة "ترينديول".

كما استحوذت شركة "فينيكس" الإماراتية للسكوتر، على شركة "بالم" التركية الرائدة في مجال التنقل الخفيف (السكوتر الكهربائي)، مقابل 43 مليون ليرة تركية (نحو 5 ملايين دولار أميركي).

 

thumbs_b_c_47b01bce6e1f30a430a80d9148d7f431.jpg
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد - الأناضول

كما أعلنت شركة "أبو ظبي العالمية القابضة" أنها تبحث عن فرص استثمار في تركيا في قطاعات تشمل: الرعاية الصحية والصناعة وتصنيع الأغذية، وذلك وفقاً لما أعلنه رئيس الشركة التنفيذي، مشيراً إلى أنه "في اللحظة التي تُفتح أمامنا سوق جديدة يكون فريقنا هناك".

وفي 9 من أيلول الجاري، أفادت "رويترز" بأن شركة الشحن "أرامكس"، ومقرها دبي، تجري محادثات لشراء شركة "MNG" التركية للشحن، ونقلت عن مصادر مطلعة على مفاوضات الاستحواذ أنها وصلت إلى "مستوى متقدم"، في حين قال أحد المصادر إن حجم الصفقة المحتملة قد يصل إلى 500 مليون دولار.

وتعدّ شركة "MNG" من أبرز شركات الشحن في تركيا، ولديها أكثر من 850 فرعاً وأكثر من 11000 موظف في تركيا.

ونقلت وسائل إعلام تركية أن شركة "International Holding"، التي يرأسها مستشار الأمن القومي الإماراتي، تقوم بتقييم فرص الاستثمار في تركيا ضمن قطاعات مثل الصحة والصناعة وتجهيز الأغذية.

وأمس الثلاثاء، أعلنت شركة طيران "الإمارات" أنها ستقوم بتشغيل بعض رحلاتها إلى إسطنبول بأكبر طائرة ركاب في العالم "A380"، اعتباراً من أول تشرين الأول المقبل.

وتضم طائرة "A380" 517 مقعداً على متنها، منها 14 مقعداً من فئة الدرجة الأولى، و76 من فئة رجال الأعمال، و427 مقعدا من فئة الدرجة السياحية، وهذا يعني 150 سعة إضافية مقارنة بطائرة "بوينج 777-300ER "، التي تستخدمها شركة طيران "الإمارات" حالياً في رحلاتها إلى إسطنبول.

ولطالما أرادت طيران "الإمارات" أن تأتي بالطائرة "A380"، حتى عندما كان مطار أتاتورك لا يزال يعمل لرحلات الركاب، لكن طلبها قوبل بالرفض، على أساس أن البنية التحتية لمطار أتاتورك لم تكن مناسبة لهذا النوع من الطائرات.

إلى ماذا يشير انتعاش العلاقات الاقتصادية؟

من جانبه، قال المحلل الاقتصادي، يونس كريم، إن "الانكماش الاقتصادي العالمي، الذي أثر على الاستثمارات الإماراتية بشكل سلبي، دفع بأبو ظبي لإعادة دراسة الفرص الاستثمارية على مستوى العالم"، مشيراً إلى أنّ "تركيا هي بقلب هذه الفرص بسبب هبوط قيمة عملتها المحلية وتعطش الاقتصاد التركي للاستثمارات".

وأوضح كريم أن "الاستثمارات الإماراتية التركية لم تتوقف رغم التصعيد، لكنها لم تكن بالحجم المطلوب، إذ إن العديد من الشركات أبقت على روابطها التجارية رغم التوتر السياسي"، مرجحاً أن يصل حجم الاستثمارات القادمة إلى 8 مليارات دولار أميركي.

وأكد أنّ الإمارات "تجد في تركيا دولة حيوية بسبب علاقاتها الدولية وقربها من الأسواق المتوقع نموّها، كما أنّ تركيا ستكون لاعباً أساسياً في إعادة إعمار سوريا".

ولفت إلى أنّ العلاقات الاقتصادية الأخيرة بمنزلة "مؤشر على تجميد الخلافات السياسية عن تعاطي كل من أبو ظبي وأنقرة للقضايا الإقليمية التي يتنافس فيها الطرفان في جميع مناطق الصراع".
 


الخلاف التركي الإماراتي: جيوسياسي وأيديولوجي

يرجع الباحث والكاتب السياسي، الدكتور حسين جمال، الصراع بين تركيا والإمارات إلى سببين:

  • "جيوسياسي يرتبط بالمصالح الإقليمية والدولية".
  • "أيديولوجي يتعلق بالإخوان المسلمين وموقف الإمارات من الجماعة".

ظهرت بوادر الخلاف التركي مع الإمارات، عندما دعمت تركيا المنتفضين ضد الحكام المستبدين في دول الربيع العربي في تونس ومصر وسوريا، ووقفت إلى جانب "الإخوان المسلمين" في مصر، حيث أثار الموقف التركي انزعاج حكام الإمارات، الذين يرون في الجماعة تهديداً سياسياً وأمنياً.

كما وقفت تركيا بجانب قطر ضد الإمارات والسعودية والبحرين ومصر في أثناء الأزمة الخليجية، في حين ساعد الدعم الذي قدمته أنقرة الحكومة الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة على صد قوات تدعمها الإمارات، كانت تحاول السيطرة على العاصمة طرابلس، ما جعل البلدَين يتبادلان الاتهامات بالتدخل وممارسة النفوذ خارج حدودهما.