معركة أسود ضيعة ضايعة وحلاق باب الحارة

2022.02.05 | 06:46 دمشق

272960301_10159234195209934_2897552135866703633_n-780x470.jpg
+A
حجم الخط
-A

نحن بحاجة ماسة إلى أبطال، ولا يظهر الأبطال إلا بعد عركة، والعركة كانت بين حيدرة سليمان، وحيدرة من أسماء الأسد، وضياغم بشار الأسد وبين طبيب باب الحارة أبي عصام، وقد سمع إعلام النظام السوري من أبي عصام زئيرا، والعباس من أسماء الأسد، لأن الليث عابس خَلقا، بينما تقصف إسرائيل يوميا عرين الأسد، ونحن بحاجة إلى ثلج كثير وزمهرير وصقيع، وسأذكر سبب حاجتنا غير الزراعية إليه، بعد استعراض أسباب الحاجة من غير لجاجة.

أخبرنا صديق عارف ببعض الخفايا، أن عضوًا بمجلس الشعب السوري، فصيح، له حصانة مثل حصانة عود الكبريت ماركة الفرس السوري الذي انقرض، اشتهى طعم البطولة، وأن يخدم منتخبيه كما يجدر به، ويسجل هدفًا في مرمى الحكومة، وقد أغراه المرمى المفتوح على مصراعيه،  ظمآن والكأس في يديه والكرة بين قدميه،  والكاميرا تنظر إليه، فذكر شيئًا عن الفساد في إحدى عروض مجلس الشعب الترفيهية، فلم تنفعه حصانته، فاعتقل وأكره على أكل شيء يستقبح ذكره، لا ليس لحم فأر ميت، ولا لحم خنزير. قالت الجهة السادية، عفوًا السيادية، لضيفها بعد أن وضعت أمامه القِرى: كُلْ، يا أسد الشرى.

فأكل وعاد إلى مجلس الشعب، وأمسى أول الناس تصفيقًا وآخرهم نهيقا، وصار في البيت يصفق، وفي الشارع يصفق، ويبتسم دومًا للصديق والعدو، ولو كان مسموحًا بالتصفيق للعدو لصفق له أيضًا.

علت أصوات التهديد والوعيد بعد أن بث بطل بابا الحارة البحصة، فاستغاثت زوجته بأصحابه وجمهوره، ودعا النازحون في الخارج لمناصرته، وصفقوا له حتى يثبت

قبل أيام أحب بطل باب الحارة الأسد أبو عصام النوري أن يكون بطلا للحارة السورية، وظنَّ أنّ شهرته تقيه قر ّالبرد، واشتهى أن يلفظ البحصة التي في فمه، صعب أن يعيش المرء مع حصاة في فمه، وحسرة في قلبه، فذكر شيئًا عن غلاء الأسعار في مقابلة إذاعية، وتذكّر بعضًا من ماضي سوريا القريب، وكارثة تولي العسكر وحزب البعث سدة السلطة، وقارن الاحتلال الإسرائيلي بالاحتلال الوطني، فابتهج المعارضون لأنهم وجدوا في سوريا المفيدة من يقول قولًا سديدًا ومفيدًا، ونُصّب بطلًا لا يشق له غبار ولا يصطلي له بنار. يستطيع البغاث بأرضنا أن يستنسر، فأرضنا ليس فيها صقور، كلها دجاج أو حمام بأطواق الحديد، وأسوار الحديد، إنّ عيش الذل أولى بالعبيد.

لا صوت فوق صوت المعركة، نحن في حصار، وحتى قبل الحصار كنا في حصار. وعلت أصوات التهديد والوعيد بعد أن بث بطل بابا الحارة البحصة، فاستغاثت زوجته بأصحابه وجمهوره، ودعا النازحون في الخارج لمناصرته، وصفقوا له حتى يثبت، وأكثروا له من القلوب الحمراء، لكنه لان ورجع عن قوله، فقام النظام بعملية جراحية لإعادة الحصاة إلى فمه، فظهر واعتذر من الجيش السوري البطل، وندد بمن يصيد في الماء العكر، أين الماء العذب الفرات ونحن نصيد فيه. واشتكت قبل أيام زميلة له، فكل أبطالنا ممثلون، وانتقدت النظام، فخرجت واعتذرت ونددت مثل عباس النوري بمن يصيد في الماء العكر.

وفي مصر ماء النيل عكر أيضًا، فقد ظهر الشيخ الظريف مبروك عطية غاضبًا من تدمير بيوت الناس وتهجيرهم، وأفتى بحرمتها إطلاقًا، وتلا آية قرآنية، "وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّه"، قال الناس: مصر كبيرة وفيها من يجهر بالحق، وزأر ثم ذاب الثلج وبان النمر عطية هرًا لطيفًا، وغيّر فتواه واعتذر، وأباح تدمير البيوت وتهجير الناس، لأنها بيوت مبنية على أرض غير مرخصة.

ورأينا «خرّيج توك توك» صاحب الجملة الرائعة: تشوف التلفزيون تلاقي مصر فيينا، تنزل الشارع تلاقيها بنت عم الصومال، فغضب النظام المصري من صيده في مياه فيينا بدون ترخيص، واستضافه تلفزيون النظام وأجرى عملية جراحية لإعادة الحصاة إلى الفلم والحسرة إلى القلب وأجبره على الاعتذار. وفي لبنان شتم رجلان حسن نصر الله، واللبنانيون غاضبون ويشتمون حكومتهم كثيرًا، فظهرا ذليلين، واعتذرا من سماحة السيد، وندّدا بالذين يصيدون في الماء العكر.

ليس لدينا ثلاث سلطات حتى نطالب بالفصل بينها، فهي سلطة لها ثلاثة أقنعة، وسبب ذكرنا للسلطات الثلاث أن حيدرة بهجت سليمان بصفته عضوا عاملا في الحزب توعد بتقديم عباس النوري للقضاء، وعجيب أن يتذكر القضاء، وأن يتذكر حزب البعث!

الأنظمة المصرية والسورية واللبنانية الحاكمة التي تحارب إسرائيل وأميركا ومعها عشرات الدول لن يعجزها ممثل أو فنان لا يعول عليه كثيرا، أو مواطن أسكره الغضب

مهما يكن فإن حظ النوري أحسن من حظ زميله سلوم حداد الذي ظنّ أنه الزير سالم، فظهر ضيفًا على التلفزيون، وبكى وناح حتى كاد أن يدركه الصباح على بحصة لفظها، وأفضل من حظ مطربة مصرية طالبت مواطنيها بتعقيم مياه النيل للحفاظ على صحتهم، وهو كلام في الصحة، لكن النظام وجد فيها تنمرًا وتخميشا لصورته، وحطًا من مقام السيد الرئيس، أو تعطيلا للمقادير وإنكارا لموت المصريين بالأمراض، الموت حق، فظهرت حليقة الشعر وزعمت أنها حلقته احتجاجًا على طليقها.

الأنظمة المصرية والسورية واللبنانية الحاكمة التي تحارب إسرائيل وأميركا ومعها عشرات الدول لن يعجزها ممثل أو فنان لا يعول عليه كثيرا، أو مواطن أسكره الغضب، وتستطيع إكراهه على الاعتذار والرجوع إلى الحبيب الأول وإلى أول منزل.

قد يكون الصقيع مفيدا، في الصقيع تتجمد المياه ولا يعكر صفوها شيء ويحلو صيد الفرائس التي أخرجها الجوع، فقد عاشت الأنظمة العربية في زمهرير قانون الطوارئ، الذي لا يتعكر فيه ماء ولا تتلبد فيه سماء.

 انتصر أسود ضيعة ضايعة على حلاق باب الحارة أخيرا.

 أعلن النصر.