icon
التغطية الحية

معارك النظام الاقتصادية لوصل تركيا بالأردن عبر الطريق الدولي

2018.07.07 | 19:07 دمشق

عربة تابعة للشرطة العسكرية الروسية على الطريق الدولي قرب حمص ( ا ف ب)
تلفزيون سوريا - عبدالله الموسى
+A
حجم الخط
-A

مع دخول قوات النظام يوم أمس برفقة قوات روسية إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وبعد تمكن حلف النظام من السيطرة على حلب والغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي وجنوب دمشق وريف إدلب الجنوبي الشرقي؛ سيقترب الحلف من إعادة تفعيل الحركة التجارية والاقتصادية عبر الطريق الدولي حلب – دمشق والذي يبدأ مع الحدود التركية شمالاً وينتهي بحدود الأردن جنوباً.

السيطرة على هذه المناطق خلال العامين الماضيين يعزز من سيطرة النظام على القطع التي كانت خارج سيطرته من الطريق الدولي، في حين يبقى أمام النظام وحلفائه معضلتين للتعامل معهما لإعادة الحركة الاقتصادية من صادرات وواردات وحركة الترانزيت من تركيا حتى الأردن عبر الأراضي السورية وصولاً إلى دول الخليج ومصر.

المعضلة الأولى والأصعب ستكون بالسيطرة أو التعامل مع المسافة الأطول من الطريق الدولي، والتي تقع بين مدينة مورك بريف حماة الشمالي ومنطقة الراشدين التي تعتبر إحدى ضواحي مدينة حلب الغربية، حيث يستخدم النظام الآن الطريق الثانوي والذي بات يعرف بطريق خناصر، الواقع شرقي الطريق الدولي والموازي له، والذي يصل مدينة سلمية القريبة من مدينة حماة مع منطقة الراموسة جنوب مدينة حلب، إلا أن هذا الطريق الضيق والذي يعتبر طريقاً زراعياً لا يمكن الاعتماد عليه لإعادة الزخم للحركة التجارية.

وتتطلب هذه المهمة سيطرة النظام على الجانب الغربي من الطريق الدولي، حيث تنتشر نقاط المراقبة الروسية والتركية على الجانب الشرقي منه، الأمر الذي يعطي مؤشراً على إدراك الدولتين لأهمية هذا الطريق، كما أنه يعطي مؤشراً على سهولة التفاهم بين الجانبين لإبعاد الفصائل عن هذا الطريق ونقل نقاط المراقبة إلى الجانب الغربي منه، وفي حال لم يتم التفاهم حول ذلك بين تركيا وروسيا فإنه من غير المستبعد وفق محليين أن يشن النظام بدعم روسي هجوماً برياً للسيطرة على هذه القطعة من الطريق الدولي، وذلك في ظل التصريحات الصادرة عن النظام وروسيا بأن إدلب هي الوجهة القادمة لمعاركهما.

وستكون المعضلة الثانية هي تفعيل الحركة التجارية بين مناطق ريف حلب الشمالي (على الحدود التركية) الواقعة تحت سيطرة فصائل الجيش الحر ومدينة حلب، وربما ستكون هذه المهمة أسهل بكثير للنظام وخاصة أن هذا الملف كاملاً تم تداوله في جلسات أستانا بين الضامنين الروسي والتركي، كما أن معبر أبو الزندين الواقع جنوبي مدينة الباب (أكبر مدن ريف حلب الشمالي والشرقي) يُعدُ مثالياً في حال تم تفعيله للحركة التجارية، كونه يقع على طريق رئيسي يربط مدينة الباب بمدينة حلب.

وربما سيحتاج ذلك وقتاً طويلاً بحكم أنه مرتبط بشكل كبير بالتفاهمات العميقة بين الأطراف الدولية والإقليمية اللاعبة في الملف السوري، لكن بدون إيجاد حل لهاتين المشكلتين السابقتين فإن الحركة التجارية الآن ستكون متاحة بين مدينة حلب والحدود الأردنية.

في حال تمكن حلف النظام من حل هاتين المسألتين ستعود الحركة التجارية إلى ما كانت عليه قبل 2011، الأمر الذي سيعود بالمكاسب الاقتصادية لكل النظام وحلفائه وتركيا والأردن وحتى لبنان والعراق.

العائدات الاقتصادية قبل 2011

وصل حجم الصادرات السورية التي تمت عبر معبر نصيب خلال العام 2010 إلى نحو 1100 مليون طن، بقيمة تصل لأكثر من 35 مليار ليرة سورية، بينما كان حجم الاستيراد عبر المعبر 1141 مليون طن بقيمة تصل لنحو 47 مليار ليرة سورية، أي أن قيمة المبادلات التجارية للمعبر تجاوزت ملياري دولار وفقاً لسعر الصرف المعمول به في عام 2010، وانخفض حجم الصادرات السورية في الفترة ما بين عام 2014 ولغاية تاريخ سيطرة الفصائل العسكرية على معبر نصيب الحدودي في شهر آذار من العام 2015 إلى 340 ألف طن بقيمة تصل لأكثر من 27 مليار ليرة سورية، بينما كان حجم الاستيراد 460 ألف طن بقيمة 78 مليار ليرة.

وفي حال عودة الحركة التجارية وفتح الأردن لمعبر نصيب ستكون الصادرات السورية وحركة الترانزيت قادرة مجدداً على الوصول إلى أسواق الخليج ومصر بكميات أكبر وكلفة لا تقارن مع كلفة الشحن الجوي والبحري، فضلاً عن إعادة تنشيط حركة تجارة الترانزيت القادمة عبر المرافئ اللبنانية أو مرفأ طرطوس.

وأيضاً ينتظر لبنان الذي تحمل اقتصاده خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية إعادة فتح المعبر، حيث إن صادراته وحركة الترانزيت من مرافئه عبر الأراضي السورية إلى دول الخليج توقفت نهائياً

تكشف تحركات النظام في سوريا ميدانياً والتحركات الروسية في أروقة السياسة للدفع باتجاه حل سياسي يتم تصميمه بأيادٍ روسية هي نفسها التي قتلت مئات آلاف السوريين؛ تكشف عن الوجه الاقتصادي للمعارك التي قاموا بشنها خلال العامين السابقين، تزامناً مع جهود روسية في سوريا لتصدير انطباع عن سيطرة النظام على كامل سوريا، وتجنيد المزيد من الجماعات المسلحة من الشبيحة وتنظيمهم في فيالق موالية لها، وذلك ضمن الحرب الناعمة بين روسيا وإيران لتقاسم غنائم الحرب في سوريا وأهمها الحركة التجارية، تاركين في هذا الصدد سوريا والنظام فيها الذي بات مسلوب القرار ضمن آخر اهتماماتهم.