تظاهر، أمس السبت، أكثر مِن 30 ألف شخص في نحو مئة مدينة بألمانيا، تضامناً مع سفن إنقاذ المهاجرين مِن مياه البحر المتوسط وتأييدا لحقوق اللاجئين والمهاجرين، وذلك عقب منع السلطات الإيطالية سفن إنقاذ مِن الرسو في موانئها.
وحسب موقع "دويتشه فيله" الألماني، فإن نحو ثمانية آلاف شخص تظاهروا في العاصمة برلين، وأربعة آلاف في هامبورغ، فيما جرت اعتصامات ومسيرات في نحو مئة مدينة بمختلف أنحاء ألمانيا، رفع المتظاهرون خلالها سترات إنقاذ، مندّدين بتجريم عمليات الإنقاذ في البحر ومهاجمين وزير الداخلية الإيطالي (ماتيو سالفيني) اليميني الشعبوي، الذي يرفض فتح موانئ بلاده أمام السفن.
وطالب المتظاهرون، الحكومة الألمانية بتولّي أمور اللاجئين الذين تنقذهم المنظمات غير الحكومية في البحر المتوسط، فيما ألقى متظاهرون آخرون في مدينة بون، الزهور في مياه النهر من فوق جسر الراين إحياء لذكرى الذين قضوا في مياه المتوسط.
وكانت (كارولا راكيتي) قبطانة سفينة "سي ووتش 3" التي أنقذت عشرات اللاجئين مِن البحر المتوسط، حاضرة بقوة في المظاهرات عبر رسائلها الصوتية التي وجّهتها للمتظاهرين رغم وجودها في إيطاليا، قالت فيها إن "عمليات الإنقاذ في البحر لا حدود لها، وكذلك تضامننا"، مضيفةً أن "انعدام المسؤولية لدى دول أوروبية أجبرني على التصرف كما تصرفت".
منظمة "جسور البحر" (التي تأسست عام 2018، وتتخذ مِن القبطانة "راكيتي" رمزاً لها)، هي مَن دعت إلى هذه المظاهرات، في ظل مطالبها المستمرة بنزع الصفة الإجرامية عن عمليات الإنقاذ في البحر، وتأمين طرق الهروب وإتاحة موانىء آمنة أمام اللاجئين.
جاء ذلك، بعد إيقاف السلطات الإيطالية، الأسبوع الفائت، "راكيتي" بعد أن رست عنوة في جزيرة "لامبيدوسا" الإيطالية للسماح بإنزال 40 مهاجراً أنقذتهم مِن الغرق وعلِقوا على السفينة لأكثر مِن أسبوعين، قبل أن تأمر قاضية إيطالية بالإفراج عن "راكيتي" لأنها سعت لإنقاذ أرواح، إلّا أنها ما زالت تواجه تهمة ممارسة العنف بحق سفينة حربية والمساعدة على الهجرة غير القانونية.
اقرأ أيضاً.. القضاء الإيطالي يطلق سراح "منقذة اللاجئين"
وفي وقتٍ سابق، أمس، رست سفينة الإنقاذ "أليكس" التابعة لمنظمة "مديتيرانيا" في أحد موانئ جزيرة "لامبيدوسا" الإيطالية وعلى متنها 41 مهاجراً، في تحدٍ آخر لمحاولات وزير الداخلية االإيطالي (ماتيو سالفيني) لـ إغلاق الموانئ في وجه المهاجرين.
من جهته طالب وزير الداخلية الألماني (هورست سيهوفر) نظيره الإيطالي بفتح الموانئ الإيطالية أمام السفينتين "آلان كردي" و"آليكس" الموجودتين قبالة جزيرة لامبيدوسا، إلّا أن "سالفيني" قال على حسابه في "تويتر"، إنه لن يسمح برسو السفن "التي تهزأ بالقوانين الإيطالية وتساعد المهربين"، وفق تعبيره.
وسبق أن واجهت القبطانة الألمانية (بيا كليمب) وأفراد طاقمها خطر السجن لمدة 20 عاماً في إيطاليا، بسبب إنقاذ اللاجئين مِن الغرق في مياه البحر الأبيض المتوسط، وذلك خلال عبورهم باتجاه دول الاتحاد الأوروبي.
تزامناً مع المظاهرات في ألمانيا، أطلق ناشطون حملة للتضامن مع اللاجئ السوري (نور السامح) المعتقل في اليونان منذ عام 2015، بتهمة تهريب البشر، حيث طلب المساعدة لإنقاذ لاجئين كان معهم على متن قارب شراعي بسبب إتقانه اللغة الإنكليزية، لـ يواجه نتيجة ذلك عقوبات بالسجن تصل إلى 300 يوم.
ويناقش الاتحاد الأوروبي بشكل دوري سبل إيقاف الهجرة "غير الشرعية" وحماية حدوده، كما تبحث بعض دول الاتحاد تعزيز دور وكالة حماية الحدود الخارجية الأوروبية "فرونتكس"، في سبيل منع انطلاق قوارب طالبي اللجوء مِن السواحل الجنوبية للمتوسط والتوجه شمالاً باتجاه أوروبا.
يشار إلى أن حوادث غرق مهاجرين (كثير منهم سوريون) في البحر المتوسط تتكرر باستمرار، وذلك خلال محاولتهم اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر طرق غير قانونية وهي الإبحار بقوارب مطاطية (البلم)، انطلاقاً مِن سواحل دول مختلفة يقيمون فيها مثل تركيا وليبيا ولبنان وتونس.