icon
التغطية الحية

مصنع "لافارج" المتهم بتمويل داعش في سوريا استخدم كمقر للمخابرات الغربية

2021.09.10 | 11:08 دمشق

2021-09-07t085249z_1788603720_rc2wkp9kpilo_rtrmadp_3_holcim-lafarge-justice.jpg
رويترز
إسطنبول ـ متابعات
+A
حجم الخط
-A

قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن أجهزة مخابرات غربية استخدمت مصنع لافارج للإسمنت في سوريا كمقر لها، لجمع معلومات عن الرهائن المحتجزين لدى تنظيم الدولة.

وأكد ضابط مخابرات أردني كان عمله محورياً في جهود التجسس، لصحيفة الغارديان، أن مصنع لافارج الذي استمر في العمل بعد اجتياح تنظيم الدولة لشرقي سوريا، كان المركز الإقليمي لمحاولة إنقاذ ما يصل إلى 30 رهينة.

وكان من بين المعتقلين الصحفي الأميركي جيمس فولي والمصور البريطاني جون كانتلي والطيار الأردني معاذ الكساسبة، وقد تأكد مقتل اثنين منهم فيما بعد.

وقضت أعلى محكمة في فرنسا هذا الأسبوع بأنه يمكن التحقيق مع لافارج بشأن مزاعم التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية بسبب تعاملاتها في سوريا، قائلة إن القرار السابق بشطب التهمة كان معيباً.

واتُهمت لافارج بدفع ما يصل إلى 13 مليون يورو كضرائب ورسوم لتنظيم الدولة للحفاظ على عمل المصنع بين عامي 2013 ـ 2014، الذي يقع في قلب أراضي يسيطر عليها التنظيم آنذاك. ولم تعترض الشركة على الرقم وأقرت بدفع الرسوم للوسطاء لكنها قالت إنها لا تعرف الوجهة النهائية للأموال.

ويعتبر الحكم الذي طال انتظاره سابقة قضائية وله تداعيات واسعة على الشركات التي تعمل في مناطق الحرب، لكن دور ضابط المخابرات الأردني قد يثير أيضاً تساؤلات حول تأثير أجهزة المخابرات على القرارات التجارية الحساسة، التي تتخذها الشركات الكبرى ظاهرياً وفي أي دور غير معلن للحكومة الفرنسية في الحفاظ على تشغيل المصنع.

وقال مصدر استخباري رفيع: "كان هذا قراراً أكبر من قرار لافارج إن قضية المحكمة لا تروي القصة كاملة".

محاولة إنقاذ فاشلة للكساسبة

وعلمت صحيفة الغارديان أنه طوال ذروة سيطرة تنظيم الدولة على المنطقة، كان الجاسوس الأردني أحمد الجالودي يتنقل بانتظام بين المصنع وعمان لإطلاع رؤساء المخابرات الإقليمية والعالمية على مكان وجود الرهائن المزعوم، وفي مرحلة ما يتعقبهم إلى معمل نفطي قرب مدينة الرقة شرقي سوريا.

جالودي الذي كان وصف وظيفته مديراً أول للمخاطر في لافارج، سافر أيضاً إلى الرقة للتعامل مع أحد كبار قادة التنظيم لمحاولة تأمين الإفراج عن الطيار الأردني الذي تحطمت طائرته المقاتلة من طراز F-16 بالقرب من الرقة. حرق التنظيم الطيار الكساسبة حياً في وقت لاحق، وتمَّ تصوير وفاته وبثها كدعاية، مما يمثل واحدة من أكثر اللحظات المروعة.

اتصلت صحيفة الغارديان هذا الشهر  بالجالودي وهو ضابط مخضرم في مديرية المخابرات العامة الأردنية، حيث أكد دوره قائلاً "كنت فخوراً جداً بالعمل الذي قمت به لمحاولة إطلاق سراح الرهائن والطيار الأردني، وحماية العمال في المصنع. لقد قدمت معلومات استخبارية دقيقة وقابلة للتنفيذ في الوقت الفعلي كان من الممكن أن تؤدي إلى إنقاذ المحتجزين ".

893.jpg
أحمد الجالودي ـ الغارديان

على مدى ثلاث سنوات قام الجالودي برحلات متكررة من مصنع لافارج بين الرقة وحلب عبر قلب ما يسمى الخلافة إلى تركيا ثم عمان لإطلاع المسؤولين كل شهر أو نحو ذلك على المعلومات. كان دوره معروفاً من قبل الجواسيس في تركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والأردن، وقد ساعدهم جميعا في تسهيل وصوله إلى واحدة من أخطر مناطق العالم ومنها مروراً بنقاط تفتيش تنظيم الدولة والنجاة من التدقيق المستمر الذي تمارسه فرق مكافحة التجسس.

وأكدت مصادر استخبارية أن الجلودي لم يلعب أي دور في العمليات التجارية للشركة. وتم تسهيل دخوله وخروجه من سوريا عبر الحدود التركية من قبل جهاز المخابرات الوطني التركي، وكان الاتصال به هو رئيس المخابرات العامة آنذاك  الجنرال فيصل الشوبكي.

وأكدت مصادر أن الجالودي كان من أهم العملاء الذين يديرهم أي جهاز استخبارات داخل مناطق سيطرة تنظيم الدولة، حيث يقدم معلومات منتظمة عن تحركات التنظيم وقيادته - وعلى وجه الخصوص مكان وجود الرهائن الذين احتجزتهم.

في أوائل عام 2014 ، ساعد الجلودي في تأكيد أن الرهائن بمن فيهم صحفيون وعمال إغاثة محتجزون في محطة الأكيراشي النفطية في ضواحي الرقة.

لافارج مركز احتجاز ومقر للمخابرات

تم تأكيد المعلومات من قبل سائقي التوصيل والسعاة إلى المصنع. كما قال مصدر ثان من داخل التنظيم لصحيفة الغارديان إن مصنع النفط يُستخدم كمركز احتجاز. بدأت مهمة إنقاذ في نيسان من ذلك العام لكن تم نقل الرهائن قبل أيام فقط.

يذكر أن لافارج  شركة عالمية رائدة في مواد البناء لديها أكثر من 2500 مصنع في جميع أنحاء العالم. بلغت قيمة استثمارها في سوريا في عام 2007 نحو 600 مليون يورو في ذلك الوقت وكانت تعتبر علامة تجارية فرنسية مؤثرة في الشرق الأوسط.

اعترفت الشركة سابقاً بعد تحقيقها الداخلي الخاص بأن فرعها السوري دفع للجماعات المسلحة للمساعدة في حماية الموظفين في المصنع. لكنها رفضت عدة اتهامات ضدها في إطار التحقيق القانوني الفرنسي منها أنها متواطئة في جرائم ضد الإنسانية بسبب تعاملها مع جماعات متشددة في المنطقة، من بينها تنظيم الدولة.

استولى تنظيم الدولة على المصنع بالقرب من الجلابية في نهاية المطاف في أواخر عام 2014، وأطيح بالتنظيم خلال حملة جوية للتحالف ثم سيطرت فرق القوات الخاصة الأميركية والفرنسية على المصنع مع اشتداد المعركة لهزيمة التنظيم.