icon
التغطية الحية

مشكلة روسيا في سوريا

2020.10.12 | 13:46 دمشق

118763933_4310927738949076_2733112037069603362_o.jpg
لقاء إلهام أحمد بسيرغي لافروف- أيلول 2020 (وكالات)
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

يُجمع كثير من المحللين إلى جانب عدة دراسات وأبحاث، على أن الوضع القائم في سوريا حالياً، هادئ، بمعنى أن لا عمليات عسكرية في الأفق، ويعني ذلك أيضاً التفات القوى اللاعبة في الملف إلى رعاية مصالحها وتحقيق مكتسبات جديدة، عبر عدة طرق، وكل حسب الفريق الذي يعمل معه.

روسيا تحتل المرتبة الثانية في سلم اللاعبين في سوريا بعد أميركا، ولموسكو طموحات اقتصادية مقيدة من قبل واشنطن، المهيمنة على منابع النفط الغنية شمال شرقي سوريا، فالتنافس بين الطرفين يبلغ الآن أشده شمال شرقي سوريا، إذ تصر أميركا على حرمان من ينافسها من النفط.

مفتاح القيود تلك من وجهة نظر روسيا هو "الإدارة الذاتية" وجناحيها السياسي "مجلس سوريا الديمقراطي" (مسد) والعسكري "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، حيث تظهر التحركات الدبلوماسية الروسية نحو هذا الفريق،تيقن موسكو بأن ما من سبيل لتحقيق مكاسب في هذه المنطقة من شأنها إنقاذ اقتصاد نظام الأسد إلا عبر "مسد" و"قسد".

عين روسيا على نفط الحسكة واقتصادها

تكمن مشكلة روسيا الحالية في سوريا في عدم قدرتها على جر فريق "الإدارة الذاتية" لشمال شرقي سوريا إلى صفها، ولو ببعض التفاهمات الاقتصادية، وكلما حاولت ذلك تعود إلى نقطة البداية.

اقرأ أيضاً: خطوتان أجرتهما القوات الروسية في الحسكة لتثبيت نفوذها

تصطدم موسكو هنا بالرغبة الأميركية المهيمنة على قرار "الإدارة الذاتية"، فواشنطن هي الداعم الرئيسي لها منذ سنوات، بل تكاد تكون الشريك الوحيد لها، فالشؤون العسكرية في شمال شرقي سوريا تتم بالتخطيط الأميركي، وبتنفيذ من "قسد"، والأمور السياسية تُرتب عبر ما تحمله حقيبة المبعوث الأميركي جيمس جيفري من توصيات إلى الساسة الأكراد، لجهة ترتيب البيت الكردي- الكردي، وطبيعة العلاقة مع نظام الأسد، وأطراف المعارضة السورية.

برز هذا المشهد بشكل جلي في أمرين أساسيين وقعا خلال الأيام الماضية، الأول حين أطلق الساسة الروس مبادرة جديدة في موسكو، لاستدراج "مسد" إلى دائرتهم، عبر جمعهم برئيس منصة موسكو، قدري جميل المدعوم روسياً، نتج عن هذا للقاء مجموعة من البنود، أعطت ولو بشكل غير مباشر مؤشراً على أن هذا اللقاء قد يكون جسراً تبنيه موسكو لإعادة ترطيب العلاقات بين نظام الأسد و"الإدارة الذاتية"، حيث شهدت جلسات التفاوض بينهما توقفاً منذ أشهر، وإذ تتوقع موسكو من هكذا عودة، بناء بوابة لإنعاش اقتصاد نظام الأسد المتهالك، وقد نجحت في إحداث اختراق في جدار القطيعة بين النظام "والإدارة" في أيار الفائت، حين تمكنت من فتح الطريق الواصل بين الحسكة وعين عيسى عبر "M4"، وعبر هذا الطريق تمكنت روسيا من إنشاء شبكات متفرعة من الطرق، استطاع نظام الأسد من خلالها استيراد وتصدير بعض السلع من الإدارة على رأسها النفط، وأمام أعين القوات الأميركية، التي لم تتدخل حتى الآن بسبب الرعاية الروسية لهذه الشبكات.

اقرأ أيضاً: ما هي بنود الاتفاق بين "مسد" و"الإرادة الشعبية" المدعوم روسياً؟

ووفق تحليل بياني أعدّه موقع" COAR "الذي تشرف عليه مجموعة من المختصين والخبراء الذين يقدمون دراسات وتحليلات حول سوريا، بشكل أسبوعي، فإن فتح طريق الحسكة- عين عيسى يعتبر حدثاً بارزاً للتعاون السياسي بين "قسد" ونظام الأسد، خاصة وأنه يأتي في ظل انهيار اقتصاد النظام بسبب الانخفاض الشديد لقيمة الليرة السورية، ما يجعل للحركة التجارية أهمية كبيرة الآن.

غُرف الكرملين تستقبل وفود "مسد".. لا دوران في عجلة الطموح الروسي

توقعت موسكو بعد لقائها الأخير مع رئيسة الهيئة التنفيذية لـ "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد)، إلهام أحمد، والوفد المرافق لها، حدوث حلحلة من قبل "الإدارة الذاتية" تجاه الطموح الروسي شمال شرقي سوريا، لكن شيئاً لم يحدث.

مراقبون يرون أن موسكو لم تحصل على ما توقعته من خطوتها من لقاء أحمد مع قدري جميل ورعاية اتفاق بين الطرفين، إذ ما زالت أهداف روسيا التوسعية شرقي الفرات معلقة، بل إنها باتت تصطدم برفض من الأهالي، وخاصة في منطقة المالكية الغنية بالنفط حيث تسعى روسيا جاهدة لإنشاء قاعدة هناك، لكنها فشلت خمس مرات بذلك كان آخرها، يوم أمس الأحد.

ومن المؤشرات على أن الروس ليسوا سعداء بما تفكر به "الإدارة الذاتية"، هو ما جاء على لسان، سيرغي لافروف، من انتقاد لاذع لـ"الإدارة الذاتية"، حين قال صراحة إن "المشكلة الكردية قد تنفجر في المنطقة بسبب الإجراءات الأميركية في شمال شرقي سوريا"،

وألمح أن الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى إقناع تركيا بعدم ممانعة تشكيل "حكم ذاتي كردي" في شمال شرقي سوريا.

اقرأ أيضاً: اتفاق "مسد" مع قدري جميل في ميزان مكاسب موسكو وتحفظ أنقرة

وزاد لافروف، "الدعوة إلى الانفصالية وتمريرها بشكل نشط قد تؤدي إلى تداعيات سيئة جداً"، مضيفاً أن "هذا كله تقوم به دولة تقع بعيدة وراء المحيط، أما التداعيات فستتعامل معها دول المنطقة وأوروبا وكذلك نحن بأنفسنا، لأننا قريبون من هذه الأرض".

وينطلق لافروف في تصريحاته من استياء الساسة الروس في الكرملين من عدم قدرتهم على تحقيق أي مكاسب في المنطقة الأغنى في سوريا (شمال شرقي سوريا)، في الوقت الذي يحاولون فيه التقرب أكثر من "مسد" وحتى "قسد" عبر اتفاقات عسكرية، إحداها أنقذ "قسد" من الجيش التركي في تشرين الأول 2019 أثناء عملية نبع السلام.

في المقابل ردت "الإدارة الذاتية" على تخوفات لافروف، عبر نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في "الإدارة الذاتية"، بدران جيا كرد، الذي اعتبر أن كلام لافروف لا يخدم حل "الأزمة السورية"، ويشكل أرضية "لتحريض تركيا وإيران ضد الأكراد"، وفق ما نقلت وكالة "هاوار"

وأوضح المسؤول في "الإدارة الذاتية" صراحة أن أي تعاون سلبي مع الأكراد وشركائهم في سوريا من قبل القوى العظمى خاصة، سيدفعهم إلى خسارات استراتيجية على مستوى محاربة الإرهاب، وفق تعبيره.