تسعى حكومة النظام السوري إلى فرض رسوم سنوية على ذوي الطلاب، في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، عبر مشروع قانون لإحداث "صندوق التعاون والنشاط المدرسي".يهدف المشروع، بحسب الحكومة، إلى جمع أكثر من 115 مليار ليرة سنوياً، ما يُشكل عبئاً جديداً على الأسر السورية التي تعاني من ظروف اقتصادية خانقة.
وبحسب دراسة لمركز "قاسيون"، فإن الرسوم الجديدة، التي حُددت بـ 10 آلاف ليرة للمرحلة الأولى، و15 ألفاً للمرحلة الإعدادية، و20 ألفاً للمرحلة الثانوية عن كل فصل دراسي، تثير جدلاً واسعاً حول مصير التعليم المجاني في سوريا.
مليارات تدخل جيوب النظام بذريعة دعم التعليم
قدرت التصريحات الرسمية عدد الطلاب في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي بنحو 3.3 ملايين طالب وطالبة مع بدء العام الدراسي الحالي. ويتوقع "قاسيون" أن يجمع "صندوق التعاون والنشاط المدرسي"، 35 ألف ليرة من كل طالب سنوياً، مما يجعل إجمالي المبلغ المستهدف يتجاوز 115 مليار ليرة سنوياً. هذا المبلغ الضخم يُقتطع من جيوب ذوي الطلاب، ويُخصص بحسب رواية النظام، لتغطية احتياجات المدارس التي يبلغ عددها نحو 14,500 مدرسة.
ووفقاُ لوكالة أنباء النظام "سانا"، دافع وزير التربية عن المشروع في جلسة الحكومة الأخيرة، معتبراً أن الرسوم الحالية رمزية وغير كافية لتغطية نفقات الأنشطة والخدمات التربوية. لكنه لم يُخفِ أن هذه الخطوة تأتي في ظل ضغوط مالية تواجهها الخزينة العامة ووزارة التربية.
آثار الزيادة على الأسر الفقيرة
بالمقابل، حذّر بعض الوزراء من آثار هذه الزيادة على الأسر الفقيرة، معتبرين أن القرار قد يُفاقم مشكلة التسرب المدرسي ويؤثر على قدرة الأطفال من الطبقات المفقرة على مواصلة تعليمهم.
ولا تقتصر أعباء التعليم في مناطق سيطرة النظام على هذه الرسوم، حيث تتحمل الأسر السورية كلفة إضافية تشمل مستلزمات أساسية مثل أقلام السبورة، وأوراق الامتحانات، ونسخ الكتب الدراسية، وحتى الدروس الخصوصية. هذه النفقات تجعل التعليم، الذي كان يُفترض أن يكون مجانياً، مكلفاً جداً، حيث يصف مواطنون كُثر هذه الرسوم بأنها ضريبة إضافية على الفقراء.
المشروع يقوض مجانية التعليم
إجمالاً، يرسخ المشروع سياسة النظام المتواصلة لتقويض مجانية التعليم في سوريا، حيث تتحول المسؤولية من الدولة إلى المواطن. ومع ارتفاع كلفة المعيشة وانخفاض الدخل، يصبح التعليم حكراً على القادرين مالياً، ما يُعمّق الفجوة الاجتماعية ويهدد بمزيد من التسرب المدرسي، إذ يعجز الطلاب عن الاستمرار في الدراسة بسبب نقص الدعم اللازم من أسرهم التي باتت تعاني من ضغط اقتصادي.
وتفاقمت هذه المعاناة مع تأكيد تقارير أممية على لجوء العديد من العائلات السورية إلى تقليل عدد وجبات الطعام اليومية بهدف تقليل الإنفاق، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي لا تقتصر آثارها على التعليم فحسب، بل تمتد إلى مختلف جوانب الحياة.