icon
التغطية الحية

مشاريع صغيرة ومهن جديدة أمل نازحي ريف حلب بحياة أفضل

2019.11.27 | 17:39 دمشق

113.jpg
تلفزيون سوريا - منصور حسين
+A
حجم الخط
-A

يتابع "محمد الحسين" عمل طفليه "أحمد وماريا" في ترتيب رفوف دكانه الصغير، ويوجه لهم التعليمات تارة وينهض لمساعدتهم تارة أخرى، إلى أن تستقر جميع البضائع في مكانها مثبتة على كل منها ورقة صغيرة تدل على السعر.

"محمد الحسين" صاحب الثماني والثلاثين سنة، مهجر رفقة زوجته وأبنائه الأربعة من مدينة حلب عام "2016" إلى مخيم مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي، ويعاني من آلام الديسك والروماتيزم وهما مرضان أجبراه على الجلوس دون عمل فترة طويلة، إلى أن قرر قبل عام تحويل جزء من خيمته إلى بقالية صغيرة توجد فيها السلع التموينية والمستلزمات الأساسية التي يحتاجها قاطنو المخيم.

وفي حديثه لتلفزيون سوريا يقول محمد الحسين "قمت باقتطاع جزء من خيمتي وهي مساحة لا تتجاوز المتر ونصف بواسطة بطانية نوم، وتأثيثها بالطاولات والرفوف الخشبية لعرض السلع المكونة من المواد التموينية السكر، الأرز، الشاي والطحين، والمواد الغذائية مثل المعلبات والمعكرونة وغيرها، إضافة إلى مأكولات الأطفال، وهذه البضائع أحاول شرائها من البازارات ومحال الجملة، لإبقاء أسعار دكاني متقاربة مع سعر سوق المدينة".

ويضيف "دخلي اليومي لا يتجاوز "500 ليرة سورية" أي أقل من "دولار أميركي" يومياً، نتيجة صغر حجم الدكان واعتمادي على بيع السلع القابلة للتخزين فترة طويلة فقط، وذلك لعدم توفر الكهرباء دائماً لحفظ المواد من التلف، إضافة إلى طبيعة المخيم الصغير الذي لا يتجاوز تعداد قاطنيه الأربعمئة عائلة، وهذا ساهم بدوره في تحديد خيارات السلع التي أبيعها وكمياتها".

 

الخدمات المتوفرة في المخيم تزيد من مصادر الدخل

حجم المخيم وأعداد القاطنين فيه، إضافة إلى الخدمات المتوفرة وأهمها الكهرباء، يلعب دوراً هاماً في زيادة مصادر الدخل وتعددها، كما هو الحال مع مخيم "باب السلامة" على الحدود السورية التركية، حيث تحول المخيم إلى مدينة متكاملة قادرة على استيعاب المشاريع الصغيرة، حتى وإن كانت آلة حياكة منزلية، كما هو الحال مع السيدة "أم خلدون" النازحة من ريف حلب الجنوبي مع طفليها.

وتقول أم خلدون لتلفزيون سوريا "العيش على ما يقدم لنا من مساعدات شهرية مثل الضحك على اللحى، فهي لا تفي بالغرض ولا يمكن أن تؤمن حياة كريمة، فأنا بحاجة إلى مصاريف مالية لعائلتي، وهو مادفعني لمعاودة العمل في مهنتي بعد سنوات من الانقطاع".

وتضيف "بعد توفر الكهرباء وتحول المخيم إلى مركز تجمع لأقاربي ومعارفي، حولت خيمتي إلى ورشة خياطة، فقمت بشراء ماكينة كهربائية ولدي ماكينة قديمة يدوية، وبدأت بالعمل والحصول على طلبيات متعددة، مثل تفصيل ألبسة نسائية أو تعديل الألبسة التي يشتريها السكان هنا".

وتوضح أم خلدون "رغم قلة ما أجنيه من عملي والذي يكاد لايذكر، إلا أنه يبقى أفضل من لاشيء، فأنا أستطيع اليوم توفير الكهرباء للخيمة والمصروف الشهري، وأحاول ألا أبقي ولدَيَّ محتاجين".

 

البطالة في ريف حلب الشمالي تتجاوز الـ 70%

البحث عن فرصة عمل دائمة بريف حلب الشمالي الذي تتجاوز نسبة البطالة فيه، حسب إحصائيات المؤسسات الانسانية، حاجز الـ "70 بالمئة"، يعد عملية شاقة وشبه مستحيلة بالنسبة إلى كثير من قاطني المخيمات، الأمر الذي دفع الكثير منهم للبحث عن مشاريع صغيرة أو مصادر دخل وأعمال جديدة تناسب ظروفهم الحياتية والصحية وتحقق لهم مردوداً مادياً مناسباً.

"عيسى الكريم" رجل في الثلاثين من عمره، مهجر من حي المرجة في مدينة حلب، ويعيش في مخيم "باب السلامة" على الحدود السورية التركية بريف حلب الشمالي، مصاب بالعديد من الجروح المؤثرة في جسده نتيجة سقوط برميل متفجر، ويعيش اليوم على ما يجنيه من عمله المتنقل بين البازارات كبائع للألبسة وبسطته في المخيم.

ويقول الكريم لتلفزيون سوريا "من الصعب على الرجل الجلوس دون عمل أو دخل مادي يلبي بعض احتياجات عائلته ومستلزماتهم، ومنذ مجيئنا إلى المخيم عملت في العديد من الهمن مقابل الحصول على المال، لكن معظم الأعمال في الشمال السوري عموماً والمخيمات خاصة تحتاج إلى الجهد البدني والتحمل الكبير، وبأجور زهيدة لاتتجاوز "1000" ليرة سورية يومياً، مثل العمل في مجال الإنشاءات أو العتالة وهي أعمال لا أستطيع القيام بها".

ويضيف "قررت الإستفادة من خبرتي الطويلة في مهنة الخياطة وبيع الألبسة، فبدأت بشراء الألبسة من محال الجملة والتجار الذين أعرفهم وبيعها في البازارات التي تقام بشكل يومي في المدن المحررة، كما قمت أيضاً بفتح بسطة لشقيقي الصغير لبيع ألبسة الأطفال في المخيم، وقد أمن هذا العمل مردوداً مادياً قادراً على تغطية احتياجات العائلة". 

أما "أبو حمود" صاحب الخمسين سنة، والنازح من مدينة حلب إلى مخيم "السلامة" قرب الحدود السورية التركية منذ عام "2014"، فقد وجد مشروعه الخاص، وهو شراء عربة لنقل البضائع.

ويقول أبو حمود لتلفزيون سوريا: "جميع أفراد العائلة يعيشون في المخيم، أنا وزوجتي وأبنائي السبعة مع أزواجهم، وجميعنا نحتاج إلى المال، لذا قررت شراء هذه العربة، بعد محاولات كثيرة في البحث عن مشروع يحقق لنا دخلاً جيداً، ويوفر فرصة عمل للجميع".

ويضيف "للعربة استخدمات عديدة، فولداي "حمود وخالد" (أكبر أبنائه) يعملان بنقل بضائع التجار إلى البازارات، وأنا انتظر دوري داخل الكراج للحصول على طلبية نقل، وفي يوم بازار سجو أقوم بتحويلها إلى عربة لبيع الخضروات".

عين تترقب فرص العودة وأخرى تبحث عن حياة كريمة، فالعيش على أطلال الحياة لم يعد بالأمر الكافي بالنسبة إلى مايقارب "المليون" نازح من قاطني المخيمات بريف حلب الشمالي، فتحولت المخيمات ورغم قساوة الظروف وسوء الوضع الخدمي والمعيشي فيها، إلى مدن تعج بالحياة، في حرب يخوضها السوريون في سبيل الحصول على قوت يومهم بجدهم.