icon
التغطية الحية

مشاريع "العمل مقابل النقد" في ريف حلب تساهم في التخلص من البطالة

2021.03.10 | 05:06 دمشق

idlib6.jpg
حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

انطلق مشروع "العمل مقابل النقد" الذي تنفذه منظمة "ACTED" الإغاثية الفرنسية، في مختلف بلدات ومدن ريف حلب الشمالي، بالتنسيق مع المجالس المحلية التي تشرف وتدير مدن ريف حلب، سعياً منها لمنح فرص عمل للذين لا يتوفر لديهم مصدر دخل، وللتعافي من الظروف الاقتصادية المتردية، التي سببتها الحرب والتي ما زالت مستمرة منذ سنوات.

وتقوم هذه المشاريع على تأمين بيئة عمل للذين لا يمتلكون عملا، مقابل أجر يومي يسمى بـ "المياومة"، إلى جانب إصلاح وتأهيل الأماكن العامة من طرقات وحدائق وغيرها والتي ستنعكس على الجانب الخدمي للأهالي.

 وأعلن المجلس المحلي في مدينة مارع، عن بدء استقبال طلبات الانضمام لمشروع (العمل مقابل النقد)، في المدينة، والذي سيستهدف مئات الشبان من سكان المدينة وضيوفها النازحين إليها، من الذين لا يتوفر لديهم دخل شهري لإعالة أسرهم. لا سيما أن هناك نسبة كبيرة من الأهالي يعانون ظروف اقتصادية ومعيشية متردية باتت ترهقهم، خلال فصل الشتاء، مع ارتفاع نسبة البطالة وقلة فرص العمل المتاحة في المنقطة، لأسباب عديدة.

آمال في الحصول على العمل

يبحث غياث العبد الرحمن، 37 عاماً، عن فرصة عمل توفر له دخل يومي يستطيع من خلاله الحصول على الحاجيات الأساسية لأسرته، في الأصل هو من سكان مدينة مارع ويقيم في منزل والده السابق، بينما كان يقيم سابقاً في دوما، لكن ظروف التهجير والحرب التي شنها النظام السوري عليهم، دفعته إلى العودة إلى مدينته، مجدداً لكن بظروف معيشية مزرية.

يقول غياث لموقع "تلفزيون سوريا": "إنني لا أجد فرصة عمل مستقرة على الرغم من محاولاتي العديدة في الحصول على العمل في أي مهنة لا على التعيين كالبناء أو العتالة أو أي شيء آخر يجني لي المال الحلال لأعيل به أسرتي".

ويضيف بلهجته المحلية: "ما تركت شيء بحالو اشتغلت بكل شي بالزراعة والعتالة والمفاعلة والبناء وغيرها، عم أسعى ورا لقمة عيشي فقط وهاد الشي بكلف كتير بهي الأوقات الصعبة الي عم نعيشها".

قام غياث بتسجيل اسمه لدى مندوب الحي الذي يقيم به، للعمل في مشروع العمل مقابل النقد، لعله يستطيع توفير دخل جيد لأسرته، ويتعافى من الهدر المادي الذي يستنزفه شتاءً، وبحسب ما أوضح: "أنه يضع آمالاً كثيرة على هذا العمل، لأنه يستدين من المحال التجارية ومحال المحروقات والحطب أيضاً لتأمين التدفئة لأطفاله لكن المبلغ ارتفع ويحاول سداد جزء منه لكنه يزداد دائماً لأن المصروف أكثر من الدخل المادي الذي يصرفه، لذلك يتمنى أن يحصل على فرصة في هذا العمل، لعله يوفر تعويضاً عما يعيشه".

ويبدو أن العمل لدى الكثير من العائلات صعب الحصول عليه، لأنه الحاجة الأكثر ندرة في هذه الظروف، التي لا يستطيعون وصفها لشدتها، لذلك لا بد من وفرة الحظ لدى الشخص الذي سيحصل على هذا العمل على الرغم من متاعبه.

من جهته أبو عبدو سرجاوي، 26 عاماً، ويعمل في البناء "مزرق" والمفاعلة مقابل أجر يومي، إلا أن العمل شهد ركوداً خلال هذا الشتاء، وهو نازح من معر شورين بريف إدلب ويقيم بمخيم قرب مدينة مارع، يرغب في الحصول على هذا العمل لتوفير بعض الحاجيات وحياة جيدة لأسرته.

يقول أبو عبدو لموقع "تلفزيون سوريا": إنني أقيم في خيمة صغيرة لا تقينا برد الشتاء القارس، ولدي طفل صغير لم يبلغ العام من عمره، ويعاني من برد ومرض شديدين، وأطمح أن أقيم في منزل بجدران لا بقطع قماش لكن وضعي المادي يرثى له، لأنني عاطل عن العمل بسبب ركود عمل البناء شتاءً".

ويضيف: "آمل أن أحصل على هذا العمل لأنني سأوفر منه مبلغا لاستئجار منزل أو غرفة واحدة لأسرتي، وأنتهي من العيش في الخيمة البادرة، ربما العمل قصير لا يتجاوز بعض الأشهر، لكنه سيحقق لي حلمي في العودة إلى السكن بين الجدران". وكان يملك أبو عبدو منزلاً في بلدة معرشورين في ريف إدلب، لم تمضِ بضعة شهور على انتقاله إليه لكن هجمة النظام الشرسة على المنطقة أجبرته على الخروج حفاظاً على أفراد أسرته.

وتوفر هذه المشاريع فرص عمل جيدة للسكان في ظل ندرتها، وتسعى إلى تعافي الأهالي من الظروف الاقتصادية والمعيشية، كما تمنح هذه الشبان أيضاً عملاً ولو كان لفترة محدودة إلا أنه يشكل أهمية بالغة في التخلص من بعض المسؤوليات الصعبة التي يعاني منها العاطلين عن العمل.

عن مشروع (العمل مقابل النقد)

يعتبر مشروع العمل مقابل النقد، من أهم المشاريع التي تنفذ في ريف حلب، في ظل ندرتها، والذي يسعى إلى استهداف الفئات الأكثر فقراً، في المجتمع، والتي تعاني من تردي الأوضاع المعيشية وهي غير قادرة على توفير الحاجيات الأساسية لأسرها، كما تسعى المنظمة أيضاً إلى دعم المشاريع الصغيرة بكلفة تشغيلية للعائلات التي تعيلها امرأة.

من المستفيد؟

التقى موقع "تلفزيون سوريا" مدير مكتب الدراسات والمشاريع في المجلس المحلي لمدينة مارع، السيد عمر كور بلال، والذي قال خلال حديثه: "إن مشروع العمل مقابل النقد، هو مشروع خدمي سيقوم العاملين فيه بتنظيف الشوارع والأرصفة والمنشآت العامة داخل المدينة وتأهيل الطرقات المتضررة من الحفريات، وما تحتويه من خطوط ماء وصرف صحي، إلى جانب غرس الأشجار، مع تحسين الواقع الخدمي".

وأضاف: "يستهدف المشروع الفئات الأكثر فقراً ولا يتوفر لديها فرص عمل أو دخل مادي، كما يسعى لمكافحة البطالة المنتشرة بين أوساط المجتمع، والذين يعيشون في فقر مدقع، لا يستطيعون توفير حاجيات أسرهم، ومن خلاله سيتم إيجاد مصدر دخل لمئات الأسر".

وأكد: "أن عدد المستفيدين من مشروع العمل مقابل النقد يصل إلى 300 معيل أسرة، سيحصل العامل في هذا المشروع على أجر مادي بحدود 6 دولار يومياً، مقابل العمل خمسة أيام في الأسبوع، لمدة أربعة أشهر بحسب الخطة المبدئية".

وتقدم أكثر من ألف شخص للعمل في هذا المشروع في مدينة مارع، إلا أن العدد المطلوب لا يتجاوز 300 عامل، مما سيشكل معوقات عديدة تساهم في سير العمل، وبحسب ما بين كور بلال، "أن ندرة فرص العمل وعدم وجود معامل ومنشآت صناعية كافية لتشغيل الأيدي العامل تجعل الباحثين عن عمل كثر، وإلى الآن لم نستطع حل هذه المعضلة التي زادت من الفقر".

وتحمل هذه المشاريع عبئاً عن المجالس المحلية التي تفتقر للدعم اللوجستي المتواصل في تقديم الخدمات للأهالي، فإن تأهيل البنى التحتية للأماكن العامة والطرقات وغيرها ويساهم بشكل أو بآخر بالنهوض العملي للمؤسسات الخدمية في المنطقة.

ما خدمات المجلس المحلي في مدينة مارع؟

يسعى المجلس المحلي في مدينة مارع إلى تقديم مختلف الخدمات لسكان المدينة، عبر توفير المواد التشغيلية لفرن الخبز، وتأمين مادة الخبز بسعر مناسب للأهالي بالاعتماد على معتمدين يقومون بتوزيعه في مختلف أحياء المدينة حرصاً على الازدحام الذي قد يتسبب به، لا سيما مع وجود ضيوف داخل المدينة من النازحين والمهجرين، الذين لديهم معتمدون خاصون بهم أيضاً.

وقال مدير المكتب الخدمي في المجلس السيد عبد الحكيم نعمة لموقع "تلفزيون سوريا": إن المكتب الخدمي في مجلس مدينة مارع بدأ برصف شوارع المدينة بقطع "الانترلوك"، بدءاً من النقطة الأهم وهي الأسواق للتفرع لاحقاً إلى الشوارع الأخرى، والذي سينعكس على الحركة التجارية داخل المدينة، كما نفذ المكتب الخدمي مشروع حديقة للأطفال، إلى جانب الحدائق العامة المتوفرة".

ويعمل المجلس المحلي في مدينة مارع بالتعاون مع وحدة المياه إلى تأمين المياه إلى منازل المدينة مرتين أسبوعياً عبر ضخ المياه من سبعة آبار ضمن أربعة محطات، لمدة تتجاوز 17 ساعة يومياً، عدا يوم الجمعة. وبحسب ما أوضح: "لتعزيز دور المياه والتخلص من قلتها في الصيف قام المكتب الخدمي، بتأهيل آبار أخرى كانت معطلة، ويسعى إلى حفر أخرى في الأحياء البعيدة التي لا تصلها الماء في ذروة حاجتها صيفاً".  ويعمل المكتب الخدمي في المجلس المحلي، على استثمار الكهرباء عبر شركات تركية لمد تيار كهربائي من مدينة عفرين إلى مدينة مارع، لتخفيض أسعار الكهرباء، التي بدأ يشتكي الأهالي من ارتفاع أسعارها مؤخراً، والتي ستساهم في النهوض بالقطاع الصناعي والزراعي أيضاً.