icon
التغطية الحية

مستقبل شرق الفرات تتنبأ به أحداث جرت في تشرين الأول من 2019 و2021.. هل من معركة؟

2021.10.20 | 06:21 دمشق

thumbs_b_c_78bee5c55cbe7a868b4a8b214dd30b00.jpg
الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان أثناء متابعة مجريات عملية "نبع السلام"- تشرين الأول 2019 (الأناضول)
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

عوّدتنا المعارك التي شنها الجيش التركي في سوريا خلال السنوات الماضية على شكل معين من المقدمات، حملت نتائج مماثلة، ومع تكرارها (أي المعارك) بات أي متابع ومراقب لما يقوله المسؤولون الأتراك في مرحلة التحضير والتهيئة بدءًا من الرئيس رجب طيب أردوغان، يعرف دون أن يجهد نفسه بالتحليل أين المعركة القادمة وما حجمها، وحتى متى ممكن أن تبدأ.

أجواء متشابهة

ما سبق أعلاه يدفعنا إلى معرفة أن جوا مشابها لما جرى قبل عمليات (نبع السلام وغصن الزيتون ودرع الفرات) يلوح في الأفق، بالنظر إلى ثوران بركان التصريحات التركية الذي بدأ يقذف بحممه، واضعا أمامه أهدافاً متكررة تختلف شدة الحرارة فيما بينها فقد شملت أميركا الأب الروحي لـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
ونظام الأسد وروسيا اللذين يعقدان اتفاقات معها في شرق الفرات، وأولهم وعلى فوهة هذا البركان تتربع "وحدات حماية الشعب" الكردية وراعيها الرسمي "حزب العمال الكردستاني" (PKK) وربيبتهما "قوات سوريا الدمقراطية" (قسد).
لكن هناك أمراً مختلفاً بعض الشيء وفق مراقبين يجعل الرؤية ضبابية بشأن اقتراب اندلاع معركة في شمال شرقي سوريا من عدمها.

فليس هناك تصريح هذه المرة من قبل الرئيس التركي ومسؤوليه عن مكان العملية، فاكتفوا بالتهديد والوعيد فقط لـ "وحدات الكردية" و"PKK".

ولأن الحديث حاليا عن نية تركيا شن عمل عسكري بسوريا يأتي في نفس الشهر الذي صادف قبل عامين مضيا شنها عملية "نبع السلام" في شهر تشرين الأول 2019، والتي انتهت بطرد الوحدات و"قسد" من مدينتين استراتيجيتين على الحدود السورية- التركية، هي تل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة، فإنه من السهل المقارنة بين ما سبق عملية "نبع السلام" وما يحدث الآن.

"نبع السلام": تصريحات وتحركات ومعركة

شهدت الفترة التي سبقت انطلاقة عملية "نبع السلام" في التاسع من تشرين الأول حراكا دبلوماسيا مكثفا من جانب أنقرة، ووفق ما رصده موقع تلفزيون سوريا فإن الرئيس أردوغان، أعطى إشارة قرب العملية العسكرية في الخامس من الشهر نفسه، في كلمة ألقاها أمام الاجتماع التشاوري لحزب "العدالة والتنمية" بالعاصمة أنقرة، قال حينئذ "أكملنا استعداداتنا، وأعددنا خططنا، وأصدرنا التعليمات اللازمة، وحان الوقت لفتح ينابيع السلام، وهذه الخطوة قد تأتي غدا أو في وقت أبكر"، ولّدت هذه الكلمات شعورا لدى الرأي العام، بقرب موعد العملية العسكرية في شرق الفرات، وحدثت بالفعل.

اليوم نجد ماكينة الإعلام التركي المقربة من الحكومة تعمل على الترويج لقرب عمل عسكري جديد في سوريا، وهو نهج تتبعه الحكومة في تهيئة الشارع التركي أو اختبار ردة فعله، ويأتي هذا الترويج بعد أن بدأ الرئيس التركي بالتهديد والوعيد قبل يومين، قائلا خلال مؤتمر صحفي عقب ترؤسه اجتماعاً للحكومة التركية في العاصمة أنقرة "صبر تركيا قد نفد حيال بؤر الإرهاب شمالي سوريا"، و"تركيا عازمة على القضاء على التهديدات التي مصدرها تلك المناطق".

ومضى في هذا السياق وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الذي أكد أن بلاده ستفعل كل ما يلزم من أجل "تطهير مناطق في شمال سوريا من وحدات حماية الشعب",

ووضع جاويش أوغلو الحجرة الأولى في طريق الرافضين للعمل العسكري عندما وجه كلامه لكل من روسيا وأميركا وقال "روسيا والولايات المتحدة مسؤولتان أيضاً عن هجمات وحدات حماية الشعب وPKK"، وشدد على أنهما لم تلتزما بتعهداتهما بضمان انسحاب "وحدات حماية الشعب" من منطقة الحدود السورية وأن الإدانات الأميركية للهجمات على تركيا غير صادقة لأن واشنطن تسلح الوحدات،

لم يتأخر  وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إذ خرج يهدد بأن بلاده ستقوم باللازم في المكان والزمان المناسبين لوقف "الهجمات الإرهابية" شمالي سوريا، حديث المسؤولين هذا وتهديدهم جاء بعد تصاعد حدة العمليات العسكرية التي تستهدف الجنود الأتراك في أرياف حلب إلى جانب قصف يشنه نظام الأسد وروسيا على مناطق نفوذ الجيش التركي.

تفويض برلماني وانسحاب أميركي سابق وتعزيز للنظام حاليا

وفي باب المقارنات بين تشرين أول من 2019 و 2021، فقد شهد يوم السادس منه في 2019 ، مكالمة هاتفية بين الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، والرئيس التركي  أكد فيها الأخير أن إنشاء المنطقة الآمنة شرط للقضاء على التهديدات الناجمة شرقي الفرات، وتوفير ظروف آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وعودة اللاجئين الآمنة هذه بدأت حاليا، وسائل الإعلام التركية تتحدث عنها لتبرير -على ما يبدو- عمل قادم.

 وتعليقا على الاتصال الهاتفي، قال البيت الأبيض في بيان، إن تركيا ستبدأ قريبا عملية عسكرية شمال سوريا، كانت تخطط لها منذ فترة طويلة، والقوات الأميركية لن تدعم هذه العملية ولن تشارك فيها، علمت "قسد" وقتها أن لا مفر من المعركة مع رؤيتها القوات الأميركية تخلي قواعدها في 7 من الشهر نفسه، بعد أن أعلن ترامب قائلا "بالنسبة لنا حان الوقت للابتعاد عن هذه الحروب التي لا تنتهي، وآن الآوان لعودة جنودنا إلى البلاد".

وفي اليوم التالي، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إنه تم سحب القوات الأميركية من المناطق التي من المتوقع أن تقوم بها القوات التركية بعملية عسكرية، وذلك حفاظا على سلامة الجنود

ومن الأمور التي تتكرر حاليا وجرت سابقا هي استعداد البرلمان التركي بعد أسبوع للتصويت للتصديق على تمديد صلاحية الجيش في القيام بعمليات عسكرية خارج حدود البلاد في سوريا والعراق، وهذا الحدث سبق "نبع السلام" بساعات.

 روسيا هذه المرة تلعب الدور الأميركي

قبل "نبع السلام" جرت اتصالات بين كبار المسؤولين الأتراك والأميركيين، وقد تمكنت أنقرة من تحقيق هدفها وبدء العمل العسكري مع ملء دخان العربات الأميركية المنسحبة المكان.

اليوم روسيا هي المنتشرة في مناطق النفوذ الخاص بـ "pkk" و"قسد" ومن الواضح أن على أنقرة مخاطبتها، خاصة أن القمة الأخيرة التي جمعت الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وأردوغان لم تتطرق إلى أي عمل عسكري شرق الفرات وفق تصريحات الرجلين.

هل من معركة قريبة؟

تواصل موقع تلفزيون سوريا مع عدد من المصادر المقربة من مسؤولين أتراك بعضهم عسكريون، وأكدت أن عملا عسكريا شاملا قد يحدث قريبا في منطقة تل رفعت بريف حلب والقرى المحيطة بها لكونها باتت تشكل مصدر قلق للمدنيين والعسكريين في مناطق النفوذ التركي.

واستدركوا "لكن هذا العمل يبقى رهينة التشابكات والتفاهمات الروسية التركية"، ولم ينفوا رغبة تركية متزايدة بشنه.

ومن الجانب الروسي، فقد استبعد الدبلوماسي الروسي، رامي الشاعر شن تركيا أي عمل عسكري قريب.

وقال لموقع تلفزيون سوريا "لن يكون هناك عمل عسكري تركي"، وأضاف أنه ليس هناك أي جديد على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين أردوغان وبوتين منذ سنتين في سوتشي (الاتفاق الذي أوقف عملية نبع السلام).

وأردف "أثناء اللقاء الأخير تم التأكيد على تعزيز التنسيق بخصوص إنهاء وضع بعض المجموعات المتبقية وتجري الآن اتصالات مكثفة بيننا والأتراك والأميركان بخصوص القضايا الخاصة بوضع الأكراد".

"قسد" متخوفة:

في هذا السياق، أكد عضو "القيادة بالمجلس الأعلى لقسد"، أبو عمر الإدلبي وهو قائد "قوات الشمال الديمقراطي"، أن المسؤولين في "الإدارة الذاتية" (الجناح السياسي لقسد) "يحذرون من أي نية مبيتة تركية، ويدعون المجتمع الدولي للتحرك ضد شن عدوان محتمل، ويطلبون من الضامن الأميركي والروسي تفعيل دورهما في منع العدوان التركي".

وقال في مراسلة إلكترونية مع موقع تلفزيون سوريا "قسد دائما وأبداً نحن في حالة جاهزية كاملة وعلى أهبة الاستعداد، لا تنتظر تهديداً هنا"

وحول احتمالية أن تكون تل رفعت هي وجهة الجيش التركي للعمل العسكري خاصة أن نظام الأسد الذي يعقد منذ نهاية 2019، اتفاقا مشتركا مع "قسد" قد بدأ منذ أيام بإرسال تعزيزات إليها، اعتبر "الإدلبي" أنه يحق لما وصفه بـ نظام دمشق "حماية حدود الدولة السورية  الجغرافية وكافة أراضيها في وجه أي عدوان أو تدخل عسكري خارجي من أي طرف كان، لذلك فإرسال قوات وآليات عسكرية لتحمي أي بقعة في سوريا في وجه أي عدوان خارجي مفترض، هو أمر يأتي في هذا السياق".

ويقرأ مراقبون ما بين السطور في كلام "الإدلبي" وهو المسؤول في "قسد"، إذ يتوقعون حدوث اتفاق قد يُفضي إلى انسحاب "قسد" والوحدات من تل رفعت قريبا نتيجة تفاهم روسي- تركي، مع انتشار للنظام فيها على غرار ما جرى في مناطق سورية أخرى في الحسكة والرقة في تشرين الأول 2019، وعليه فإن احتمالية حدوث عمل عسكري تتراجع في هذه المدينة مع تصدر النظام للمشهد.