icon
التغطية الحية

مستغلين التوتر في عين عيسى.. الروس ونظام الأسد يضغطان على "قسد"

2020.12.14 | 08:56 دمشق

capture.png
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

تخضع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) الذراع العسكرية لـ "الإدارة الذاتية" شمال شرقي سوريا، لاختبار جديد قديم، وضعه أمامها حليفها الروسي الذي تستعين به عند الأزمات فقط، إذ تجد "قسد" نفسها دائما مجبرة على قبول شروط هذا المُخلّص في كل مرة تطلب منه التدخل، خاصة مع غياب تام لحليفها وداعمها الأساسي التحالف الدولي، وعلى رأسه القوات الأميركية التي ترفرف راياتها بجميع مناطق سيطرة "قسد" إلا تلك التي انسحبت منها قبل عام على الحدود مع تركيا.

منذ أكثر من شهر تتعرض مدينة عين عيسى بريف الرقة أهم المدن التي تسيطر عليها "قسد" شمال شرقي سوريا، والتي لم تفقدها خلال عملية "نبع السلام" التركية، تتعرض لعمليات قصف واشتباكات مع الجيش التركي والجيش الوطني السوري، في ظل تحشيدات من قبل جميع الأطراف.

وعلى الرغم من أن صفحة عملية "نبع السلام" على تخوم عين عيسى (بدأت في 9 تشرين الأول وانتهت في 22 من الشهر نفسه عام 2019) طويت إثر توقيع الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب أردوغان على اتفاق أوقفها قبل أكثر من عام، إلا أن جمر المعارك تحت ما تبقى من مناطق تعتبرها تركيا تهديداً لأمنها القومي، وتسيطر عليها "قسد" قرب حدودها، ما زال مشتعلا تحت الرمال.

وفق ما رصده موقع تلفزيون سوريا، فإن التوتر سائد في معظم محيط منطقة "نبع السلام" (التي تضم مدينتي  رأس العين بريف الحسكة وتل أبيض بريف الرقة)، إذ تشهد بلدة تل تمر بريف الحسكة إلى جانب عين عيسى توتراً، إلا أنه أقل شأناً من عين عيسى التي تعد بالنسبة لـ "قسد" خط الدفاع الأول عن مدينة عين العرب الرمزية للمكون الكردي، إلى جانب كونها (عين عيسى) عاصمة رئيسية لمشروع "الإدارة الذاتية".

 مسار التحركات العسكرية في عين عيسى

تشهد مدينة عين عيسى في ريف الرقة منذ نحو شهر تصاعدا في حدة التوتر لـ"قسد"، حيث تتوقع الأخيرة هجوماً تركياً في أي وقت قد يفضي إلى سيطرتها على المدينة صاحبة الاهتمام الكبير عند الطرفين.

قبل نحو شهر بدأت جولة من القصف المتبادل بين الجيش التركي والجيش الوطني السوري من جهة وقوات "قسد" من جهة أخرى في القرى المتاخمة  للمنطقة الفاصلة بينهما عند مدينة عين عيسى.

قائد ميداني في الجيش الوطني (فضل عدم ذكر اسمه)، قال لموقع تلفزيون سوريا إن جميع الاحتمالات مفتوحة، وتوقع أن تحدث عملية عسكرية تكون مدينة عين عيسى ميدانها.

وقال إن الجيش التركي أدخل أرتالاً عسكرية من تل أبيض ورأس العين، مشيراً إلى أن الأرتال التي دخلت من رأس العين توجهت نحو بلدة تل تمر الخاضعة لسيطرة "قسد" والتي تمتلك شبكة من الطرق المهمة على "M4" وقال إن الأرتال تمركزت قبالة صوامع العالية المطلة على " M4" والقريبة من تل تمر .

وأشار إلى أن قسما آخر من الأرتال توجه إلى المحور الغربي من تل أبيض عند قرى (كور حسن خربة البقر) الممتدة نحو الحدود التركية. 
أما في محور عين عيسى فقد تمركزت أرتال قرابة الطريق الدولي "M4"  عند قاعدة تركية أنشئت هناك في قرية فارس الواقعة شمال غرب عين عيسى، حيث تم تعزيز هذه القاعدة بعشرات الآليات والمدرعات والعناصر، إلى جانب تدعيم طاقم المدفعية فيها.

 وقال المصدر إن القاعدة كان فيها ثلاث مدفعيات ميدانية أما الآن أصبح فيها 6 مدفعيات ميدانية ،إضافة إلى تعزيزها بصواريخ مضادة للدروع نوع "تاو" .
كما تم إنشاء نقطة تركية جديدة في قرية صيدا شمال عين عيسى، وتعزيزها بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والصواريخ المضادة للدروع، وفق المصدر.

أما من جهة "قسد" فقد قال مصدر منها لموقع تلفزيون سوريا (فضل عدم ذكر اسمه)، إن "قسد" دعمت جبهاتها في عين عيسى بشكل مضاعف خلال الشهر الأخير، مشيراً إلى تعزيز  جبهاتها بالأسلحة الثقيلة كاالمدفعيات والصواريخ لمنع أو لصد أي محاولة اقتحام للمدينة.

الروس ونظام الأسد يتدخلان لتخليص "قسد" وفق شروطهما

أمام التعزيزات العسكرية التركية وحالة التوتر التي تشهدها عين عيسى، يقول قائد من "لواء الشمال الديمقراطي" التابع لـ "قسد" في تسجيل مصور، إن الأخيرة لم يكن أمامها إلا اللجوء لـروسيا مجدداً مع علمها المسبق بالمكاسب التي تبحث عنها موسكو شمال شرقي سوريا، أهمها إعادة سيطرة نظام الأسد على المنطقة وخاصة منابع النفط والمحاصيل الزراعية.

ووفق مصادر مطلعة في عين عيسى تحدثت لموقع تلفزيون سوريا، فإن الأسبوع الفائت، شهد مباحثات جرت بين "قسد" وضباط روس وآخرين من نظام الأسد في قاعدة عين عيسى شمالي الرقة، تناولت الموقف الروسي ومستقبل المنطقة، حيث تم التوصل إلى تفاهم أولي ينص على إنشاء 3 نقاط مراقبة مشتركة في محيط وداخل بلدة عين عيسى، مقابل شرط روسي يتمثل برفع العلم الروسي وعلم نظام الأسد على كافة الدوائر الرسمية في البلدة، وأيضاً على الحواجز في مداخل البلدة ومخارجها.
وأضافت المصادر  أن القوات الروسية تسعى لتطبيق ذلك أيضاً في ريف الحسكة الشمالي، على تخوم منطقة "نبع السلام" وأيضاً في بلدة الكنطري شمالي الرقة.

وتعيد هذه المباحثات إلى الأذهان الاتفاق الذي وقعه نظام الأسد و"قسد" برعاية روسية، في 13 من تشرين الأول 2019، أي بعد أيام من بدء عملية "نيع السلام" حيث استغل النظام حينها حاجة "قسد" إليه وفرض شروطه عليها، ومع اتفاق اليوم في عين عيسى نجد وكأن الروس والنظام ينبشان في الماضي ويعيدان طرحه على "قسد".

إذ قضى اتفاق تشرين الأول 2019، بدخول قوات نظام الأسد إلى مناطق تسيطر عليها "قسد" شمالي شرقي سوريا، في خطوة لوقف الهجوم التركي، وإثر ذلك دخلت قوات النظام إلى مدينة الطبقة ومطارها العسكري، إضافة إلى مدينة منبج ومناطق في الحسكة، بينها بلدة تل تمر في الريف الشمالي الغربي، وجميع هذه المناطق وغيرها لم يكن للنظام وجود فيها منذ سنوات.

ودخلت قوات النظام وروسيا أيضاً قواعد أميركية أُخليت في شمال شرقي سوريا، بعد قرار واشنطن سحب جنودها من مواقع قريبة من منطقة عمليات الجيش التركي والجيش الوطني السوري في منطقة شرق الفرات.

وهبطت في 22 من تشرين الأول 2019، أول مروحية روسية في مطار الطبقة العسكري بمحافظة الرقة، كما دخلت قوات النظام إلى قاعدة "قصر يلدا" الأميركية في ريف محافظة الحسكة بعد خروج القوات الأميركية منها.

اقرأ أيضاً: هل يشتعل الرماد تحت مدينة عين عيسى؟ - تلفزيون سوريا
ميزات تتمتع بها عين عيسى

تمتلك عين عيسى عقدة مواصلات مهمة، تربط بين محافظتي حلب والحسكة عبر الطريق الدولي "M4" الذي يمر من منتصفها، كما أنها تتميز بطرق محلية تربطها بمدينة تل أبيض على الحدود التركية، ومدينة الرقة.

ومنذ أن سيطرت عليها "قسد" بدعم من التحالف الدولي، منتصف عام 2015، بعد معارك مع تنظيم "الدولة"، تحولت إلى شبه عاصمة لـ"الإدارة الذاتية"، فقد شهدت وما تزال كثيرا من الاجتماعات المهمة بين مسؤولي "الإدارة الذاتية" ومسؤولين في التحالف الدولي، إضافة إلى مسؤولين غربيين.

وعليه  تتمسك بعين عيسى، لأنها تعتبر خط الدفاع الأول والرئيسي، عن مدينة عين العرب، بريف حلب، كونها تقع على امتداد شبكة طرق مهمة وتمتلك عقدة المواصلات التي تربط مناطق عين العرب وتل أبيض وصولاً إلى الجنوب في منبج.

 إلى جانب ماسبق فإن عين عيسى تمثل مركزاً للاجتماعات الدورية لمؤسسات "الإدارة الذاتية" مثل هيئات (الداخلية والصحة ومجلس المرأة) وجميع هذه المؤسسات تعقد كل شهر تقريباً اجتماعاتها الدورية في عين عيسى، إضافة إلى كونها كانت منطلقاً للاتفاق بين شيوخ العشائر و"قسد" من أجل إخراج النازحين من مخيم الهول.