مسار الإصلاح لا يمر عبر الاستثمار بورقة الشباب السوري

2022.05.04 | 06:42 دمشق

img_6469-750x500.jpg
+A
حجم الخط
-A

بقيت ورقة إبعاد الشباب السوري عن العمل السياسي في الإطار الوطني أحد أهم أسباب ضعف كوادر المعارضة السياسية "التقليدية"، حيث رفضت المعارضة إشراك تلك الفئة على مدار العقد المنصرم. ويبدو أنَّه قرار قد أجمع عليه من تلك الشخصيات حفاظاً على مصالحها الشخصية وتقاطعاتها ومنعاً لأيّ عملية تغيير في شكل المعارضة السورية.

لكنَّ عقداً ونيّفاً من الثورة، قد أدى إلى ولادة/ تشكل رأي عامّ شبابي رافض لهذه السياسات بشكل كامل، والذي ساعد على بناء أرضية للعمل السياسي الذي انطلق ما عدا العداء للنظام السوري والأنظمة المستبدة، من انتزاع الحقوق المسلوبة لتلك الشريحة من قبل المعارضة التقليدية التي "تهيمن" على السلطة والمناصب والعلاقات العامة بوصفها نتاج جهد شخصيات خاصة لا ينبغي أن تتجسد في الإطار الوطني.

لكن، هذه المنهجية في العمل أوصلت المعارضة السياسية إلى حلقة مفرغة من الدوران المستمر حول الفساد إلى أن طُرح مسار الإصلاح، الذي كان بالنسبة لتلك الشخصيات المنفذ نحو إعادة التدوير السياسي من خلال زوايا مختلفة في العمل السياسي، والتي قد تحفظ لهم وجودهم في المعارضة.

استمر الائتلاف بالمساعي ذاتها، من خلال الاستثمار بورقة الشباب في لحظات الانتكاسة التي يتعرض لها

لقد احتاج ذلك إلى بعض الجهود غير المسبوقة بالعمل على إقصاء شخصيات تقليدية مماثلة "كانت شريكة ببناء هذه المنظومة" وذلك بغرض التصدير الناجع لمزاعم الإصلاح. وبالفعل أدى إخراج عدد جيد من الشخصيات للائتلاف إلى ولادة آمال جديدة لدى شرائح المجتمع السوري بجدية هذه الخطوات لكن سرعان ما سقط هذا المشروع بالتوازي مع التسريبات التي ظهرت ونشرت للمرّة الأولى ولا سيما مع تشكيل كيان موازٍ تحت مسمى "تيار الإصلاح".

استمر الائتلاف بالمساعي ذاتها، من خلال الاستثمار بورقة الشباب في لحظات الانتكاسة التي يتعرض لها، وبالفعل أعاد إحياء عدة مشاريع سابقة من بينها ما يسمى "اتحاد طلبة سوريا الأحرار" التابع للحكومة السورية المؤقتة، المشروع الذي بدأ العمل عليه بعد الإعلان عن "اتحاد طلبة سوريا" في تركيا والذي مثّل الطلاب في تركيا ومناطق سلطات الأمر الواقع من بينها في حلب وإدلب، وهذا بطبيعة الحال مرفوض لدى تلك السلطات لذلك سارعت لبناء مشاريع مضادة. عبر بناء أجسام تشرف عليها تلك السلطات وبالتنسيق مع العسكر والمجالس المحلية وبهذا عرقلت مشروعا مستقلا كان على وشك إحراز خرق في المعارضة التقليدية.

والذي أثبت بالحجة والدليل، انحياز الائتلاف إلى هذا التشكيل عبر الثناء على دوره بشكل مستمر والعمل الذي يقوم به، من دون الإشادة بجهود اتحاد طلبة سوريا "المستقل" ولا سيما أنَّ الأخير نجح في تنظيم عشرات الفعالية الثورية في ذكرى الثورة في عدة ولايات تركية وفي الداخل السوري ما عدا تنظيمه لمؤتمر كبير في إسطنبول بعنوان "سوريا التي نريد".

مع ذلك، هذه الخطوات لم تكن كافية لاحتواء المساعي الشبابية التي قد تطيح بالمعارضة التقليدية، بل سارع الائتلاف للدفع بمشروع ما يسمى "البرلمان الشبابي" الذي يشرف عليه بشكل مباشر ويفرض سياساته بشكل خاص. لكن، وعي الشباب عرقل إمكانية فرض تلك السياسات مما تسبب في إيقاف المشروع. قبل إعادة البدء فيه مرة أخرى بالتوازي مع تصدير مشروع الإصلاح المزعوم وبالفعل على هذا الأساس أنجز الائتلاف الانتخابات في البرلمان الشبابي بمشاركة خجولة من شخصيات عديدة استطاع الائتلاف إقناعها بأنّه مجرد ميسّر لهذا المشروع.

لكن، ثبت تورط الأخير بأنه غير مكترث لضرورة إشراك الفئة الشبابية بالعمل الوطني بقدر الاستثمار فيها وبالفعل احتفى الائتلاف بخطوة انتخاب البرلمان الشبابي عبر معرفاته الشخصية من خلال مشاركة بعض الصور التي تثبت عدم وجود الشباب، حيث ظهر فيها شخصيات تقليدية في أجسام المعارضة من دون وجود شباب. ودون أن يُصدر أي من الشخصيات الشبابية البارزة، كان يريد الائتلاف أن تكون هذه الشخصيات ضعيفة لا صوت لها مجرد ورقة للاستثمار لإعادة تدوير الزوايا.

قد يستطيع الائتلاف انتخاب شخصيات شبابية وتمثيلهم داخل كيان بمزاعم الإصلاح والتمثيل على غرار "الجندرة النسوية" لكن، من دون أن يعني ذلك قدرته على استقطاب هذه الشريحة

بينما الشباب السوري الطامح للعمل السياسي والوطني الجاد والتغيير الحقيقي بعيداً عن الشعارات المستهلكة شعبياً، بقي خارج كل هذا المعترك، لأنه ببساطة يدرك أنّها مجرد تمثيلية سياسية غير ناجحة ولا يمكن أن تنجح.

قد يستطيع الائتلاف انتخاب شخصيات شبابية وتمثيلهم داخل كيان بمزاعم الإصلاح والتمثيل على غرار "الجندرة النسوية" لكن، من دون أن يعني ذلك قدرته على استقطاب هذه الشريحة وإعادة القبول وسطها. تبقى هذه الخطوات تجميلية غير حقيقة ومسار الإصلاح الحقيقي للعمل مع الشباب لا بدّ أن يمر حتماً عبر عدة محددات لربما أبرزها؛ حل كل هيئات ولجان الائتلاف، وإخراج كل الشخصيات التقليدية، وتشكيل لجنة إنقاذ وطنية لاستقطاب الشخصيات الوطنية النوعية والشبابية ليس على أسس طائفية ومناطقية وفئوية بل على أساس معيارية كالكفاءة والوطنية.