icon
التغطية الحية

مرفأ طرطوس.. مدير جديد وبوابة نفطية لروسيا على المتوسط

2021.02.21 | 12:03 دمشق

1028602124_0_0_1280_691_1000x541_80_0_0_f961b87a744821525041b7ddde4d29c7.jpg
موسكو - طه عبد الواحد
+A
حجم الخط
-A

أثارت المعلومات عن تعيين مدير روسي جديد لميناء طرطوس موجة تساؤلات واسعة، إن كان حول أسباب اعتماد موسكو رابع تعيين في هذا المنصب خلال عام، وإن كان لجهة الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها عبر تعيين المدير الجديد، واسمه غايسين أيرات رايفاتوفيتش (ГАЙСИН Айрат Райфатович).

الحديث حول المدير الجديد أثاره إعلان نشرته "مديرية مرفأ طرطوس"، مع شعارها الدائري، على حسابها في موقع "فيس بوك"، يوم 16 شباط، قالت فيه: "الزملاء الأعزاء - نحيطكم علماً بأن السيد غايسين تم تعينه في منصب مدير مديرية إدارة مرفأ طرطوس شركة STG-e. متمنين له التوفيق والنجاح في مهامه". 

خبر تعيين غايسين مع صورته كما جاء على حساب مديرية مرفا طرطوس على فيسبوك.png

ومن ثم نشرت قناة "روسيا اليوم" الحكومية الروسية خبراً قالت فيه نقلاً عن مصادرها: إن غايسين وصل سوريا منذ أيام وهو حاصل على إجازة في هندسة المواصلات، وأشارت إلى أن خلفه لم يمض أكثر من خمسة أشهر في عمله، وأن رئيس نقابة النقل البحري في طرطوس تحفظ على تلك التعيينيات.

صورة المدير الجديد لمرفأ طرطوس كما نشرتها روسيا اليوم.png

اقرأ أيضاً: مرفأ طرطوس.. خلافات تعصف باتفاق عقد الاستثمار مع الشركة الروسية

تناقلت وسائل الإعلام هذا الخبر وبدأت الصحف والمواقع الاخبارية تعد تقارير تبحث الدوافع المحتملة وراء هذه الخطوة الروسية، وتساءلت جميعها "من هو غايسين"، وهذا طبيعي لأنه سيدير واحدة من أهم النوافذ التجارية إقليمياً المطلة على البحر المتوسط، وهي بالطبع ميناء سوريا التجاري اليتيم عملياً.

بعد بحث مطول في "مصادر مفتوحة" عبر الإنترنت، تم العثور على أكثر من رابط يتضمن اسم المدير الجديد تطابقت جميعها عملياً في تعريفه على أنه "مدير شركة ترانس بالط سيرفيس"، وبعد بحث تم العثور على موقع هذه الشركة، وفي باب "طاقم الإدارة" تظهر صورة غايسين مطابقة تماماً لصورته كما نشرتها مديرية مرفأ طرطوس على موقعها الرسمي، وكما نشرتها قناة "روسيا اليوم". لكن لا توجد أي معلومات تعريفية به.

صورة غايسين في أعلى ضمن صفحة إدارة الشركة وواضح صفته مدير عام.png
بيانات تسجيل شركة ترانس بالط سرفيس ومديرها غايسين من مصادر مفتوحة.png

 

في المقابل كانت هناك معلومات وافية عن الشركة تساعد على فهم أهداف تعيين غايسين مديراً لمرفأ طرطوس. ووفق بيانات تسجيلها المتوافرة على الإنترنت تم تسجيل الشركة في مقاطعة كاليننغراد، مدينة كاليننغراد (ميناء روسي على بحر البلطيق) بتاريخ 23 نيسان عام 2004. وكان آخر خبر تم نشره في قسم الأخبار على موقع الشركة بتاريخ 20.2.2016. ولا توجد في السجلات معلومات تشير إلى توقف الشركة عن عملها.

 

تعريف بشركة ترانس بالط سرفيس على مواقع مفتوحة.png

 

المعلومات الأهم جاءت في تعريف الشركة عن نفسها على موقعها الرسمي: "شركة ترانس بالط سيرفيس (TransBaltService)، مؤسسة مساهمة مقفلة، تقدم خدمات استقبال وتخزين ونقل زيت الوقود عالي اللزوجة، وزيت الغاز الخوائي المخصص للتصدير". وتقول النشرة التعريفية: إن "تقديم هذه الخدمات بات ممكناً منذ أبريل 2006 بعد الانتهاء من إعادة بناء محطة إعادة شحن الوقود في ميناء كاليننغراد البحري التجاري". وتؤكد الشركة امتلاكها معدات وبرامج حديثة عالية الأداء في محطتها لتكرير الوقود، ما يضمن تنفيذ جميع العمليات بأقل كلفة.

اقرأ أيضاً: الشركات الروسية تخل بالاتفاقيات.. مصير عمال مرفأ طرطوس مثالا

بناء على تلك المعلومات يتضح أن المدير الجديد غايسين أيرات رايفاتوفيتش، الحاصل على إجازة في هندسة المواصلات، رجل أعمال يحمل خبرة أكاديمية وعملية في مجال شبكات المواصلات، وخبرة عملية واسعة في مجال تخزين وتكرير وتصدير وتوزيع المشتقات النفطية. ولذا يبدو أن روسيا تسعى إلى الاستفادة من خبرته المتراكمة لتسريع أعمال تحديث مرفأ طرطوس القديم وبناء مرفأ حديث، مع تركيز بصورة خاصة على تحسين وتوسيع قدراته في مجال نقل النفط والمشتقات النفطية. وكان يوري بوريسوف، نائب رئيس الوزراء الروسي، قال في تصريحات لوكالة تاس يوم 17 كانون الأول عام 2019: إن روسيا ستخصص 500 مليون دولار لتطوير ميناء طرطوس، وأضاف: "الجانب الروسي سيعمل على تنظيم عمل المرفأ القديم، وبناء مرفأ تجاري جديد". فضلاً عن ذلك تخطط روسيا لمد شبكات سكك حديدية جديدة في بعض المناطق السورية، لتأسيس ممر النقل التجاري "البحر الأبيض المتوسط-الخليج العربي"، وفق بوريسوف.

اقرأ أيضاً: مرفأ للحرس الثوري في طرطوس!

خلاصة تلك المعطيات وتصريحات الجانب الروسي حول الخطط لمرفأ طرطوس، تشير إلى أن روسيا تريد، وفق ما هو واضح، تهيئة مرفأ طرطوس لنقل النفط، استيراداً وتصديراً، وأن تجعل منه ممراً تجارياً مهماً لنقل النفط من دول الخليج العربي، وبصورة خاصة النفطين الإيراني والعراقي، من إنتاج الشركات الروسية العاملة في البلدين، ومن إنتاج الشركات الوطنية في البلدين أيضاً. وكذلك عينها لا شك على خط نقل نفطي من الدول العربية في منطقة الخليج، إلى السوق السورية، وعبرها من خلال مرفأ طرطوس إلى الأسواق الخارجية.

ولا يمكن استبعاد احتمال استخدام المرفأ، إن تمكنت روسيا من توسيع قدرات خزاناته وقدراته التصديرية، في تزويد سوريا بكميات إضافية من النفط الإيراني وربما الفنزويلي، وبهذا ستتمكن من تحقيق هدف (آني) في تهيئة بنى تحتية لتزويد النظام بالوقود، وهدفها الاستراتيجي الأهم السيطرة على شبكة مستقبلية للنقل بين أغنى دول بالنفط عالمياً والأسواق الخارجية.

ويبدو أن المدير السابق، الذي يثني عليه كثيرون من السوريين العاملين في ميناء طرطوس، كانت مهمته تمهيد الأرضية لتعيين غايسين. إذ تؤكد معلومات أن المدير السابق تمكن من التوصل إلى حل للخلافات بين إدارة المرفأ الروسية والإدارة السورية، والعاملين في المرفأ.

وسبق أن اشتكى عمال في مرفأ طرطوس من الشركة الروسية المشغلة للمرفأ بعد مرور سنة على تسلمها المرفأ والبدء بتشغيله، وتضمنت الشكاوى اتهامات للشركة الروسية بالتقصير في بنود عقد الاستثمار الموقع مع حكومة النظام.