icon
التغطية الحية

محاكمة رقيب في الجيش الأميركي بسبب اشتباك مع قوات النظام

2021.04.30 | 14:30 دمشق

5229760c09ad5f63a8a7458611541c195c1e2087_size149_w1200_h962.jpeg
الرقيب أول روبرت نيكوسون في دورية بسوريا
آرمي تايمز- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تسبب الاشتباك المسلح الغريب من نوعه بين مظليين أميركيين وقوات موالية لنظام الأسد خلال الصيف الماضي بتوجيه اتهامات لضابط رفيع المستوى من الفرقة الجوية 82 في قاعدة فورت براغ شمال كاليفورنيا.

فقد وقع ذلك الاشتباك بالقرب من منطقة تل الذهب في شمال شرقي سوريا، حيث يقوم عدد قليل من الجنود الأميركيين بحماية حقول النفط الغنية، إلى جانب مطاردتها لفلول تنظيم الدولة. 

وبحسب موقع "آرمي تايمز" وجهت في مطلع نيسان اتهامات للرقيب الأول روبرت نيكوسون من فرقة بلاكهورس، السرب الأول، فوج الفرسان 73، وذلك بعدم الامتثال لأوامر قانونية في حالتين اثنتين، وبتعريض الآخرين للخطر في حادثتين، وحادثة سوق تهديدات، والوقوف في وجه العدالة ثلاث مرات.

وقد بنيت تلك الاتهامات على حادثة الاشتباك الذي استمر تقريباً لمدة عشر دقائق عند حاجز للقوات الموالية لنظام الأسد في 17 من آب من عام 2020. وقد نتج عن تبادل إطلاق النار في تلك الحادثة مقتل جندي من القوات الموالية لبشار، وجرح اثنين آخرين، دون تسجيل أي ضحايا بين صفوف القوات الأميركية. كما تم تصوير جزء من ذلك الاشتباك عبر مقطع فيديو لكن لا يظهر في هذا المقطع كيف بدأ تبادل إطلاق النار.

وفي بيان صدر حينها، أعلن مسؤولون عن عملية العزم المتأصل ما يلي: "بعد تأمين القوات الموالية للنظام لممر آمن، أصبح الأميركيون في مرمى نيران أسلحة خفيفة فتحها عليهم أشخاص من منطقة قريبة من ذلك الحاجز" فرد عليهم الجنود الأميركيون بالمثل دفاعاً عن النفس.

وبعد مرور ستة أشهر على الحادثة، رفض الناطق الرسمي باسم عملية العزم المتأصل، الكولونيل وايني ماروتو، التعليق على التحقيقات التي أجريت حول تلك الحادثة. في حين أعلن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أنه: "لا يستطيع التعليق على أية ادعاءات ماتزال قيد التحقيق أو تعتبر موضوع اتهامات ستبنى عليها دعوى لتعرض أمام  محكمة عسكرية سواء في الوقت الحالي أو فيما بعد".

فقد ورد في الاتهامات التي سيقت ضد نيكوسون بأنه عرض الجنود لوضع كانوا بغنى عنه، وبأنه أخذ يهدد قوات نظام الأسد الموجودة على الحاجز قبل بدء الاشتباك المسلح، وذلك بحسب ما ذكره محامي الدفاع المدني عن نيكوسون، السيد فيليب ستيكهاوس، الذي قال: "طلب من الجنود أن يبقوا على مسافة كيلومترين اثنين بعيداً عن قوات معينة تابعة للنظام الأسدي، غير أن المهمات التي يعتبر نيكوسون جزءاً منها، يفترض أنها جعلتهم يقتربون أكثر من كيلومترين من تلك القوات التابعة للنظام".

كما أضاف السيد ستيكهاوس بأنه كان هنالك قائد فصيل يقود تلك الدورية، إلا أن هذا الجندي هو الوحيد الذي تلقى مذكرة توبيخ من القائد العام عقب تلك الحادثة، وهذا ما أعلنه بقوله: "كان قائد الفصيل معهم هناك، ثم إن هذا القائد كان في إحدى المركبات الموجودة في المقدمة، أما مركبة نيكوسون فقد كانت في المؤخرة، ولم توجه اتهامات لقائد الفصيل، إذن فلم توجه اتهامات لنيكوسون؟"

وأكد الناطق الرسمي باسم الفرقة الجوية 82، العقيد مايك بيرنز بأن نيكوسون هو الوحيد الذي وجهت له اتهامات، ورفض التعليق على وضع قائد الفصيل، كما رفض تقديم لوائح الاتهامات وأضاف بأن الادعاءات لا تقتصر على حادثة واحدة.

إلا أن حادثة الاشتباك على الحاجز هي الأساس الذي بنيت عليه تلك الادعاءات بحسب رأي ستيكهاوس.

خلفيات الحادث

يذكر أن هذا الاشتباك وقع في منطقة تضم عدداً من القرى التي تسكنها عشائر ظلت موالية لبشار الأسد الذي تدعمه روسيا بحسب ما ذكره نيكولاس هيراس وهو محلل مهم لدى معهد نيولاينز للاستراتيجيات والسياسات بواشنطن، والذي قال: "ظهر هذا الجيب الذي يخضع لسيطرة النظام منذ بداية الحرب السورية، لذا فإن القوات الأميركية تعرفه تماماً. ومن المحتمل أن يكون ذلك مجرد حاجز طيار أقامته ميليشيا محلية مؤيدة للنظام بهدف مضايقة الأميركيين في وقت ظهر فيه التوتر بين القوات الأميركية والروسية".

إذ عندما واجهت الدورية ذلك الحاجز، كان قائد الفصيل يتحدث للمقر الأعلى في الوقت الذي تشاجر فيه نيكوسون مع قوات موالية للنظام من خلال مترجم بحسب ما ذكره ستيكهاوس. كما ذكر مسؤولون عن عملية العزم المتأصل بأنه بعد تلك الحادثة سمح للدورية الأميركية بالمرور عبر ذلك الحاجز قبل أن يتم إطلاق النار على الجنود.

وعند اندلاع ذلك الاشتباك، ترك نيكوسون وجندي آخر الشاحنة التي كانا فيها وذلك ليصدا النيران عن جندي مسؤول عن المدفع والذي كان بحاجة لتلقيم سلاحه الذي يقوم عليه عدد من الجنود، وذلك وفقاً للرواية التي نشرتها منظمة باتريوت الأميركية غير الربحية.

فقد دعمت هذه المنظمة نيكوسون كونها اشتهرت بدفاعها عن الجنود الأميركيين المتهمين أو المدانين بجرائم حرب بحسب ما ذكره كلينت لورانس وإيدي غالاغير، وبحسب ما يراه المحامي ستيكهاوس، فإن نيكوسون لم توجه له تلك الاتهامات لأنه تصرف بشكل غير لائق عند بدء القتال، بل بحسب رأي المحامي: "إن ما يدعونه هو أن نيكوسون أخذ يهدد القوات الموجودة على الحاجز بما سيفعله بهم مستقبلاً، وبأنه هددهم أنه في حال إطلاق أي رصاصة على الأميركيين، أو تعرضهم لأي هجوم، فلابد وأن يلحق الأذى بهؤلاء الجنود. أي أن مجرد وجوده هناك بحسب رأيهم يمثل حالة تهديد طائشة وتعريض الآخرين للخطر".

إذ عند وقوع الحادثة، رفض مسؤولون في عملية العزم المتأصل المزاعم التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول إصدار أوامر بقصف ذلك الحاجز جواً. غير أن طائرة أباتشي قامت باستعراض قوتها قبل بدء ذلك الاشتباك.

أما الاتهامات التي تتصل بعرقلة مجرى العدالة فقد بنيت على مزاعم ترى بأن نيكوسون أمر الجنود بحذف مقطع الفيديو الذي يصور الحادثة، وهذا ما نفاه فريق الدفاع عن نيكوسون.

وقبل استكمال تحقيقات إدارة التحقيق الجنائي في الجيش الأميركي حول تلك الحادثة، تم إدراج اسم نيكوسون للحصول على ميدالية النجمة البرونزية لبسالته بحسب ما ذكره محاميه السيد ستيكهاوس الذي يرى بأن التحقيقات لم تهتم بالتفاصيل، على الرغم من أن صحيفة آرمي تايمز لم تطلع على أي نسخة من تلك الوثيقة.

ويعلق المحامي ستيكهاوس على ذلك بالقول: "لا أعتقد أنه من المبالغة القول إن إدارة التحقيق الجنائي والعديد من وكالات التحقيقات العسكرية تجري تحقيقاتها بناء على قدر كبير من التحيز الواضح... ولهذا علينا أن نجري دوماً تحقيقاتنا الخاصة".

فقد وقع ذلك الاشتباك في منطقة توتر، قامت فيها العديد من المماحكات بين القوات الأميركية والروسية.

إذ خلال الشهر ذاته الذي اشتبكت فيه دورية نيكوسون مع الجنود على الحاجز، "اصطدمت مركبة عسكرية روسية عمداً" بمركبات يقودها مظليون أميركيون، وقد ورد ذلك في نشرة الأخبار الصادرة عن الفرقة الجوية 82 والتي تمت فيها مناقشة أمر إنهاء عملية نشر الجنود الأميركيين في شهر شباط.

هذا وقد تبادل مسؤولون أميركيون وروس الاتهامات في أواخر شهر آب من عام 2020 حول تلك الحادثة، والتي وصفت بسباق ماد ماكس في عموم البادية السورية كما تم تصويرها بالفيديو.

Sgt. 1st Class Robert Nicoson pictured with his wife, Beverly, and two children. (Courtesy of the Nicoson family)
روبرت نيكوسون مع عائلته

اقرأ أيضاً: مجلة أميركية: ازدحام الأجواء السورية يقود إلى اشتباك غير متوقع

وتعتبر المنطقة التي تعرضت فيها دورية نيكوسون للهجوم من الجيوب القليلة المتبقية تحت سيطرة النظام في محافظة الحسكة الواقعة شمال شرقي البلاد.

أما المحلل المختص في الشأن السوري، السيد هيراس فيرى بأن: "الولايات المتحدة تمشي على قشر البيض لتبعد القوات الأميركية عن أي احتكاك بقوات النظام، ولتظل قائمة على مهمة محاربة تنظيم الدولة. والاستثناء الوحيد في هذا السياق هو الدفاع عن النفس. لذا من النادر جداً أن يقع اشتباك بين القوات الأميركية وتلك الحليفة للنظام، لأن كلاً منهما يتجنب الآخر في أغلب الأحيان. ولهذا تعتبر هذه الحادثة خارجة عن المألوف".

أما قضية نيكوسون فتنتظر جلسة الاستماع بموجب المادة 32 وذلك ليتم تقرير أمر رفعها إلى المحكمة العسكرية من عدمه. ولهذا يقوم فريق الدفاع عن نيكوسون بجمع الأدلة، كما طلب أن تعقد جلسة الاستماع في أواخر شهر أيار المقبل.

 

المصدر: آرمي تايمز