icon
التغطية الحية

مجلة أميركية: واشنطن بحاجة لرسم سياستها تجاه سوريا

2020.11.18 | 16:01 دمشق

us-troops-syria.jpg
ناشيونال ريفيو- ترجمة وتحرير: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في الوقت الذي يتجاوب فيه العالم مع نتائج الانتخابات الأميركية، ثمة جوقة أقيمت في أماكن عدة منها أوروبا وذلك للاحتفال بما ستقوم به إدارة بايدن. ولكن في الشرق الأوسط، ثمة تخوف كبير من ذلك، ولا يعود السبب في هذا إلى أن تلك الدول لديها تجارب سيئة مع بايدن، ولكن بسبب اهتمام كثير من دول المنطقة باحتمال وقوع تغييرات مفاجئة في السياسة الخارجية الأميركية. لذا من أهم المناطق التي يجب على واشنطن أن تصحح الوضع فيها هي سوريا، حيث ساهم شركاء الولايات المتحدة على الأرض بهزيمة تنظيم الدولة ولذلك يرغبون بالتعاون بشكل وثيق مع من سيتولى مقاليد الحكم في العاصمة الأميركية.

اقرأ أيضا: سي إن إن: جو بايدن الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأميركية

إذ طيلة سنوات عشر، عانت سوريا من حرب وحشية فدمرت بسبب قمع النظام الذي تدعمه روسيا لمعارضيه، وكذلك بسبب صعود ثم أفول نجم تنظيم الدولة الذي قام بارتكاب جرائم إبادة، إلى جانب العمليات العسكرية التي هددت بها تركيا حلفاء الولايات المتحدة من الكرد. وهنا لا يمكن للولايات المتحدة أن تغطي الشمس بغربال في سوريا، فلقد حاولت أن تدعم الثوار السوريين في الماضي، وقد تضمن ذلك أيضاً القيام بضربات جوية ضد نظام الأسد. وخلال العقد المنصرم، شهدت الولايات المتحدة إدارتين وسلسلة من الخيارات السياسية التي انتهت بصورة سيئة في أغلب الأحيان. غير أنه بوسع الأميركان بل يجب عليهم اليوم أن ينقذوا ما حققوه من انتصارات ومكاسب حتى الآن.

فمن الأماكن التي حققت فيها الولايات المتحدة نجاحات نذكر المنطقة الشرقية، حيث خلقت أميركا لنفسها حلفاء وتعاونت معهم على الأرض في هزيمة تنظيم الدولة في عام 2019، وذلك بقيادة القوات الخاصة الأميركية والقيادة الوسطى.

اقرأ أيضا: آراء دائرة بايدن "الضيقة" بالملف السوري

وفي أعقاب هزيمة داعش، سعت إدارة ترامب للالتزام بوعدها بإعادة الجنود الأميركيين إلى بلادهم. واليوم، يتساءل أصدقاء الولايات المتحدة في سوريا حول إمكانية قيام الولايات المتحدة بسحب قواتها بشكل كامل من المنطقة. فقد صنف الرئيس دونالد ترامب تلك الحروب التي قامت أثناء محاربة تنظيم الدولة بأنها قامت في "أماكن قصية" لم يسبق للأميركيين أن سمعوا عنها. وقد يكون ذلك هو الصدق، إلا أن الدور الأميركي في العالم منذ أيام جيفرسون وآدامز ينطوي على قتال في أماكن قصية لحماية المصالح الأميركية وللوقوف إلى جانب الأصدقاء في وجه الأعداء.

اقرأ أيضا: هل يعني فوز بايدن بقاء الأسد في السلطة؟ 

وهذا يعني أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تصوغ سياسة لها حيال سوريا، كما يتعين عليها أن تقيم صلة وصل بين الإدارتين الحالية والمقبلة. فمن المشكلات التي عانت منها إدارة ترامب التذبذب في المواقف حيال سوريا، إذ أعلنت تلك الإدارة أنها ستهزم تنظيم الدولة، ثم تعهدت بسحب القوات في عام 2018، لكنها أبقت القوات هناك، ثم تعهدت بالجلاء مرة ثانية، وبعدها أعلنت أنها ستحمي النفط. وهذا مكن أعداء الولايات المتحدة وجرأهم عليها، وعلى رأسهم إيران، فحاولوا تقويض الدور الأميركي في العالم.

إلا أن أميركا حققت تقدماً كبيراً في سوريا، حيث ساعدت في تأمين مساحة شاسعة في المنطقة الشرقية، وتعاونت مع قوات سوريا الديمقراطية على سحق تنظيم الدولة، وقد قامت بذلك بالرغم من قلة عدد جنودها واستثمارها في تلك المنطقة، أي أن هذه ليست بحرب أبدية بل إنها مثال ناجح على استخدام الولايات المتحدة لحضور ضئيل في تحقيق قدر كبير من النفوذ.

وبالفعل ينبغي على الولايات المتحدة أن تبقى في سوريا وأن تواصل تعاونها مع الشركاء الكرد والعرب والمسيحيين على الأرض، وذلك لأن الرحيل اليوم، في الوقت الذي أخذت فيه كل من إيران وروسيا تتحين الفرصة لإذلال الولايات المتحدة، سيبدو مثل التخلي عن قطعة أرض استراتيجية كبيرة دون أي داع للقيام بذلك. غير أن البقاء يتطلب وجود وعي وفهم لسبب البقاء هناك، ولهذا يجب أن تعكس السياسة الأميركية كل ذلك بشكل مقنع. كما يجب على الإدارة القادمة أن تتعاون مع الإدارة الحالية في رسم ملامح تلك السياسة.

اقرأ أيضا: كي لا يفاجئنا بايدن في سوريا

وبالتأكيد ستتمكن الإدارتان من اكتشاف سبب لبقاء الأميركيين في المنطقة الشرقية بسوريا وذلك لتمكين شركاء الولايات المتحدة الموجودين على الأرض من إحلال الاستقرار ونشره بصورة تمنع عناصر تنظيم الدولة من الظهور مجدداً. كما أن سوريا تعتبر الخاصرة الغربية للعراق، وتنظيم الدولة يستخدم المنطقة الحدودية بين البلدين لتجنب التصادم مع قوات الأمن العراقي، إلا أن المراقبة الأميركية التي تتم عبر الطائرات المسيرة مثلاً، ساعدت في تقليص خطر تنظيم الدولة، مع دعم الشركاء على جانبي الحدود. كما أن الوجود الأميركي يمنع إيران من تحويل المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا إلى طريق دولي لتمرير السلاح المهرب إلى حزب الله في لبنان (حيث استخدمت تلك الأسلحة مؤخراً لتهديد إسرائيل). كما سمح الدور الأميركي في سوريا للأقلية المسيحية وغيرها من الأقليات التي عانت من الظلم تحت حكم تنظيم الدولة بأن تعود إلى سابق عهدها.

وقد نجحت الولايات المتحدة بجعل المنطقة الشرقية في سوريا أكثر استقراراً مقارنة ببقية المناطق في سوريا، وهذا دليل دامغ على دور واشنطن الإيجابي في تلك البلاد. وفي الوقت الذي قد ترغب فيه الإدارة الجديدة في واشنطن بتغيير سياسات حقبة ترامب، لابد للولايات المتحدة أن ترسل رسالة مفادها أنها لن تتحمل بعد اليوم أي تهديد للدور الأميركي في سوريا، وأنها ستقف إلى جانب شركائها الذين شاركوا وضحوا بأرواحهم في سبيل دحر تنظيم الدولة الإسلامية.

المصدر: ناشيونال ريفيو