ما يخفيه يحميه.. مخلوف يهدد ويتحدى

2020.05.05 | 00:05 دمشق

602x338_cmsv2_7a1a8a31-efdd-55e6-b242-1fc848d49499-4665448.jpg
+A
حجم الخط
-A

"النسخ الأصلية موجودة في مكان آمن ولن تظهر إلا بحال عدم عودتي" لطالما سمعنا هذه الجملة تتكرر في الأفلام الأميركية التي تتحدث عن العصابات المنظمة أو فساد الإدارات العامة على لسان أحد المنسحبين لسبب ما أو لإحساسه بأن ثمة قرار بتصفيته.. رامي مخلوف في تسجيله الذي ظهر على الفيس بوك كان يردد هذه الجملة طوال الوقت بعدة طرق "لا يمكنكم إنهائي فلدي ملفات تحميني".

عند مشاهدة الفيديو، 30 نيسان، السؤال الأول الذي يجب طرحه هو لماذا تم السماح لرامي بالوصول لهذه اللحظة التي يتحدى بها بشار علانية ويقوم بتهديده بكل وضوح ومباشرة، بل ويهدم ما يحاول بشار تسويقه عن القانون والمؤسسات.. الخ؟ كيف تمكن رامي من النجاة من مصير سابقيه محمد عمران ومحمود الزعبي وغازي كنعان وآصف شوكت والقائمة تطول. 

التصدع في دائرة الأسد الضيقة ليس بجديد، وليس خاصاً به، فقد شهدناه مع والده حافظ الأسد، ولكن الجديد في قضية مخلوف، أن هذا التصدع خرج للعلن قبل أن تتم تصفيته ضمن العائلة كما جرت العادة، والسبب على ما يبدو، بالإضافة للملفات التي يعرفها الرجل، أن كمية الأموال الموضوعة تحت يد رامي ضخمة بحيث لم يتمكن النظام من انتزاعها منه. ولعل ما شهدناه، منذ آب 2019، من فصول لهذه المواجهة، بين مخلوف والأسد، دليل على مكر رامي وتمكنه من حماية نفسه بشكل جيد.

كلام رامي لم يكن موجهاً إلى السوريين، ولم يكن بقصد الاستعطاف، كما رآه البعض، فبساطة الفيديو وجلوس رامي على الأرض واستخدامه للكلام الديني وادعاء التقوى وما إلى ذلك، كان تحدياً لسردية النظام، التي أطلقها منذ ما قبل انطلاق الثورة حول الرجل، فهنا رامي يقول إنه لم يعد موافقاً على أن يكون رمز الفساد الأول، وهو أشار بوضوح خلال كلامه إلى موافقته السابقة، في عام 2011، على أن يكون الشرير.  

كلام مخلوف موجه بشكل أساسي لبشار الأسد طالباً منه وقف مطالبته بدفع الأموال، ومن ثم وجه أمراً إلى الأسد بأن يأخذ هو الأموال بنفسه، كما لو أنه يخاطب زعيم عصابة، بل ووجه تهديداً مباشراً بكشف ما يعرفه وما يخفيه، عند حديثه عما جرى في 2011 والاتفاق على أن ينسحب من الصورة عبر ما ادعاه يومها من تحويل أعماله للنشاطات الإنسانية، ومن ثم تحدث بلغة تهديد واضحة عن الكثير من الملفات التي لن يتحدث عنها الآن.

فصول المواجهة بين الاثنين مستمرة، والطرفان يستخدمان فيها ما تحت أيديهم من أدوات، وحتى الآن لا يبدو الأسد، كما قد نعتقد، الأقوى فهو لم يستلم الإشارة بتصفية مخلوف كما اعتاد مع غيره، والتصفية هي سلاحه الوحيد كما أثبتت الحالات السابقة، وبنفس الوقت تأتي قوة رامي، الذي رفع حدة التحدي من خلال التسجيل الثاني، مما يملكه من معلومات وأموال، وتبقى كلمة الفصل بيد روسيا التي أرسلت من الرسائل الكثير حول غضبها من الأسد، ويبقى مصير مخلوف معلقاً بأوامر روسيا.