icon
التغطية الحية

ما حقيقة انتشار "دولار أزرق" مزور في العاصمة السورية دمشق؟

2022.03.26 | 07:05 دمشق

xel0ht6yvb2z.jpg
دمشق ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

كثرت في الآونة الأخيرة بالعاصمة السورية دمشق حالات اكتشاف ما قيل إنها دولارات مزورة في السوق السوداء، في حين شكك كثير من الأهالي بالأمر، معتبرين أنها مجرد "لعبة صرافين".

"جميع الدولارات التي نتعامل بها مزورة حتى يثبت العكس، ونسبة أوراق المئة دولار من الطبعة الجديدة (الزرقاء) المزورة في السوق تجاوزت الـ 80 بالمئة"، هذا ما قاله أحد الصرافين في دمشق لموقع تلفزيون سوريا وأضاف: "باتت عملية الكشف عن الدولارات المزيفة مرهقة لكثرتها".

حجج أم حقيقة؟

يقول أحمد (م)، وهو والد شابين هاجرا منذ 6 سنوات إلى تركيا، إنه يحصل على حوالة بنحو 300 دولار من أبنائه عبر السوق السوداء، ويقوم بصرف جزء وتخبئة جزء للحاجة خوفاً من انهيار قيمة الليرة، لكنه يواجه صعوبة في تصريفها لأن بعض الصرافين يقولون إنها مزورة.

وتابع "أشك بالأمر، لأن بعضهم يعرض علي تصريفها بنصف قيمتها"، مشيراً إلى أن "الصرافين يضعون هذه الحجة لزيادة أرباحهم، فيقومون بتصريفها بسعر منخفض ثم يسلمونها كحوالات لآخرين".

شكوك أحمد تقاطعت مع أكثر من شخص يحصل على حوالات شهرية عبر السوق السوداء بالدولار، مثل الشاب العشريني فريد الذي تصله حوالة بمقدار 150 دولارا شهرياً من أخيه المغترب، والذي يرى أن "تجار السوداء أشاعوا أن الطبعة القديمة من الدولار (البيضاء) لا يمكن تصريفها إلا بسعر أقل من النشرات بمقدار 5 دولارات على الأقل، وبذلك وجّهوا كل الناس باتجاه الدولار الأزرق الجديد، وبمجرد زيادة الطلب عليه خرجوا بشائعة التزوير".

لكن للصرافين وجهة نظر أخرى، إذ أكد صراف في حي الميدان بدمشق أن "كمية الدولارات الزرقاء المزورة في السوق تفوق التصور، ومخاوف أصحاب الحوالات مبررة، لكن شكوكهم بأن الحديث عن التزوير شائعة غير منطقية، لأن من يعملون بالتحويل هم شبكات تختلف عمّن يعملون بالتصريف، فالصرافون هم تجار غالباً، أما العاملون في الحوالات لديهم شبكات منفصلة، وتدور حولهم شكوك حول قدرتهم على تأمين الدولارات بشكل كبير ودوري".

منشأ الدولارات المزورة

وبحسب الصراف فإن "بعض الأوراق المزورة وصلت نسبة التزوير فيها إلى 90 بالمئة، ومن الصعب جداً كشفها إلاّ عبر مختصين وباستخدام أجهزة خاصة، وبالتالي قد لا يقتنع الزبون بأنها مزورة فعلاً لعدم توافر الأجهزة لدى الصرافين".

وأشار إلى أن الأوراق المزورة تأتي إلى دمشق عبر الحدود وليس من السوق الداخلي غالباً، تبعاً لطريقة تزويرها الحرفية ونوع الأحبار والأوراق المستخدمة، وغالباً يكون منشؤها عراقي أو تركي أو لبناني.

وتنتشر صفحات على "فيس بوك" لأشخاص يدعون أنهم يبيعون "الدولار المجمد" وبكميات ضخمة، إذ يقنعون الناس بأن الدولارات المجمدة سُرقت من المصارف والبنوك في دول النزاع مثل العراق وليبيا وعُممت أرقامها ومنع تداولها ضمن القنوات المصرفية، لكن يمكن تداولها بالسوق السوداء.

وعلى ذلك يعلّق الصراف بأن "هذه الدولارات مزورة أصلاً وبطريقة احترافية لأن الدولارات المجمدة لا تجمد خارج المصارف بل داخلها، ومن الصعب جداً تعميم أرقام على كل مصارف الدول"، على حد تعبيره.

"على السبحانية"

ويرى تجار أن تداول الدولار في سوريا بالسوق السوداء بات "على السبحانية (عشوائياً)" والمخاوف من أن تكون الدولارات مزورة أقل بكثير من مخاوف الحوالة بالليرة السورية التي تختلف قيمتها بين ليلة وضحاها.

يقول أحد التجار: "السوق السوداء في سوريا تعتمد على الدولارات كأوراق ذات قيمة حتى لو أنها دون قيمة، المهم ليست ليرة سورية وليست محبوسة في المصارف".

مصرف سورية المركزي حذّر مراراً من الدولارات المزيفة، وفي أيار العام الماضي، حذر المواطنين من التعامل مع "الأسواق غير النظامية" في استقبال حوالاتهم الواردة بالعملة الأجنبية، مدعياً اكتشاف العديد من العملات المزورة في أثناء تسديد المواطنين التزاماتهم المالية بالعملة الصعبة.

ودعا المصرف المواطنين إلى الامتناع عن شراء القطع الأجنبي من هذه الأسواق، طالباً اقتصار الشراء على المصارف وشركات الصرافة المرخصة من قبل نظام الأسد، للحصول على أموالهم الواردة من الخارج.

وقبلها في 2013 نقلت مصادر خاصة بحسب موقع "دام برس" عن مصرف سوريا المركزي تأكيده انتشار نوعين للدولار المزور: النوع الأول يكشف عبر آلات كشف التزوير ومختوم من محال الصرافة للتمويه بأنه نظامي، والنوع الثاني لا يكشف إلا بآلات كشف التزوير الحديثة والمتخصصة التي تعتمد فحص الدولار على أكثر من أربع نقاط، وهو نوع يصل من خارج سوريا.

وعرض المصرف، بحسب المصدر، على من يود فحص مدخراته من الدولار أن يكشف عليها في محال الصرافة المزودة بأجهزة خاصة أو في المصرف المركزي، لكن ذلك قد يعرض حاملها لخطر الاعتقال بالتأكيد.

شائعات ينشرها المركزي

بدوره قال خبير اقتصادي في دمشق إن "الصرافين لا يستطيعون كشف العملات المزورة بسهولة، وقلة منهم يملكون أدوات تتيح لهم الكشف العميق بأدوات حديثة".

وأضاف أن عمليات التصريف تتم غالباً بسرعة كبيرة في الشوارع العامة أو المقاهي أو ما شابه، مشيراً إلى أنه "ومع كل انهيار لقيمة الليرة تنتشر المخاوف من الدولار المزور عبر شائعات ينشرها مصرف سورية المركزي ليردع الناس من الإقبال على شراء العملة الصعبة".

وتابع "بالتأكيد هناك دولارات مزورة، ليس فقط في سوريا بل في كل العالم، وقد يكون انتشارها في سوريا ودول النزاع أكثر من غيرها، ما يتطلب حرصاً بالفعل من قبل من تردهم الحوالات من الخارج، لكن المشكلة تكمن بعدم خبرتهم وعدم قدرتهم على الشكوى بحال اكتشافهم أن الدولارات التي وردتهم مزورة لأنهم سيتهمون بمخالفة القوانين والتواطؤ مع شبكات الحوالات، إضافة إلى أن التصريف قد يكون بعد أسابيع من تسلّم الحوالة، ما قد يجعل شبكة التحويل تتنصل من مسؤوليتها".

ماهو "الدولار الأزرق"؟

أصدرت الولايات المتحدة الأميركية في تشرين الثاني من عام 2013 ورقة جديدة من فئة الـ 100 دولار، أعيد تصميمها بمجموعة من الميزات أهمها شريط أزرق ثلاثي الأبعاد في منتصف الورقة، إضافة لعلامة مائية برتقالية اللون على الجانب الأيمن من الورقة.

وبسبب وجود هذا الخط الأزرق، أطلق على الطبعة الجديدة من هذه الفئة اسم "الدولار الأزرق" في بعض الدول العربية، وخاصة في سوريا ولبنان.