icon
التغطية الحية

ما تأثير الزلزال على مسار التقارب بين تركيا والنظام السوري؟

2023.03.03 | 09:40 دمشق

التطبيع بين تركيا والنظام السوري
التطبيع بين تركيا والنظام السوري
خاص - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

استحوذ الزلزال الذي ضرب مناطق في شمالي سوريا وجنوبي تركيا على اهتمام الأوساط الشعبية والسياسية التركية، نظراً لكونه كارثة لم تشهدها البلاد منذ عقود، إذ قارب عدد الضحايا من 46 ألف قتيل بحسب إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد)، وهو رقم يفوق عدد ضحايا زلزال مرمرة الذي هز تركيا عام 1999 وخلف قرابة 17 ألف ضحية، يضاف إلى هذه الأرقام فقدان مئات آلاف الأتراك لمناطق سكنهم، ونشاط حركة النزوح الداخلية.

ومع انتهاء عمليات البحث عن مفقودين تحت الأنقاض، تركزت جهود الحكومة على استيعاب الأزمة الإنسانية التي نجمت عن الزلزال، وقامت بتقديم المساعدات للنازحين، وصرف التعويضات للمتضررين، مع إطلاق وعود بإعادة إعمار المدن المتضررة خلال وقت قصير.

وأدى الزلزال إلى ظهور بعض المتغيرات على صعيد السياسة الخارجية التركية، مثل استقبال أنقرة وزراء خارجية اليونان ومصر، وتراجع مسار التقارب بين تركيا والنظام السوري.

تجميد اجتماعات اللجان التقنية بين تركيا والنظام السوري

وأفادت مصادر خاصة لموقع "تلفزيون سوريا" بتوقف اجتماعات الوفد التقنية بين تركيا والنظام السوري، التي شهدت آخر انعقاد لها شهر كانون الثاني من العام الجاري.

ورجح المصدر انخفاض دافع الحكومة لدفع مسار التقارب مع النظام السوري للأمام، لأن الملف السوري لم يعد يشغل الشارع التركي كما كان في السابق، وبالتالي فإن أهميته في السباق الانتخابي انخفضت.

ويعتقد الباحث التركي المقيم في أنقرة عمر أوزكيزيلجيك، المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسيات، أن المحادثات بين أنقرة ودمشق لم تكن تستهدف تطبيع العلاقات، وإنما مدفوعة باعتبارات سياسية داخلية، وضغط روسيا.

وأشار أوزكيزيلجيك في حديث لموقع تلفزيون سوريا، إلى تراجع أهمية فتح قنوات اتصال مع نظام الأسد على مستوى الداخل التركي بعد كارثة الزلزال، مرجحاً عدم حدوث أي تطورات كبيرة في هذا المسار قبل الانتخابات الرئاسية.

تحييد ورقة السوريين عن الاستثمار السياسي خلال الأزمة

وبدا واضحاً أن الحكومة التركية عملت على تحييد ورقة السوريين عن الاستثمار السياسي منذ الأيام الأولى لكارثة الزلزال، حيث أكد المسؤولون مراراً وعلى رأسهم وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن بلاده لن تسمح بتوافد السوريين عبر المعابر الحدودية إلى تركيا.

وسمحت السلطات التركية في منتصف شباط الماضي للسوريين المقيمين في تركيا من حملة بطاقة الحماية المؤقتة بالتوجه إلى سوريا عبر معبري باب السلامة وباب الهوى، لقضاء إجازة تتراوح بين شهر إلى ستة أشهر.

وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار في آواخر شباط عن أعداد السوريين الذين غادروا إلى بلادهم منذ حدوث الزلزال، مؤكداً أن 42 ألف سوري عادوا إلى بلادهم بشكل طوعي، نافياً في الوقت ذاته حدوث أي موجات هجرة من سوريا إلى تركيا.

ومن الواضح أن جهود الحكومة ركزت على منع وقوع احتكاكات بين السوريين والأتراك في المناطق المنكوبة مثل هاتاي وغازي عنتاب، التي تحتضن مئات الآلاف من السوريين، كما أن المسؤولين الحكوميين عملوا على تفنيد الشائعات بشكل مباشر، بالإضافة إلى استخدام السماح بدخول السوريين إلى سوريا للتأكيد على استمرار خطة تسهيل عودة اللاجئين.

واستبعد الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج أن تتوقف عملية إعادة السوريين المقيمين في تركيا إلى بلادهم بسبب الزلزال، معتبراً أن الخطة مستمرة بدليل إتاحة المجال لحاملي بطاقة الحماية المؤقتة بالدخول إلى شمال غربي سوريا تحت مسمى إجازة.

وتوقع الحاج في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن ينتهج المزيد من السوريين نهج الآلاف الذين سبقوهم خلال الأيام الماضية وغادروا الأراضي التركية، لأن عملية إعادة إعمار المدن التي كانوا يقطنوها ستستغرق وقتاً طويلاً.

ويمكن القول إن سياسة الحكومة إجمالاً استهدفت قطع الطريق على محاولة توجيه الأنظار باتجاه الملف السوري، والعمل على حشد الشارع التركي خلف مشروع إعادة الإعمار وتعويض المتضررين، بحكم أنها متمرسة في إدارة الكوارث، ولديها خبرة تراكمية كبيرة في عمليات الإنشاء.

ما مصير التقارب مع النظام السوري؟

يرى الباحث والمحلل التركي لشؤون الأمن والسياسيات عمر أوزكيزيلجيك، أن مصير التقارب مع النظام السوري مرتبط بنتائج الانتخابات الرئاسية.

وبحسب اعتقاد الباحث، ستعود تركيا إلى سياساتها المعهودة في سوريا، التي انتهجتها منذ بداية الأزمة، في حال فاز الرئيس أردوغان وحزبه بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أما إذا نجحت المعارضة فستقوم بالفعل بتطبيع العلاقات مع النظام السوري.

بالمقابل، رجح الباحث سعيد الحاج، عدم إعاقة الزلزال لمسار التقارب بين تركيا والنظام السوري، بل لم يستبعد أن تؤدي الكارثة إلى تسريع هذا التقارب، على اعتبار أن أنقرة باتت بحاجة ملحة لتجنب أي مشكلات أو تصعيد خارجي، وبالتالي فإن جمود المسار حالياً لا يعني توقفه على المدى البعيد.

وأدت كارثة الزلزال إلى آثار واضحة على الصعيد السياسي بالنسبة لتركيا، وفتحت المجال أمام تطورات جديدة وكبيرة، مثل زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى جنوبي تركيا ولقائه مولود جاويش أوغلو، بالإضافة إلى زيارة مماثلة أجراها وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس للمناطق التركية المتضررة من الزلزال، وإشارته الواضحة لإمكانية تحسين العلاقات بين أثينا وأنقرة بعد فترة توتر كبيرة وصلت إلى حد التلويح بالمواجهة العسكرية، الأمر الذي يفتح الباب أمام توقع متغيرات جديدة بالسياسة الخارجية التركية.