icon
التغطية الحية

ما أهداف روسيا من تعزيز قواتها في مناطق "قسد" شمالي سوريا؟

2022.06.14 | 06:25 دمشق

russian-forces.jpg
آليات عسكرية روسية شمال شرقي سوريا (AFP)
+A
حجم الخط
-A

كثفت القوات الروسية من نشاطها في شمال شرقي سوريا، على نقاط التماس مع المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري والممتدة بين رأس العين شمال الحسكة وتل أبيض شمال الرقة، بالتزامن مع زيادة حدة التصريحات التركية المتوعدة بشن عملية عسكرية شمال سوريا ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وتهدف تركيا من العملية العسكرية إلى إقامة منطقة آمنة بعرض 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية وإبعاد "قسد" عن الحدود، وهذه المنطقة جزء من اتفاق تركي مع روسيا وأميركا كانت عقدته أنقرة مع الطرفين كلٍّ على حدى في تشرين الأول 2019 وعلقت بموجبه عملية "نبع السلام" آخر عملياتها في سوريا.

وفي أواخر مايو/أيار الفائت، استقدمت القوات الروسية تعزيزات عسكرية جديدة بينها طائرات مروحية وحربية إلى مطار القامشلي، بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية.

وأضافت الوكالة، حينها أنّ التعزيزات تأتي بالتزامن مع التصريحات التركية التي هددت بشن عملية عسكرية جديدة في مناطق شمال شرقي سوريا، الواقعة تحت النفوذ الروسي. وفي 27 من أيار/ مايو الماضي سيّرت دورية مشتركة مع قوات النظام وقوات "قسد" على طول الشريط الحدودي بين مدينتي عامودا والدرباسية شمال الحسكة، بتغطية جوية من 6 مروحيات رافقت الدورية.

وفي بداية الشهر الجاري، استقدمت القوات الروسية الموجودة في مطار القامشلي، منظومة صواريخ متطورة من طراز "بانتسير - إس 1"، وذلك بعد أيام من نشر مروحيات ومقاتلات جديدة في المطار، وبذلك زادت موسكو من قواتها في المنطقة المعروفة أنها ضمن مساحة النفوذ الأميركي وعلى مقربة من عشرات القوات الأميركية والتركية في المنطقة.

وقال الصحفي نوار الرهاوي، لموقع تلفزيون سوريا، إن القوات الروسية أرسلت تعزيزات عسكرية مكونة من ناقلات جند مدرعة ومنظومة دفاع الجوي من طراز "بانتسير - إس 1" إلى ناحية تل تمر الواقعة تحت سيطرة "قسد".

وأضاف "الرهاوي" وهو مراسل لموقع "الخابور" المحلي في رأس العين، أنّ روسيا ركزت نقطة عسكرية في منطقة "الشركراك" قرب الطريق الدولي (إم 4) شمال الرقة، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية للنظام من مطار الطبقة إلى محيط عين عيسى بالمنطقة ذاتها، كما زادت من دورياتها الجوية في المناطق الشمالية من الحسكة.

هدفها ليس منع العملية التركية

يقول الكاتب الصحفي فراس علاوي، إن القوات الروسية تقوم بإعادة تموضع في سوريا، في الأماكن الأكثر استراتيجية بالنسبة لموسكو، "وهي رغم تزامنها مع التهديدات التركية ضد (قسد) إلا أنها لا تستهدف منع أي عملية عسكرية تركية شمال سوريا".

ويرى "علاوي" في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن هدف العملية العسكرية التركية المرتقبة لن يكون مناطق السيطرة الروسية، بل سوف يستهدف مناطق خاضعة للنفوذ الأميركي تسيطر عليها "قسد" مرشحا "عين عيسى" كميدان لهذه العملية المقبلة.

رسالة لواشنطن

ويشير "علاوي" إلى أن هذه التعزيزات الروسية موجهة بشكل أساسي للقوات الأميركية في منطقة شمال شرق سوريا، تعبر بها موسكو عن استعدادها لأي احتكاك بين قوات البلدين في سوريا، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن قوات البلدين في المنطقة ليست مستعدة لأي مواجهة إلا أن حضور موسكو بهذا الشكل يؤكد على عدم انسحابها من سوريا وحاجتها إلى قواتها فيها لحربها في أوكرانيا. 

ولفت إلى أن الحضور الروسي بهذا الحجم يهدف أيضا لتعبئة الفراغ الذي قد تتركه القوات الأميركية في المنطقة في حال قررت الانسحاب، كما حصل حين انسحبت القوات الأميركية إبان إدارة ترامب من بعض المناطق. 

أهداف داخل سوريا وخارجها

يرى الباحث عبد الوهاب العاصي، أن روسيا ترفض أي تحرك عسكري تركي يؤدي لتقليص فارق القوة معها في سوريا، لكنها بالوقت نفسه قد تكون مستعدة لتقبل هذا السيناريو بحال وجدت نفسها مضطرة لتقديم تنازل لتركيا مقابل تحقيق مصالحها في أوكرانيا التي تعتبر أولوية بالنسبة لها حالياً. 

ويوضح "العاصي" وهو باحث في مركز جسور للدراسات بحديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن التعزيزات الروسية في شمال شرقي سوريا، بالتزامن مع التهديدات التركية، يأتي في إطار زيادة قوتها بالمنطقة بوجه التصعيد التركي، للحصول على أكبر قدر من المكاسب المتوقعة من أنقرة في الملف الأوكراني. 

ويضيف أنه "وبالوقت نفسه، فإن روسيا تستخدم التهديد بوجود عملية عسكرية في الضغط على (قسد) من أجل تعزيز وجودها العسكري شرق الفرات على حساب بقية الفاعلين أي تركيا والولايات المتحدة، ومن أجل تعزيز قدرة النظام على استعادة حضوره في المنطقة سواء عبر المفاوضات مع الإدارة الذاتية أو عبر الانتشار العسكري والأمني. 

تعزيزات روسيا لم تهدِئ مخاوف "قسد"

لم تفلح التعزيزات الروسية في تهدئة مخاوف "قسد"، وأعربت عن مخاوفها يوم الجمعة 10 من حزيران، على لسان مسؤول "المركز الإعلامي" فيها، فرهاد شامي، الذي قال إن الدول الضامنة روسيا وأميركا "ما تزال تعارض الهجوم التركي.. وتقول إنها ستحلّ المشكلات دبلوماسياً ولكن في حال فشلت الإجراءات الدبلوماسية فإنّها لم تحدّد أية إجراءات بديلة حتّى الآن".

من جهته، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس 9 من حزيران، غداة تلقيه تحذيراً من الولايات المتحدة الأميركية بخصوص العملية العسكرية في شمال سوريا،  في "ألا يعارض أيٌ من حلفاء أنقرة الحقيقيين مخاوفنا المشروعة". 

وتعتبر أنقرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من واشنطن والتي تقودها "وحدات حماية الشعب" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" منظمة إرهابية مرتبطة بـ "حزب العمال الكردستاني" الذي يشن تمردا عسكريا في تركيا منذ عقود. 

وكانت القوات التركية شنت 3 عمليات في سوريا منذ عام 2016 ضد "قسد" و"داعش"، ساعية منذ سنوات إلى إنشاء "منطقة آمنة" بعرض 30 كيلومتراً على طول حدودها الجنوبية، لتفصل تلك المنطقة العازلة تركيا عن الأراضي التي تقع تحت سيطرة "قسد".