بعد انتظار طويل وبطء في التوزيع، صدمت العائلات السورية التي وردتها رسائل مازوت التدفئة عبر البطاقة الذكية في دمشق وريفها، من صعوبة تشغيل المدافئ، ليتبين أنها مغشوشة بإضافة المياء إليها.
وأكدت عدة عائلات لموقع تلفزيون سوريا، أن كميات المازوت التي حصلوا عليها من الموزعين بمناطق مختلفة من دمشق وريفها، جميعها سيئة الاشتعال ومخلوطة بالمياه، ما زاد من معاناتهم بالحصول على التدفئة لعدم قدرتهم على تشغيل المدافئ وسط المنخفض الجوي الشديد الذي يضرب البلاد.
مخاطر خلط المازوت بمواد شديدة الاشتعال
ونتيجة لعدم اشتعال المازوت، اضطرت بعض العائلات إلى خلطه بالنفط أو البنزين أو الكاز وحتى الكحول الصناعي، لتتمكن من تشغيل المدافئ، رغم خطورة هذه الخطوة التي تهدد بالحرائق وحتى انفجار المدفئة، وفقاً لخبير من إحدى محطات الوقود بدمشق فضل عدم ذكر اسمه.
وأكد الخبير أن خلط المازوت مع البنزين أو الكاز ينتج عنه اشتعال قوي وشديد وسريع، أما المازوت فمن المفترض أن يكون أقل سرعة بالاشتعال وأكثر أماناً للمدافئ.
وأشار إلى أن المازوت الموزع من قبل شركة "محروقات" رديء بالأساس، وعند إضافة المياه إليه يصبح من الصعب جداً تشغيله. محذراً بشدة من خلط المازوت بالكحول الصناعي الذي قد يؤدي إلى نتائج "كارثية" على حد تعبيره.
واجه الموقع أكثر من موزع مازوت بشكاوى العائلات، إلا أنهم نفوا خلطه بالماء متهمين شركة "محروقات" بأنها هي من سلمتهم هذه المخصصات والتي لم ينكروا أن تكون بالفعل قد خلطت بالماء لكن من المصدر على حد زعمهم، وبدورها نفت مصادر في شركة "محروقات" ذلك مؤكدةً أن الغش بالمادة وعلى مدار السنوات الطويلة الماضية، يتم بأيدي الموزعين ليقوموا بزيادة الكميات وبيعها في السوق السوداء.
حتى المازوت المباع في السوق السوداء مخلوط بالمياه، بحسب بعض سكان مدينة جرمانا التي تنتشر فيها بسطات بيع المحروقات بشكل كثيف، مؤكدين أن بعضاً ممن لم تصلهم الرسائل اضطروا إلى الشراء من السوق السوداء لكن المادة أيضاً كانت مغشوشة.
أساليب أخرى للغش
لم يتوقف الغش على خلط المازوت بالمياه، بل بقيت المشكلة القديمة الجديدة موجودة علناً، وهي سرقة بضعة ليترات في أثناء التعبئة من قبل موزعي مازوت التدفئة المعتمدين. وقال عديد من سكان العاصمة وريفها الذين وصلتهم رسائل المازوت أن سائقي الصهاريج يسرقون أكثر من 5 ليترات على الأقل من الـ50 ليتراً المخصصة.
وأضاف أحدهم لموقع تلفزيون سوريا، أنه اشترى "بيدونين" 25 ليتراً، وقام الموزع بتعبئتهما ناقصين بنحو 2 – 3 ليترات من كل "بيدون"، وعند استفساره استشاط الموزع غضباً مؤكداً له أن "البيدونات" هذه تأتي أكثر من 25 ليتراً، قائلا "إذا ما عجبك روح اشتكي".
ويتابع " من غير المعقول أن يتم تصنيع "بيدونات" أكثر من الحجم المدون عليها، وأذكر سابقاً كانت هناك تحذيرات من جمعية حماية المستهلك بأن سعة "البيدونات" في الأسواق هي أقل من سعتها المدونة عليها، لكن الموزعين متفقون فيما بينهم على هذه الحجة لسرقة الليترات وبيعها في السوق السوداء".
وبالفعل، حذّرت جمعية "حماية المستهلك" عام 2022، من وجود "بيدونات" بلاستيكية في الأسواق، غير مطابقة للمواصفات القياسية، وأنه من خلال المعايرة، فإن تلك "البيدونات" لا تتسع للحجم المدون عليها.
ويعاني السوريون من أكثر من مشكلة في أثناء تعبئتهم مازوت التدفئة غير الغش، فقد أكد مواطنون أن الموزعين يضعون 10 – 15 ألف ليرة زيادة على سعر الـ50 ليتراً التي من المفترض أن يكون سعرها 250 ألف ليرة بحجة أجرة العمال والنقل، إضافةً إلى أن السيارات تقف في أماكن بعيدة عن السكن ولا تأتي للمنازل، ما يضطرهم إلى شراء "بيدونات" (سعر البيدون 30 ألف ليرة) ونقلها عبر سيارات الأجرة (أقل أجرة تبدأ من 50 ألف ليرة صعوداً تبعاً للمسافة المقطوعة).
يشير المواطنون إلى أنهم مضطرون إلى دفع ما لا يقل عن 120 ألف ليرة إضافية فوق سعر المازوت المحددة، وفي النهاية يأتي المازوت مغشوشاً صعب الاشتعال.