icon
التغطية الحية

ماذا تريد "قسد" من اجتماع العشائر في "الربيضة"؟

2020.08.14 | 18:44 دمشق

photo_2020-08-02_17-40-28.jpg
جانب من الاجتماع- خاص تلفزيون سوريا
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

يتسارع حضور المشهد العشائري في ريف دير الزور باطّراد ملحوظ، منذ حادثة اغتيال الشيخ "مطشر احمود الهفل" في مطلع آب الجاري، وسط تجاذباتٍ تشهدها مختلف القوى المسيطرة في شرقي الفرات عموماً وفي ريف دير الزور بصورة خاصة.  

وفي آخر تطورات المشهد، عُقد أمس الخميس، اجتماعٌ في قرية "الربيضة" التابعة لبلدة "الصور" في ريف دير الزور الشمالي، لأبناء "عشائر العكيدات" المقيمين في المنطقة، حضره وفد من التحالف الدولي وممثلون عن "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

 الاجتماع دعت لعقده قوات "قسد" ردّاً على الاجتماع الموسّع الذي عقده شيوخ عشائر قبيلة العكيدات، الثلاثاء الماضي، في منزل كبير شيوخ القبيلة، خليل الهفل، في قرية "ذيبان" بريف دير الزور الشرقي، للتباحث حول الاغتيالات وحالة الفلتان الأمني، ووجّه في ختامه المجتمعون بياناً إلى قيادة التحالف الدولي حملوه فيه مسؤولية الفلتان والاغتيالات وطالبوه بوضع المنطقة تحت إدارة أبنائها من العرب.

كما طالب بيان الثلاثاء بضبط الوضع الأمني عبر وضع خطة أمنية، وكشف المجرمين بعمليات الاغتيال وتقديمهم للعدالة، ومنح المجتمعون التحالف الدولي مدة شهر واحد للاستجابة لمطالب البيان.

اجتماع الخميس.. الدوافع والأهداف

أوردت وسائل إعلام "قسد" أن الاجتماع تمّ بدعوة من وجهاء عشيرة "البْكَـيّـر" التابعة للعكيدات، وهذا ما ينفيه شيخ العشيرة "عبد العزيز الحمادة" عبر اتصال مع موقع "تلفزيون سوريا"، حيث قال إن "قسد" تقصّدت إقحام اسم العشيرة التي تقطن غالبية مدن وبلدات الريف الشمالي لدير الزور، لسبب يعلمه غالبية أبناؤها، ومرده أن "(أحمد حامد الخبيل) الملقب (أبو خولة)، قائد ما يُعرف بـ (مجلس دير الزور العسكري) المنضوي تحت إمرة قسد، ينحدر من عشيرة البكيّر، وهم يريدون بذلك إضفاء شرعية على اجتماعهم أمام الإعلام من خلال إقحام اسم العشيرة".

إضافة إلى ذلك، يؤكّد "الحاج حمدان" أحد المشاركين في الاجتماع، لموقع "تلفزيون سوريا"، أن وسائل إعلام "قسد" هي الجهة الوحيدة التي غطّت جميع تفاصيل الاجتماع، إذ منعت جميع الحضور (نحو ثلاثة آلاف بحسب قولها) من تصوير أيّ مشهد أو صور للاجتماع، مضيفاً أن "قوات قسد قطعت شبكة الإنترنت عن المنطقة بذريعة حدوث عطل تقني" لتعيده لاحقاً بعد انتهاء الاجتماع.

ويشير "الحاج حمدان" أن الدعوة تمت برعاية "قسد" التي أبلغت المدعوين أن ممثلي قوات التحالف سيحضرون الاجتماع، كما أنهم "سيتعاملون مع غير الراغبين بالحضور بوصفهم معارضين لقوات التحالف ومحاربة (داعش)".

وبدوره، يصف الشيخ الحمادة الدافع الرئيس للاجتماع بقوله إنه "محاولة فاشلة لتحويل أنظار التحالف الدولي عن ثقل ورمزية الاجتماع السابق الذي جمع كل ممثلي ووجهاء القبيلة في منزل "خليل الهفل"، ومجرد عقد الاجتماع في هذا المكان كفيل لإثبات شرعيته ورمزيته لدى أبناء القبيلة وكل عشائر وقبائل الجوار".

ويبيّن الحمادة مدى ودرجة الاحترام الذي يحظى به "بيت المشيَخة" بحسب تعبيره، بالنسبة لجميع عشائر العكيدات، "فبالرغم من وجود تباينات واختلافات في الرؤى السياسية بين بعض أبناء القبيلة وشيخها نتيجة الظروف الراهنة، إلا أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع دون أيّ انحياز أو تعصّب، وبالمقابل فهو يحظى باحترام جميع مكونات القبيلة".

من دوافع عقد الاجتماع الأخير أيضاً، يقول الحمادة "تريد قسد إيصال فكرة لقوات التحالف بالدرجة الأولى، فحواها أن: قرار العشائر لم يعد مرهوناً بالوجوه العشائرية ومشايخ القبيلة التاريخيين، وبأن الشيخ الحالي، إبراهيم خليل الهفل، لا يمثّل جميع العكيدات، وبأنها -قسد- تمتلك حاضنة شعبية تعترف بها من خلال حشدها عدداً كبيراً من أهالي المنطقة".

ويعلّق الحاج حمدان على العدد الكبير من الحاضرين و"وجوه العشائر" الذين لبّوا دعوة "قسد" أن "بينهم منتفعون كثر وتجمعهم مصالح شخصية مع قوات "قسد" مضيفاً أن الأخيرة "عقدت الاجتماع في منطقة محسوبة على عشيرة "البكيّر" التي لها ثقل عشائري إلا أن أبناءها أيدوا اجتماع بيت خليل الهفل وشاركوا فيه ولم يشاركوا في الاجتماع الأخير الذي أريدَ منه إبراز (أبو خولة) كأحد وجهاء العشيرة لا أكثر".

ويعلل حمدان تمكّنت "قسد" من حشد هذا العدد نتيجة استغلالهم لبعض أبناء عشيرة "الشعيطات" وعدائهم المتجذّر مع "تنظيم الدولة"، لا سيما وأن قسد تصف كل من يقف ضدها بأنه يوالي التنظيم.

وأكد في الوقت ذاته "عدم حضور لوجهاء العشائر أبداً، بل عبارة عن مخاتير وشخصيات محلية تعمل مع قسد، وقبل ذلك كانوا يعملون مع تنظيم الدولة"، مضيفاً أن الحضور ممن سمّتهم قسد "وجهاء العشائر" شملوا مختلف عشائر محافظة الحسكة بالإضافة لعشائر الدير، ولم يكونوا من عشائر المنطقة فحسب كما نشر إعلامها.

بيان قرية "الربيضة".. مطالبات لكسب التأييد الشعبي:

عقب انتهاء الاجتماع في "الربيضة" ألقي بيانٌ نُسب لعشيرة "البكيّر" من قبل شخص يدعى "أبو حسن العنبزي" قالت عنه إحدى وسائل إعلام "قسد" بأنه "الناطق باسم عشيرة البكيّر". إلا أنه، وبحسب الشيخ حمدان، شخص اسمه "رضا العواد" من بلدة "خشام" ، ويلقبه أهل المنطقة بـ "السيستاني"، وكان قد قضى ثماني سنوات داخل السجن قبل الثورة بتهمة "قتل"، وهو الآن يعمل لدى "أبو خولة".

أهم المطالب التي وجهها البيان لقوات التحالف تمثلت بـ: "دعم المجلس العسكري (التابع لقسد) مادياً ومعنوياً للحفاظ على الأمن والاستقرار".

بالإضافة إلى "طرد النظام والميليشيات الإيرانية الشيعية من قرانا السبعة المهجرة" و"معالجة" الوضع الأمني من خلال "فتح تحقيق بمقتل عدد من شيوخ ووجهاء المنطقة، وجميع الذين أريقت دماؤهم على هذه الأرض الطاهرة في هذه المرحلة".

ويرى الشيخ الحمادة أن الهدف الرئيس من بنود البيان هي "محاولة لكسب تأييد الناس لا أكثر" مشيراً إلى وجود تناقض واضح في طرح المطالب التي "نسختها قسد من بياننا في بيت خليل الهفل" والمتضمنة إخراج إيران والنظام وإحلال الأمن وفتح تحقيق حول اغتيال رؤساء العشائر، فـ "قسد" من وجهة نظر الحمادة "مرتبطة ارتباطاً اقتصادياً وثيقاً بالنظام، وهي تعلم جيداً أن التحالف بعيدٌ عن إخراج روسيا من المنطقة".

باختصار شديد، يقول الحاج حمدان بدوره، إن غاية قسد "تتمثّل في ضرب عشائر المنطقة بعضها ببعض، في محاولة منها للقفز على مطالب عشائر العكيدات التي وجهوها للتحالف الدولي وطالبوه فيها بتسليم إدارة المنطقة لأبنائها الأصليين".

"نواف الفارس" يلتحق بالمشهد

الفارس ينحدر من إحدى عشائر العكيدات (الدميم)، وشغل العديد من المناصب الأمنية والحزبية قبل أن يصبح سفير سوريا في العراق منذ أيلول 2008 إلى وقت انشقاقه عام 2012. وأهم المناصب التي تقلدها كانت: رئيس فرع أمنٍ سياسي- أمين فرع حزب البعث بدير الزور- محافظ لمحافظة اللاذقية- محافظ لإدلب- محافظ للقنيطرة- سفيراً في العراق.

أعلن الفارس انشقاقه عن نظام الأسد معلناً انضمامه للثورة السورية، بحسب تسجيل مصوّر نشره في 10 تموز 2012.

أقام فترة من الزمن في دولة قطر بُعيد انشقاقه، ثم انتقل بعدها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وما يزال فيها حتى اليوم.

وبعد غيابه عن المشهد فترة طويلة من الزمن تخللها ظهورٌ محدود في لقاءات تلفزيونية خاصة، عاد الفارس للظهور مجدداً بالتزامن مع انعقاد اجتماع أمس الخميس، بعد أن تداول ناشطون تسجيلات صوتية له يدعو فيها أبناء قبيلته للوقوف في صفّ "قسد".

التسجيل المنسوب للفارس عبارة عن محادثة خاصة مع شخص خاطبه باسم "محمد أبو جبر"، نعت الفارس من خلاله المجتمعين يوم الثلاثاء في منزل الشيخ خليل الهفل بـ "المرتزقة و(الدواعش)" مشدداً بأنه سيتصدى لهم "وسنكون لهم بالمرصاد".

وطلب الفارس من "أبو جبر"، بحسب التسجيل، تحشيد ما يمكن من أبناء القبيلة ووضعهم تحت إمرة "قسد"، وأوصاه في نهاية التسجيل إبلاغ سلامه لـ "أبو خولة"، بلهجة توضّح مدى التنسيق بين الاثنين.

استفزّ تسجيل الفارس عموم أبناء القبيلة، وأعلن الكثيرون تبرؤهم منه، فيما تصدّى بعض وجهاء العشيرة للردّ عليه، وأهم تلك الردود ما صدر عن الشيخ "نبيل الدندل" أحد أبناء شيوخ عشيرة "الحسون" التابعة لقبيلة العكيدات.

ونبيل الدندل كان ضابطاً أيضاً في إدارة الأمن السياسي، وتسلّم فرع الأمن السياسي في اللاذقية قبل أن يحوّله النظام لإدارة الهجرة والجوازات في دير الزور، وليعلن بعدها انشقاقه في تشرين الثاني 2011.

تحدث الدندل عن الكثير من التفاصيل المشككة بصدقية نواف الفارس ومعارضته لنظام الأسد، وأشار إلى أن دافع الفارس للانشقاق كان بسبب عدم نجاحه في قمع الثورة في محافظة دير الزور ما جعل النظام يغضب عليه.

وقال الدندل مخاطباً الفارس في تسجيله: "هل تذكر ماذا قلت لنا حين استدعاك بشار الأسد في بداية الثورة ليلومك على عدم تمكنك من إنهاء الثورة، وبأنك أخبرت بشار حينها أن يستخدم الطائرات لقمع الثورة في دير الزور، ما أثار غضبه وطردك من مكتبه؟".

وبيّن الدندل أن سبب خروج الفارس من دولة قطر وانتقاله للإقامة في الإمارات، كان بعد اكتشاف نواياه من قبل القطريين الذين طردوه من أراضيهم.

 كما أوضح في تسجيله أن الفارس التقى بالإيرانيين في العراق وأخبرهم أن "أصول قبيلة العكيدات تعود لـ (الشيعة) وليست (سنّية)" بهدف التقرّب من إيران والانضواء تحت قيادتهم.

ثم وجّه الدندل حديثه للشيخ "مصعب الهفل" ودعاه لفتح قناة مع التحالف الدولي وقطع كل علاقة مع "قسد"، والطلب من التحالف وضع منطقة الفرات تحت إدارة أهلها والتخلي عمن سماهم "عصابة جبل قنديل"، كما طلب من الهفل تشكيل وفد من أبناء العكيدات والسعي للقاء الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ومجلس نوابه والطلب منهم رسمياً التدخل لطرد "أكراد جبل قنديل الذين لا يمتّون بصلة لأهلنا من أكراد سوريا" بحسب تعبيره.