icon
التغطية الحية

مأزق إيراني وتردد إسرائيلي.. تداعيات الهجوم على السفينة "ميرسر ستريت"

2021.08.03 | 18:52 دمشق

microsoftteams-image_4.png
الرئيسان الأميركي والإيراني، والأضرار التي لحقت بالسفينة "ميرسر ستريت" إثر استهدافها في خليج عمان (تعديل تلفزيون سوريا)
إسطنبول ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

جددت واشنطن ولندن تحذير طهران من تهديد حرية الملاحة البحرية في أعقاب الهجوم المنسوب لإيران على سفينة تديرها شركة إسرائيلية في سواحل عمان، متوعدتين بأن الهجوم لن يمر من دون عقاب، وسط محاولات تل أبيب للتحشيد لتحالف دولي لتوجيه رد جماعي ضد طهران.

 وتعرضت فجر الجمعة الماضي، سفينة "ميرسر ستريت"، لهجوم في قبالة السواحل العمانية أسفر عن مقتل اثنين من طاقهما، أحدهما بريطاني والثاني روماني.

"ميرسر ستريت" سفينة تجارية كانت تبحر في المياه الإقليمية في خليج عمان، وتعتبر ناقلة نفط يابانية ترفع علم ليبيريا وتشغلها شركة بريطانية " ZODIAC MARITIME" التي يرأسها رجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر.

وتتهم كل من تل أبيب وواشنطن ولندن طهران بالمسؤولية عن الهجوم، وتشير تقارير غربية إلى أن الهجوم نفذ بطائرة انتحارية إيرانية مسيرة، من طراز "شاهد"، تابعة للحرس الثوري الإيراني.

نفي رسمي واعتراف ضمني

من جهتها؛ نفت إيران مسؤوليتها عن الهجوم، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده في مؤتمر صحفي أسبوعي، يوم الأحد الماضي: إن المزاعم بشأن ضلوع طهران في الهجوم على الناقلة الإسرائيلية "استفزازية ولا أساس لها من الصحة"، متوعداً بالرد على "أي مغامرة محتملة".

وجاء النفي الإيراني الرسمي متأخراً في محاولة لسحب الاعتراف الذي قدمته قناة "العالم"، قناة رسمية إيرانية، والتي نقلت عمّا سمتها "مصادر مطلعة" أن الهجوم على السفينة جاء رداً على الهجوم الإسرائيلي الأخير على مطار الضبعة في منطقة القصير بسوريا.

كما استدعت طهران، يوم أمس الإثنين، كلاً من السفير الروماني والقائم بالأعمال البريطاني، لتقديم توضيحات رفضت بموجبها الاتهامات الموجهة لها بالضلوع في الهجوم على السفينة.

في المقابل، جدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قوله بأن "الولايات المتحدة واثقة من أن إيران هي التي نفذت الهجوم على السفينة، باستخدام طائرة بلا طيار".

تحركات دولية لتنسيق رد مشترك

وقال بلينكن في إفادة صحفية، مساء الأحد، محذرا السلطات الإيرانية "سيتم الرد وسيتم تنسيقه"، موضحاً أن واشنطن تتشاور مع حكومات دول في داخل الشرق الأوسط وخارجه بشأن الرد المناسب "الذي سيأتي قريباً".

وكان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، قد حذر في وقت سابق أمس، من أن إيران ستضطر إلى دفع ثمن: "على إيران أن تتحمل تبعات الهجوم الشائن. هذا هجوم غير مقبول". مشدداً على ضرورة حماية طرق الملاحة الدولية.

وتدرس الحكومة البريطانية خيارات ردها الدبلوماسي على استهداف ناقلة النفط، بالتنسيق مع الأمم المتحدة ومجموعة السبع، سعياً منها للوصول إلى اتفاق دولي يحمّل طهران المسؤولية، بحسب ما نقلته صحيفة "الغارديان" عن مسؤولين في الخارجية البريطانية.

بدورها، كانت إسرائيل أول من وجهت أصابع الاتهام لطهران، باعتبار أنها هي المستهدفة بالهجوم، الذي يأتي في إطار الحرب البحرية بين إسرائيل وإيران، أو ما يعرف بـ "حرب ناقلات النفط".

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أمس الإثنين، إن الهجوم يعتبر تصعيداً من قبل إيران ويجب "على إسرائيل التحرك الآن ضد إيران" مهدداً طهران بأن "لدى تل أبيب مجموعة متنوعة من الأدوات والخيارات للرد".

كما كثف وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد خلال اليومين الفائتين اتصالاته الدبلوماسية مع نظرائه الأميركي والبريطاني والروماني لحشد رأي عام دولي ضد طهران، كما العاصمة واشنطن اجتماعا يوم أمس بين مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ونظيره الإسرائيلي إيال هولاتا لمناقشة الخطر الإيراني في المنطقة.

المأزق الإيراني

يبدو أن نتائج الهجوم وما تبعه من تداعيات سلبية على طهران لم تكن مدروسة ولم تتوقعها، فالهجوم خرج عن إطار بأنه مجرد رد على الهجمات الإسرائيلية المعتادة، ووضعها أمام موقف حرج قد يترتب عليه نتائج لم يحسبها الإيرانيون قبل الهجوم على السفينة.

 وتذكر صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بأن كل المؤشرات، وفقاً لمعلومات استخبارية إسرائيلية وغربية وعربية، تدل على أن الإيرانيين لم يقصدوا إحداث أضرار كبيرة أو إغراق السفينة، وإنما إحداث أضرار طفيفة لردع لإسرائيل ووقف ضرباتها لأهداف إيرانية في سوريا.

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى نقاط عدة في الهجوم من شأنها أن تزيد من مأزق طهران وتصعب من تهربها من العواقب.

أولاً التوقيت؛ يعتبر توقيت الهجوم من أهم النقاط التي لم يدرسها الإيرانيون جيداً، فقد جاء بعد ساعات من نشر صحيفة وول ستريت جورنال مقالاً يتحدث عن نية إدارة بايدن فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب استخدامها طائرات من دون طيار متطورة وصواريخ دقيقة التوجيه تعرض القوات الأميركية وقوات التحالف في الشرق الأوسط للخطر.

ويتزامن الهجوم "غير محسوب العواقب" مع تعثر مفاوضات فيينا لإحياء "الاتفاق النووي" بين واشنطن وطهران، فقد انتهت الشهر الماضي سادس جولة من المفاوضات من دون إحراز تقدم، ومن المقرر أن تستأنف الشهر المقبل.

ثانياً؛ اختيار الهدف لم يكن موفقاً لأن السفينة المستهدفة لا تعتبر إسرائيلية وارتباطها بإسرائيل ضعيف.

ثالثاً أداة الجريمة؛ استخدام طائرات من دون طيار انتحارية بعيدة المدى، السلاح الإيراني الذي بات يقلق واشنطن فضلاً عن إسرائيل في الآونة الأخيرة، حيث تكررت هجمات إيران وميليشياتها لقواعد وأهداف أميركية في العراق باستخدام "الطائرات المسيرة".

رابعاً مكان الاستهداف المباشر؛ انفجرت الطائرة المسيرة "الانتحارية" في نقطة قيادة جسر السفينة وهي أكثر الأماكن حساسية واكتظاظاً بأفراد الطاقم والعاملين على متن السفينة، فكانت النتيجة ضحيتين مدنيتين، على عكس معظم الضربات البحرية السابقة التي اختصرت نتائجها على الأضرار المادية.‏

خامساً الجغرافيا؛ فضلاً عن أن السفينة المستهدفة كانت تبحر في إحدى مناطق الملاحة العالمية، إلا أن الهجوم وقع في وقت كانت فيه العديد من السفن العسكرية والمدنية الأميركية والبريطانية تبحر في الجوار، أي أن هناك شهودا.

سادساً الإنكار، لم تنجح طهران بنفيها الرسمي في أن تخلي مسؤوليتها لأن موقع "العالم" الإيراني أعلن الهجوم على السفينة جاء انتقاماً لمقتل اثنين من عناصر الحرس الثوري في سوريا قبل أسبوع.

 

التردد الإسرائيلي

على الرغم من أن السفينة المستهدفة ضعيفة الارتباط بإسرائيل، إلا أن هدف إيران من الهجوم كان تسديد ضربة لإسرائيل، الأمر الذي جعل تل أبيب تكثف اتصالاتها الدبلوماسية مع عواصم غربية لتوسيع جبهة مواجهة الخطر الإيراني في المنطقة.

وعلى الصعيد الأمني يبدو أنها مترددة في الإقدام على رد عسكري مباشر، وذكرت قناة N12 الإسرائيلية أن تل أبيب مترددة فيما إذا كانت سترد على الهجوم الإيراني.

وأضافت القناة الإسرائيلية أن مسؤولين أمنيين كبار أجروا نقاشات الليلة الماضية على خلفية الهجوم على "ميرسر ستريت" حول ما إذا كان من الصواب الرد وإلى أي مدى؟

وركزت النقاشات الأمنية على أن أي رد عسكري غير محسوب من الممكن أن يضع إسرائيل في بؤرة التركيز وفي الواجهة.

ومن ناحية أخرى أوجدت إسرائيل لنفسها بالفعل معادلة جديدة في المنطقة حيث ترد على أي هجوم إيراني في المنطقة، لذلك يبدو أنها غير قادر ة على تجاوز الهجوم.

ويرى القائد السابق لسلاح البحرية الإسرائيلية، إليعيزر مروم، أنه من الخطأ تجديد المناوشات البحرية مع الإيرانيين.

يشار إلى أنه في نيسان/أبريل الماضي، نفذت قوات كوموندوس بحري إسرائيلي هجوماً ضد سفينة إيرانية في البحر الأحمر قبالة السواحل جيبوتي أسفرت عن أضرار مادية جسيمة في السفينة.

وقال مروم، في حديث لإذاعة 103 FM، "في نهاية الأمر هاجم الإيرانيون سفينة غير إسرائيلية، وصلتها بإسرائيل ضعيفة للغاية. فمن الأجدر أن نبني موقفنا وفقاً لموقف دولي مشترك.

كلمات مفتاحية