icon
التغطية الحية

ليس لأنهم مسلمون.. لهذه الأسباب تستمر مأساة الروهنغيا

2021.02.06 | 09:58 دمشق

thumbs_b_c_765698a110b4da52b68f0f3f6e1996a7.jpg
روهينغيا فارون من أعمال العنف في أراكان ـ الأناضول
إسطنبول ـ سامر قطريب
+A
حجم الخط
-A

هل سيعود الروهينغيا إلى منازلهم في "أراكان" عقب الانقلاب العسكري في ميانمار؟ الصين لم تدن الانقلاب ولا يبدو أنها تنوي ذلك، فهي صاحبة المصلحة في تهجير الروهينغيا والخلاص منهم، ولكن ليس لأنهم مسلمون.

الخلاف بين الجيش والحكومة لا يرتبط مباشرة بقضية الروهينغيا، لكن سيطرة الجيش على السلطة،  أثارت مخاوف من حملة قمع جديدة بحق ما تبقى من الروهينغيا في البلاد.

تتناقل وسائل الإعلام أخبار الروهينغيا باعتبارهم "أقلية مسلمة" تتعرض للاضطهاد، ولكن ذلك قد يكون جانبا من الحقيقة فقط، وهو ما يريد أن يسمعه "العالم المتمذهب".

بحسب الأمم المتحدة، فرّ 688 ألفا من مسلمي أراكان إلى بنغلاديش، منذ بداية الجرائم بحقهم، في آب وحتى 27 من كانون الثاني الماضي.

اقرأ أيضا: انقلاب ميانمار.. إدانات دولية ومخاوف من تفاقم وضع الروهينغا

ووفقًا للخدمات البورمية لـ"راديو آسيا الحرة"، قُتل ما لا يقل عن 289 مدنياً في ولاية أراكان وولاية تشين المجاورة لها منذ كانون الأول 2018.

ويعيش اليوم نحو مليون من مسلمي الروهينغيا في مخيمات بأراكان، بعد أن حُرموا من حق المواطنة بموجب قانون أقرته ميانمار في 1982، إذ تعتبرهم الحكومة مهاجرين غير نظاميين من بنغلاديش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الدينية الأكثر اضطهادًا في العالم".

 

WhatsApp Image 2021-02-06 at 11.42.44 AM.jpeg

 

أراكان إقليم غني وشعب فقير

أساس الصراع في ميانمار يكمن في إقليم أراكان غربي ميانمار، الذي كان الروهينغيا يشكلون أغلب سكانه، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية، كالغاز والنفط.

تفجرت أعمال العنف العرقي في أراكان عام 2012 ومنذ ذلك الحين لم يتوقف التوتر واستمر العنف بشكل متقطع.

ورغم وفرة موارده الطبيعية، يعتبر أراكان واحدا من أكثر أقاليم ميانمار فقرا، حيث يعيش 78 في المئة من سكانه تحت خط الفقر، بحسب البنك الدولي.

وتريد سلطات ميانمار السيطرة تماما على الإقليم وطرد مسلمي الروهنغيا منه، لإفساح المجال أمام الاستثمار الخارجي فيه، خاصة أن لديها العديد من المشاريع الاقتصادية في هذا الإقليم. وتعد الصين في مقدمة الدول التي تستثمر في ميانمار، خاصة بمجال الطاقة.

اقرأ أيضا: متهم بـ"فظائع" ضد مسلمي الروهينغا يستولي على السلطة في ميانمار

بداية القصة

عام 2008، حصلت مؤسسة البترول الوطنية الصينية (ثالث أكبر شركة نفط بالعالم وفق تصنيف فورتين غلوبال 2016)، على حقوق الانتفاع لحقل الغاز، الذي بدأ العمل به بعد عام، لإنشاء أنابيب نفط وغاز من إقليم أراكان، موطن الروهنغيا، وصولا إلى ولاية "يونان" جنوب غربي الصين.

ووفق الصفقة المبرمة والمتفق على استمرارها لنحو 30 عاما، يتعين أن تحصل ميانمار سنويا من الصين على 13 مليون دولار أميركي، كعائد عن استئجار الأراضي، بشرط اكتمال بناء الأنبوبين ودخولهما حيز العمل.

وفي نيسان 2017، اتفقت الصين وميانمار على مد خط أنابيب مزدوج (نفط وغاز) عابر للحدود من ميانمار إلى جنوب شرقي الصين.

 

193844f3-2ea0-4698-82c8-0410638fa575.jpg

 

وذكرت وسائل إعلام غربية أن هذا الخط من شأنه أن يسمح لبكين بتنويع خطوط الإمداد بالنفط، وتقليل اعتمادها على بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.

وكل سفينة قادمة من الشرق الأوسط يجب أن تمر عبر ثلاثة محيطات ومضيق ملقا (بين شبه جزيرة ماليزيا وجزيرة سومطرة الإندونيسية) الخاضع للنفوذ الأميركي، لذا تريد الصين بديلا لها عن هذا المضيق، والبديل هو عبر أراكان.

جسر بين الدول العربية والصين

يوصل خط الأنابيب الذي افتتح في ميانمار النفط من الدول العربية والقوقاز إلى مقاطعة يوننان الصينية. ويبدأ خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 771 كيلومترا من خليج البنغال في ولاية أراكان، حيث وقعت معظم الجرائم ضد أقلية الروهينغا.

صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية قالت في وقت سابق، إن خط الأنابيب من جزيرة "ميد" في أراكان يمكن أن يوفر 6 في المئة من واردات الصين من النفط.

وانطلاقا من أهمية أراكان في المشاريع التنموية الاقتصادية، يمكن تفسير سبب إقدام ميانمار على تهجير الروهنغيا من أراضيهم، وحرق قراهم، لإعادة بناء مشاريع عليها.

اقرأ أيضاً.. قادة في جيش ميانمار ينفذون انقلاباً عسكرياً وأميركا تدين

الروهينغيا يرفضون المشروع الصيني

منذ أن جرى التوقيع على إنشاء أنابيب النفط والغاز في 2009، اندلعت بانتظام تظاهرات من قبل المواطنين في أراكان لمناهضة خطط حكومة ميانمار وشريكتها "مؤسسة البترول الوطنية الصينية".

وتقول الكاتبة "ويتني ويب"، في موقع " مينت برس نيوز" الأميركي في 20 من أيلول الماضي، إن "المواطنين في أراكان قدموا شكاوى متعددة للجهات الحكومية حول تسبب المشروع الصيني في تلوث مياه الأنهار وتدمير الممتلكات العامة".

وتمر أنابيب النفط والغاز بـ 23 مدينة مركزية، إضافة إلى 56 نهرا و76 جبلا في كل من ميانمار والصين، بحسب الصحافة الصينية نقلا عن مسؤولين حكوميين.

كما استنكرت تظاهرات المواطنين، وفق الموقع الأميركي، عدم وفاء المؤسسة الصينية بتوفير الكهرباء للمنطقة، علاوة على تنصلها من إيجاد فرص عمل للعمال المحليين.

 

 

حتى الدعم الصيني لميانمار في قضية أراكان يمكن عزوه إلى المصالح التي تربط البلدين الآسيويين، حيث تريد بكين أن تصبح ميانمار منفذا لها إلى الشرق الأوسط.

وكان صحفيون من ميانمار قالوا لوكالة الأناضول إن حكومة ميانمار تؤجج التوتر العرقي، لصرف انتباه المجتمعات المحلية عن مشروع خط الأنابيب الذي يعارضه سكان أراكان.

بين عامي 1988 و2014، استثمرت الصين أكثر من 15 مليار دولار في ميانمار، معظمها كانت في التعدين والطاقة، وفق صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصينية، في أيلول الماضي.

الصحيفة أضافت نقلا عن صوفي بويسو دو روشر، خبيرة في جنوب شرقي آسيا بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن "الصين لديها مشاريع اقتصادية رئيسية يجري العمل عليها مع حكومة ميانمار".

وأوضحت أن تلك المشاريع تشمل بناء ميناء اقتصادي بتكلفة تسعة مليارات دولار أميركي، ومنطقة اقتصادية في منطقة كياوك فيو" بأراكان.

يعيش أكثر من مليون من لاجئي الروهينغا في مخيمات بالبر الرئيسي في جنوب بنغلاديش، وفر أغلبهم من ميانمار عام 2017 بعد حملة عسكرية شملت عمليات قتل واغتصاب وإحراق عمد ضدهم.

وقال محققو الأمم المتحدة إن تلك العمليات نفذت بنية الإبادة الجماعية من قبل الحكومة وحشود البوذيين الذين يشكلون الأغلبية في ميانمار.