icon
التغطية الحية

لوموند: بعد عشر سنوات من الحرب في سوريا بشار الأسد "ملك الأنقاض"

2021.03.15 | 19:29 دمشق

wo-as564_syrvot_p_20140602181013.jpg
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن سوريا باتت بلدا مجزئا واقتصادا ممزقا ونظاما محظورا تحت حكم بشار الأسد الذي أصبح لا يحكم إلا من خلال الخضوع والدمار، ففي بداية الانتفاضة ضد النظام السوري في ربيع 2011 حذر أنصار الرئيس بشار الأسد خصومهم بشعارات "الأسد أو نحرق البلد" و كان التهديد منتشرا على الجدران في المدن السورية ومنتشرا في المسيرات المؤيدة للنظام وفي وسائل الإعلام الرسمية فإملاءات دمشق كانت الخضوع أو الدمار.

وتابعت الصحيفة أنه بعد عشر سنوات من حرب كارثية لا يزال بشار الأسد في مكانه، لكن سلطته تسود على بساط من الأنقاض حيث توقف القتال عمليا وبقي النظام على قيد الحياة لكن سوريا انهارت وبات سكانها في حالة يرثى لها، حيث لم يعد "الأسد أو الوطن يحترق"، بل "الأسد والدولة المتفحمة".

وتنقل لوموند عن دبلوماسي أجنبي يزور دمشق بانتظام، قوله: "أصبح النظام يشعر بالانتصار لأنه يعتقد أن الجزء الأصعب أصبح وراءه. فبين عامي 2012 و2014، بدا الأمر كما لو أن ثلثي العالَم كان ضدَّه. وسيطرت المعارضة المسلحة على معظم الأراضي وبدا أنها على وشك الدخول إلى العاصمة دمشق. كنا نظن أن الأمر قد انتهى".

وبعد ذلك، مثل الدومينو، سقطت المناطق التي سيطر عليها الثوار واحدة تلو الأخرى. القصير عام 2013، وحمص عام 2014، وحلب وداريا عام 2016، ودوما ودرعا عام 2018. بعدما دفعت الميليشيات الإيرانية الثوار إلى الاستسلام. أصبحت سوريا المفيدة – العمود الفقري للبلاد على طول محور دمشق وحلب – تحت سيطرة الموالين للأسد مرة أخرى.

وتشير الصحيفة إلى أن الدمار الذي نشره القصف الروسي والمجاعة الناتجة عن حصار جيش النظام وقصف وهجمات قوات النخبة الموالية لإيران، دفع الثوار إلى الاستسلام.

لكن الاستعادة لم تكتمل، إذ ما يزال جيب إدلب في الشمال الغربي يخضع لسيطرة جماعة تحرير الشام. وما يزال شمال شرقي سوريا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وتحميها وحدة من بضع مئات من الجنود الأميركيين. وفي البادية، الصحراء الشاسعة التي تمتد من ضواحي دمشق إلى وادي الفرات، ما تزال خلايا تنظيم "الدولة" منتشرة. وفي درعا، في الطرف الجنوبي من سوريا، لا يمر أسبوع من دون أن تتم مهاجمة نقطة تفتيش، توضح "لوموند" دائما.

غيره أنه، بموازاة سحق الثوار، سُحقت البلاد، إذ سقط ما بين 300 ألف و500 ألف قتيل، وأصبح هناك 1,5 مليون من المعاقين، و5.6 ملايين من اللاجئين، و6.2 ملايين نازح. ودمرت أو أتلفت ثلث المباني. وفقا لتقرير صادر في أيار 2020 عن المركز السوري لأبحاث السياسات، فإن خسائر الحرب التراكمية تصل إلى 530 مليار دولار. وبحسب المصدر ذاته، خسرت الدولة ثلثي ناتجها المحلي الإجمالي، حيث انخفض من 60 مليار دولار في عام 2010 إلى 21 مليار دولار في عام 2019.

الهوة الاقتصادية

وبصرف النظر عن إعادة تأهيل الطرق الرئيسية وترميم جزء من أسواق حلب بتمويل من مؤسسة الآغا خان، فقد توقفت عملية إعادة البناء، والسبب وجيه: خزائن الدولة فارغة.

وعليه، فإن البلاد تغرق في الهاوية. فجائحة كوفيد -19 وإفلاس القطاع المصرفي اللبناني ودخول قانون قيصر الأميركي حيز التنفيذ، خنقت مزيداً من الإنتاج والتجارة. والخوف من القانون الأميركي يعرض السكان لحصار اقتصادي بحكم الأمر الواقع.

ونتيجة لذلك، تسارع انهيار الليرة السورية وارتفعت أسعار السلع، مما اضطر الحكومة إلى خفض الدعم عن الخبز والوقود والغاز. وتمتد الطوابير أمام المخابز ومحطات الوقود لمئات الأمتار، وأحيانا لأميال، مما يثير التذمر المتزايد، بما في ذلك داخل المجتمع الموالي.

في هذا السياق، تحرص حكومة النظام على عدم ادعاء النصر، حيث يدرك بشار الأسد جيدا أن ثماره مريرة بشكل خاص. كما أنه يمتنع عن البحث عن سبل لحل الأزمة التي ينسبها بالكامل إلى "الحرب الاقتصادية" التي قيل إن الغرب شنها ضده بعد خسارته المعركة عسكريا على الأرض.

وفي الوقت الحالي، يبدو الطوق الدبلوماسي المناهض للأسد قويا. والمعاناة الاجتماعية لا تهم في الدول البوليسية. في الواقع، في سوريا، تساعد الدولارات التي يرسلها اللاجئون إلى عائلاتهم في التخفيف من تأثير الأزمة. وفي الثمانينيات، واجه حافظ الأسد مقاطعة وعقوبات من الولايات المتحدة، حتى التقى بيل كلينتون، باسل قدو، المستشار السابق في حكومة دمشق.

لكن ثمة عقبة تقف في طريق ابنه بشار الأسد: وهي نشاط المنظمات غير الحكومية السورية والدولية، وتعبئتها ضد جرائم النظام. في أيام الأسد الوالد، لم يكن هناك دليل على القمع. اليوم، المدافعون عن حقوق الإنسان غارقون في التوثيق. مقاطع فيديو وصور وشهادات ورسائل رسمية… أدى هذا العمل الجماعي غير المسبوق، في نهاية شهر شباط، إلى إدانة عميل سابق للمخابرات بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، من خلال محكمة ألمانية، وهو أول حكم من نوعه منذ بداية الحرب في سوريا.

وتختم الصحيفة بالقول: إذا استمر هذا الضغط، فستكون إعادة تأهيل بشار الأسد صعبة للغاية. ولكن إذا ضعفت اليقظة، فإن كل السيناريوهات ممكنة. فالنظام يراهن على النسيان والاستخفاف والتشاؤم. خصومه يطالبون بالعدالة. وبين المعسكرين، السباق مستمر.