icon
التغطية الحية

لم تعد مقتصرة على السوريين.. لبنانيون يختارون "قوارب الموت" إلى أوروبا

2022.01.11 | 15:03 دمشق

lbnan.jpeg
قوارب الموت (إنترنت)
إسطنبول - وكالات
+A
حجم الخط
-A

لم تعد الهجرة إلى أوروبا من لبنان عبر "قوارب الموت" مقتصرة على اللاجئين السوريين، فبعد عامين من انهيار اقتصادي غير مسبوق يفاقمه شلل سياسي، لم يعد لبنان نقطة انطلاق للاجئين فحسب، بل أيضاً لمواطنيه الذين أرهقتهم الأزمات وباتت غالبيتهم تحت خط الفقر.

وليست الهجرة غير القانونية ظاهرة جديدة في لبنان الذي شكل منصة انطلاق للاجئين خصوصاً السوريين باتجاه قبرص خصوصاً، الدولة القريبة والعضو في الاتحاد الأوروبي، لكن يتزايد عدد اللبنانيين الذين يخاطرون بأرواحهم بحثاً عن بدايات جديدة بعيداً عن بلدهم الغارق في الأزمات.

ويقول إبراهيم (اسم مستعار) البالغ من العمر 42 عاماً لوكالة (فرانس برس) في مدينة طرابلس شمالي لبنان إنه تمكّن منذ عام 2019 من تهريب قرابة مئة لبناني إلى أوروبا"، ويضيف: "أخرجتهم من هنا، من التسوّل، هناك على الأقل إذا وضعوا في مخيم، سيأكلون ويشربون بكرامة".

وأشار إلى أن "كلفة سفر الفرد تتراوح بين 2500 دولار لبلوغ قبرص، وسبعة آلاف دولار للوصول إلى شواطئ إيطاليا"، وأضاف: "لبنانيون كثر يودون المغادرة.. ومستعدون لبيع بيوتهم وسياراتهم. يبيعون كل شيء، المهم أن يرحلوا".

"لا طريق أمامنا إلا البحر"

وعلى مقعد مواجه للشاطئ، يجلس بلال موسى (34 عاماً)، وهو أب لثلاثة أطفال، ينفث دخان سيجارته مراقباً الأمواج العاتية التي كادت أن تبتلعه في تشرين الثاني الفائت لدى محاولته السفر بطريقة غير شرعية.

ويقول لـ (فرانس برس) إنه سيحاول مرة أخرى إذ "لا مستقبل هنا لنا أو لأولادنا" بعدما تخلى قبل ستة أشهر عن وظيفته في سوبر ماركت، حيث بات راتبه (55 دولاراً) بالكاد يكفيه لدفع بدل التنقل.

وقرر بلال في أيلول الفائت خوض الرحلة المحفوفة بالمخاطر، وباع سيارته واقترض من صديقه مبلغ 1500 دولار كان ينقصه ليدفع أربعة آلاف دولار إلى المهرب الذي أعلمه بموعد السفر قبل ثلاثة أيام من حصوله.

وفي 19 تشرين الثاني وضّب حقيبة ظهر صغيرة وغادر منزله في منطقة الضنية من دون إخبار زوجته، وأعلمه المهرّب أنه سيسافر برفقة 72 شخصاً، لكن عند وصوله إلى نقطة الاجتماع في طرابلس، تفاجأ بوجود نحو تسعين شخصاً يتسلقون شاحنة أقلتهم إلى منطقة القلمون المجاورة التي انطلقوا منها.

وكان في عداد الرحلة 15 لاجئاً فلسطينياً وعشرة سوريين، بينما البقية من اللبنانيين، وكان هناك 35 طفلاً ونحو عشرين امرأة، وبعد ساعتين من إبحار المركب، طارده زورق تابع للقوات البحرية وأمر سائقه بالعودة إلى الشاطئ، لكن الأخير لم يمتثل وتابع طريقه إلى المياه الإقليمية.

وبعد ساعة من المطاردة، تسربت مياه البحر إلى المركب، ثم تعطل المحرك، وكان الوقت ليلا، وبدأت المياه تُثقل المركب تدريجياً، ما دفع الركاب الذين أصابهم الهلع إلى التخلص من الحقائب وعبوات المازوت، وسارع بعضهم بينهم بلال إلى الاتصال بأفراد عائلاتهم لإرسال إغاثة، وعملت سفينة تابعة للجيش اللبناني على سحبهم باتجاه الشاطئ، حيث تم التحقيق معهم قبل الإفراج عنهم.

يقول بلال "شعرت بالقهر لأنني عدت أدراجي ولم أتمكن من بلوغ وجهتي، لكنني أعرف أنني سأغادر لبنان مجدداً.. فلا طريق أمامنا إلا البحر".

ويبدو لبنان الذي يقطنه حالياً قرابة ستة ملايين شخص بمنزلة سفينة غارقة تصارع تبعات انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.

وأدّت الأزمة إلى خسارة الليرة أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار، وانعكس ذلك تدهوراً غير مسبوق في قدرة السكان الشرائية بعدما بات الحدّ الأدنى للأجور يعادل أقل من 23 دولاراً، في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حدّ كبير، ومن جراء ذلك، تراجعت قدرة السلطات على توفير الخدمات الأساسية ودعم سلع حيوية خصوصاً المحروقات والأدوية.