icon
التغطية الحية

لماذا يواجه السوريون في ألمانيا صعوبات أكبر من غيرهم لإيجاد عمل؟

2022.06.12 | 14:18 دمشق

image.img_.640.medium.jpg
إحدى دورات الاندماج في ألمانيا ـ HandbookGermany
برلين ـ ترجمة وتحرير رحيم حيدر
+A
حجم الخط
-A

توصل تقرير أعده تلفزيون (MDR Fernsehen) في 11 من حزيران 2022،  إلى أن اللاجئين السوريين غالباً ما يواجهون صعوبة في إيجاد عمل في ألمانيا، واعتبر التقرير أن اللغة الألمانية ما تزال تمثل العائق الأكبر، مع وجود نقص في دورات اللغة الألمانية المتخصصة بتعليم المصطلحات المهنية.

رامي الحمي (36) عاما، يعيش بمدينة "هاله" في ولاية "سكسونيا أنهالت"، كان قد عمل في وقت سابق محاميا في دمشق، وبعد وصوله إلى ألمانيا عام 2015، أكمل دورات الاندماج وحضر دورات تدريبية في الكمبيوتر والبرمجة، وتأهل للعمل مستشارا في الهجرة والاندماج لكنه لم يحصل على عمل حتى الآن، رغم أنه بحث في جميع أرجاء ألمانيا، وأرسل ما لا يقل عن 400 طلب توظيف.

يقول رامي إنه لا يفهم لماذا لا يمنحه أحد فرصة لإثبات نفسه، رغم رغبته الشديدة في العمل وكسب المال بنفسه، حيث تم رفض طلباته دون ذكر للأسباب، على الرغم من  أنه دعي إلى 50 مقابلة عمل، في عدة مجالات مثل بيع التجزئة والكتابة وتقديم المشورة للاندماج، لكنها جميعها قوبلت بالرفض.

البحث عن عمل في ألمانيا

تبحث اللاجئة السورية إيمان الروز عن وظيفة في ولاية "ساكسونيا"، ومن أجل ذلك حصلت على المساعدة من ساندرا لوهر المرشدة في سوق العمل، وتشمل المساعدة المقدمة، إعداد مستندات التقديم للوظائف، والتحضير لمقابلات العمل أو التعامل مع الأسئلة البيروقراطية.

يقول التقرير بأن إيمان خياطة متدربة وتبحث بحماسة شديدة عن عمل، لكنها تواجه مشكلة في هذا المجال، بسبب التزامها برعاية أطفالها، وتقول: "لدي بالفعل ثلاثة أطفال إنه أمر صعب، خاصة مع الابنة الصغرى البالغة من العمر خمس سنوات". يعمل زوج إيمان طاهياً ويبدأ عمله عادة في فترة ما بعد الظهر، وتوضح إيمان: "ليس لدي أحد يرعى أطفالي. عندما أقول إن باستطاعتي العمل من الساعة 7 صباحاً حتى 2 ظهرا فقط، يقول الجميع لا".

توضح ساندرا لوهر أن مشكلة الحصول على عمل في حالة وجود أطفال، هي مشكلة موجودة لجميع "العمالة غير الماهرة"، لكن الأشخاص الذين نشؤوا في ألمانيا تكون الأمور أسهل بالنسبة إليهم، حيث تتاح في الأغلب لهم الفرصة لإبقاء الأبناء لدى أجدادهم أو أقربائهم، عندما تكون هناك مناوبة ليلية. وتضيف: "هذا ليس هو الحال مع معظم اللاجئين أو المهاجرين، حيث إن الآباء (الجد والجدة)  في أغلب الحالات لا يعيشون في ألمانيا".

انخفاض نسبة توظيف السوريين في ألمانيا

بحسب وكالة التوظيف الفيدرالية، بلغ معدل توظيف اللاجئين السوريين 37 في المئة في شباط 2022، في حين بلغ معدل توظيف الأشخاص من دول اللجوء الأخرى 40 في المئة و61 في المئة لمواطني دول الاتحاد الأوروبي.

وعن ذلك يقول البروفيسور هربرت بروكر من معهد سوق العمل والأبحاث المهنية (IAB): "يتعلق ذلك بحقيقة أنه من بين السوريين لدينا عدد أكبر من النساء اللائي استطعن ​​القدوم عبر نظام لم شمل الأسرة مقارنة بالمجموعات الأخرى". ويضيف أن هؤلاء النساء عادة ما ينجبن أطفالاً، وغالباً ما يكون لديهن ثلاثة أطفال، ويوضح أن هذا يقلل من معدل توظيف النساء، بسبب التزامهن بتقديم الرعاية للأطفال.

شهادات سورية ليس لها قيمة في ألمانيا

يقول البروفيسور هربرت بروكر "المشكلة هي أن هناك مهناً ودورات تدريبية يصعب قبولها في سوق العمل الألماني"، فعلى سبيل المثال، تختلف الدراسات القانونية في ألمانيا تماما عن نظيرتها في سوريا، ويضيف "الآن هذا لا ينطبق فقط على السوريين، إنه ينطبق أيضا على الأشخاص من العديد من البلدان الأخرى لأن الأنظمة القانونية مختلفة".

لكنه يرى أن ذلك "محبط بالطبع"، لأنه يقلل من قيمة تعليمهم، ويجعل من الوارد في بعض الأحيان وضع الأشخاص في وظائف أبسط.

وبحسب البروفيسور بروكر، فإنه من بين السوريين الذين يعيشون في ألمانيا منذ ست سنوات أو أكثر، يبلغ معدل التوظيف قرابة 50 في المئة، في حين تصل نسبة التوظيف لجميع اللاجئين الآخرين إلى 51 في المئة.

محامون سوريون في ألمانيا

درست أسماء الحاج عبد الله القانون في سوريا، وأرادت أن تصبح قاضية أو محامية. لكن بعد ذلك وقعت الحرب وهربت عبر البحر ​​مع طفليها الصغيرين ووصلت إلى ألمانيا بدون شهادة، وكان عليها أن تبدأ حياة جديدة تماماً على حد قولها.

تقول أسماء: "أول ما كان عليّ فعله هو تعلم اللغة الألمانية. بعد أسبوعين من القبول، بدأت دورة تعلم اللغة الألمانية، وكان علي  اصطحاب الأطفال معي دائماً"، وذلك بسبب عدم وجود إمكانية الحصول على مقاعد لهما في رياض الأطفال أو المدرسة في ذلك الوقت.

بدأت أسماء عام 2018 تدريبها كـ "مساعدة قانونية" وتخرجت عام 2021. تعمل الآن في مكتب للمحاماة  في مدينة "هاله". إن العمل في مكتب محاماة يعني القيام بالأعمال الورقية وتحديد المواعيد والتحدث إلى العملاء عبر الهاتف، كل هذا يتطلب معرفة جيدة باللغة الألمانية.

ويقول دانيال شولتز المحامي الذي تعمل أسماء في مكتبه "الاتصال اللفظي يعمل بشكل رائع.. توجد صعوبات في اللغة المكتوبة، لكن هذا ليس مفاجئاً، لأنها ليست لغتها الأم ببساطة". لكنه يؤكد أن الممارسة اليومية للغة تجعل عمل أسماء مثالياً، ويمكن ملاحظة التحسن فيه بشكل يومي.

من جهتها تشير أسماء إلى أنها "حتى يومنا هذا، ما زالت تفتقر إلى دورة لغة متخصصة في العمل القانوني. كانت دورات اللغة العادية كافية فقط للحياة اليومية". وتضيف: "أنت بحاجة إلى دورة بالمصطلحات القانونية، تمامًا كما يحتاج الأشخاص الذين يعملون في المجال الطبي إلى دورات لغة متخصصة بالمصطلحات الطبية ".

يوافق البروفيسور هربرت بروكر على ما ذهبت إليه أسماء، ويضيف: "نحتاج إلى استمرار دائم لدورات اللغة هذه". ذلك لأن المفردات تختلف باختلاف المهن.

يختم تقرير التلفزيون الألماني، بأن أسماء بدأت الآن مزيدا من التدريب لتصبح "كاتبا قانونيا"، في حين حصلت إيمان على وظيفة كطاهية، لكن رامي ما زال يبحث عن وظيفة مناسبة.