لماذا يقلق الاحتلال الإسرائيلي من الأزمة الأوكرانية؟

2022.02.21 | 06:03 دمشق

296228.jpeg
+A
حجم الخط
-A

هناك مسافة فاصلة كبيرة جغرافيا بين الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وبين أوكرانيا، ولكن في عالم اليوم هناك الكثير من الترابط الذي يؤثر ليس على المصالح العادية بل حتى على الحسابات الاستراتيجية.

ومع تزايد التحذيرات الأميركية حول غزو روسي وشيك لأوكرانيا، لا ينحصر الأمر بسحب دبلوماسيين أو مواطنين يحملون جوازات سفر دولة الاحتلال الإسرائيلي من أوكرانيا فحسب بل إن أبعاد التأثير في حال اندلعت حرب في أوكرانيا مع تزايد طبول الحرب قد تمتد لمجالات أخرى.

فمن سوريا إلى إيران إلى العلاقة مع الولايات المتحدة ودول شرق أوروبا إلى العلاقة مع دول الخليج، مرورا بالاقتصاد والتكنولوجيا والأمن كلها قضايا يمكن أن يكون فيها انعكاسات على دولة الاحتلال بسبب الأزمة الأوكرانية.

أي تجاوب إسرائيلي مع المطالب الأميركية أو الأوروبية ضد روسيا تراه الأخيرة تهديدا لها بمثابة نقطة تحول في العلاقة الروسية الإسرائيلية

من المعلوم أن دولة الاحتلال تعتبر حليفا أساسيا للولايات المتحدة الأميركية ولكنها في الوقت نفسه تمتلك علاقات ممتازة مع روسيا ويدل التنسيق بين دولة الاحتلال وروسيا فيما يتعلق بالهجمات الإسرائيلية في سوريا على متانة هذه العلاقة. وسيعتبر أي تجاوب إسرائيلي مع المطالب الأميركية أو الأوروبية ضد روسيا تراه الأخيرة تهديدا لها بمثابة نقطة تحول في العلاقة الروسية الإسرائيلية، ولذلك تحاول دولة الاحتلال السير بدقة وتوازن على حبل رفيع للحفاظ على عدم الانزلاق للمواجهة مع أحدهما. ولعل الأمر الأكثر خطورة على دولة الاحتلال حدوث خلل في خطط عملها في سوريا في حال تفكك المعادلة التي أقامتها مع روسيا خلال السنوات الماضية.

وفي الحقيقة كان هناك إحباط كبير لدى مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي بعد تخلي الإدارة الأميركية عن الحكومة الموالية لها في أفغانستان والخروج بتلك الطريقة المذلة، وستراقب الحكومة الإسرائيلية كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع أوكرانيا وما هو الدعم الذي ستقدمه لها حيث سيكون هذا الأمر فاصلا فيما بعد بالنسبة لدولة الاحتلال ولكل حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والذين بدؤوا في التحوط والبحث عن ضامنين أمنيين.

من جهة أخرى هناك انعكاسات للأزمة الأوكرانية في ملف الطاقة حيث إن انقطاع إمدادات الغاز والنفط الروسية عن أوروبا سيضطر الأخيرة للبحث عن بدائل ومنها قطر وإيران والجزائر والسعودية وهذا سيجعل هذه الدول في موقع متقدم ويدها أقوى في أي مباحثات متعلقة في المنطقة.

هناك علاقات اقتصادية لإسرائيل مع كل من روسيا وأوكرانيا وخاصة في مجال التكنولوجيا ويمكن للأزمة أن تسبب توقفا لأعمال بعض شركات الإنتاج الإسرائيلية

من جانب آخر وبينما تتابع دول الاحتلال مباحثات عودة إيران للاتفاق النووي فإن الأزمة في أوكرانيا قد تخلق بيئة أكثر راحة لإيران لتحسين موقفها التفاوضي خاصة في حال تراجع الضغط الروسي على إيران والذي كان يحث نحو العودة للاتفاق السابق. فضلا عن تعقيد أكبر للخطط الإسرائيلية المتعلقة بتوجيه ضربات لمرافق المشروع النووي الإيراني.

على الجانب الاقتصادي هناك علاقات اقتصادية لإسرائيل مع كل من روسيا وأوكرانيا وخاصة في مجال التكنولوجيا ويمكن للأزمة أن تسبب توقفا لأعمال بعض شركات الإنتاج الإسرائيلية.

أما الجانب الآخر والذي لا يقل أهمية فهو قطاع الغذاء والقمح والحبوب الذي تتميز أوكرانيا بأنها مصدر أساسي لعدد من دول الشرق الأوسط ولعل الذي يعد أكثر أهمية هنا بالنسبة لدولة الاحتلال الاسرائيلي هي مصر ولبنان حيث تعتمد كل من مصر ولبنان وتحديدا في واردات القمح بشكل كبير على الصادرات الأوكرانية ومن المعروف أن الوضع في لبنان متدهور سابقا فإن حدوث مزيد من انعدام الأمن الغذائي قد يخلق بيئة أكثر فوضوية تسبب في أخطار أمنية على دولة الاحتلال، كما أن ارتفاع الأسعار في مصر قد يتسبب في حراك اجتماعي كما ذكرت صحيفة الأيكونومست قبل أيام قليلة.

كل هذه التطورات في حال اندلاع حرب على الجبهة الأوكرانية لا يعلم إلى متى ستمتد في حال توسعت على مديات أكبر على مستوى النظام الدولي وهو ما توجد إرهاصات حالية تسانده سوف تزيد من قلق وربما رعب دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تدرس حاليا كيفية التعامل مع مثل هذه السيناريوهات.