لماذا توقف عدد المصابين بفيروس كورونا في الصين؟

2020.04.01 | 00:02 دمشق

photo_2020-03-31_16-02-42.jpg
+A
حجم الخط
-A

أراقب منذ أسابيع التطبيق الإلكتروني الذي يشير إلى عدد الإصابات بفيروس كورونا حول العالم، ما أثار انتباهي هو أن العداد متوقف في الصين عند واحد وثمانين ألفاً، وكذلك هو بالنسبة لإيران التي توقفت الإصابات عند خمسة وثلاثين ألفاً. ما أتمناه هو أن تتوقف الإصابات بهذا المرض في كل مكان، فهو وباء يجتاح العالم كله، ولا دولة في معزل منه.

ولكن هل يمكن الوثوق بالصين بالنسبة لعدد المصابين؟ وهل التصريحات التي تطلقها هذه الدولة عن تجاوزها هذا المرض يمكن حملانها على محمل الجد؟

ولكن هل يمكن الوثوق بالصين بالنسبة لعدد المصابين؟ وهل التصريحات التي تطلقها هذه الدولة عن تجاوزها هذا المرض يمكن حملانها على محمل الجد؟

الصين التي أخفت المرض عدة أشهر، بل هددت الطبيب الذي كان يعمل في مستشفى ووهان لي وينليانغ، واتهمه الأمن الصيني بنشر معلومات مضللة تخل بالأمن العام، عندما لجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتحذير من تفشي فيروس خطير في المستشفى، قبل أن يتوفى هذا الطبيب الصغير بالسن في ظروف غامضة، قيل إنه أصيب بالفيروس القاتل. ولم تبلغ السلطات الصينية منظمة الصحة العالمية بالفيروس المستجد حتى نهاية كانون الأول الماضي، بينما ظلت بكين تزعم أن الفيروس لا ينتقل بين البشر، حتى النصف الأخير من كانون الثاني، حيث كانت عطلة رأس السنة الصينية اقتربت وبدأ الملايين يسافرون داخل وخارج البلاد، ما ساعد على انتشار المرض عالمياً.  منظمة الصحة العالمية كانت قالت إن معظم الدول لا تنشر الأرقام الصحيحة لعدد الإصابات، ولكن كيف هو الحال بالنسبة للصين البلد الذي يحكمه حزب شمولي شيوعي، يستمد سلطته من التخويف والترهيب، ويريد أن يواصل بأي شكل من الأشكال الزحف نحو قمة العالم اقتصادياً.

بل أكثر من ذلك.. فقد طردت الصين العديد من مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية، وخصوصاً الأميركية منها (إذاعة صوت أميركا)، وصحف (نيويورك تايمز) و (وول ستريت جورنال) و(واشنطن بوست) و(التايمز)، ادعت الخارجية الصينية أنها جاءت رداً على تصنيف الولايات المتحدة خمس وكالات إعلامية صينية على أنها "بعثات أجنبية".

الصين كانت لمحت قبل نحو أسبوعين على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان في تويتر عن احتمالية لتورط للجيش الأميركي في جلب كورونا فيروس إلى مدينة ووهان التي كانت الأكثر تضررا من هذا الفيروس، وتساءل الناطق عن سبب عدم انتشار المرض في الولايات المتحدة؟

طاعون 150 ميلادية أدى إلى انتهاء الدولة الرومانية.. وطاعون حوالي 600 ميلادية أعقبه انتشار الإسلام.

ربما كان هذا الاتهام غير المباشر مقنعاً قبل أسابيع، أما اليوم وقد تصدرت الولايات المتحدة عدد المصابين، بل تضاعف عددهم بسرعة ليغدو خلال فترة قصيرة ضعفَي عدد المصابين المعلن عنه في الصين، فقد أصبح الاتهام نوعاً من حروب البروباغندا المندلعة بين البلدين، عملاقي الاقتصاد العالمي، ويحاول كل بلد إيقاف عجلة النمو الاقتصادي للآخر، لا سيما أن الصين كانت قبل انتشار الفيروس تحقق معدلات تنمية اقتصادية عالية وتسير بخطى متسارعة نحو قمة العالم اقتصادياً.

الصين التي كانت المصدّر للعديد من الأوبئة، يعني تسيدها الاقتصاد العالمي، فيما لو تم، أنها كذلك باتت ذات قوة ونفوذ سياسيَيْن، ولكم أن تتخيلوا شكل النظام القادم، الذي تتصدره دولة شمولية عُرفت بتقليد المنتجات الأوروبية، وطرح ماركات مقلَّدة بأسعار منخفضة، لا سيما أن القارئ للتاريخ يرى أن التغيرات المفصلية في تاريخ البشرية، كانت دائماً تأتي بعد الجائحات والأوبئة، فالفيروس القاتل برأيي هو تطور لأنواع الطواعين التي كانت تضرب العالم وتؤدي إلى انتهاء حقبة زمنية وابتداء حقبة جديدة.. طاعون 150 ميلادية أدى إلى انتهاء الدولة الرومانية.. وطاعون حوالي 600 ميلادية أعقبه انتشار الإسلام... ثم هناك طاعون في القرن الخامس عشر الميلادي تلته النهضة الأوروبية، فهل سيكون فيروس كورونا بداية للانحسار الغربي وبدء انتشار التنين الصيني؟

شخصياً لا أتمنى ذلك لعدة أسباب: أن الغرب هو صاحب كل المنجزات الحضارية التي نستمتع بها اليوم، ومنها منجزات أخلاقية صرفة، كحقوق الإنسان والديمقراطية، صحيح أن الغرب ليس صادقاً تماماً في هذا السياق، وقد تكون المصلحة في كثير من الأحيان مقدمة على المبادئ، ولكنه يملك مبادئ، ويستطيع صاحب الحق أن يحاججه بها، ولكن الصين نظام استبدادي لا يتوانى عن اعتقال مليون شخص وزجهم في معسكرات اعتقال جماعية، كما يحصل الآن مع أقلية الإيغور المسلمة في إقليم شينجيانج.

في معهد اللغة بالجامعة الفرنسية كان معي طلاب صينيون، هم بالإضافة إلى لطفهم الظاهري، إلا أنهم لا يذكرونني إلا بالطلاب في سوريا الأسد لجهة الخوف والكبت، حيث يهربون من التعبير عن رأيهم الحقيقي بالسياسة، ربما خشية من أحد كتاب التقارير المخفيين.  فكيف سيكون مصير العالم على صعيد الحريات، فيما يلاحق الخوف الصينيين حتى إلى أوروبا؟

كلمات مفتاحية