icon
التغطية الحية

لماذا توقفت الرحلات بمطار دمشق بعد زيارة عبد اللهيان.. ما علاقة إسرائيل؟

2023.01.20 | 06:14 دمشق

وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد يستقبل نظيره الإيران حسين أمير عبد اللهيان، مطار دمشق، 14 كانون الثاني/يناير 2023 (سانا)
وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد يستقبل نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، مطار دمشق، 14 كانون الثاني/يناير 2023 (سانا)
إسطنبول - ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

بعد اعتمادها على القوة الجوية الهائلة لتعطيل المطارات المدنية السورية عسكرياً خلال العام الماضي، برزت معطيات جديدة تظهر أن إسرائيل تشن هجمات إلكترونية (سيبرانية) لتعطيل مطار دمشق.

في 14 كانون الثاني/يناير الجاري، بعدما حطت طائرة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، طرأ تغيير على جدول الرحلات الجوية في مطار دمشق وتحولت إلى مطار اللاذقية.

وتشير المعطيات، التي رصدها موقع "تلفزيون سوريا"، إلى أياد إسرائيلية في تعطيل مطار دمشق الدولي خلال زيارة عبد اللهيان، ولا يزال مستمراً بشكل شبه كامل خلال الأسبوع الجاري.

ويعتبر استخدام إسرائيل للأساليب غير العسكرية، لتعطيل المطارات السورية أمراً غير مسبوق، ويرجح أن يكون هجوماً سيبرانياً، الهدف منه إيصال رسائل سياسية إلى الإيرانيين.

ولكن من غير المعروف حتى الآن هل تم استخدام هذه الأساليب على نحو ضيق ومحدود فقط لإرسال رسائل سياسية في أثناء زيارة عبد اللهيان إلى دمشق، أم أنها ستستمر على هذا النحو باعتبار الهجمات السيبرانية وسيلة فعالة وسليمة نوعاً ما لتعطيل حركة طائرات الشحن الإيرانية بعيداً عن الإحراج الذي يمكن أن يتعرض له الروس في سوريا بسبب ضرب المطارات والمنشآت المدنية؟ أو ستتخذ منها في المستقبل ركيزة مساعدة إلى جانب استعمال القوة النارية في ضرب المطارات السورية؟

وكانت إسرائيل قد وجهت ضربة جوية واسعة النطاق ضد مطار دمشق الدولي، في مستهل العام الجديد، ظهرت تجلياته واضحةً على صور الأقمار الصناعية بسبعة تأثيرات على مدرجه الجنوبي أدت إلى خروجه عن الخدمة، وتأثير واحد أدى إلى تقصير المدرج الشمالي الآخر بمسافة 500 متر، في مسعى إسرائيلي واضح لمنع هبوط طائرات الشحن الإيرانية الثقيلة.

ما هي المعطيات؟

تظهر المصادر المفتوحة التي تتبعها موقع "تلفزيون سوريا" أن عطلاً مؤقتاً مجهول المصدر أصاب مطار دمشق يوم السبت 14 كانون الثاني/يناير في التوقيت العالمي الموحد 22:00 UTC، أجبر طائرة أجنحة الشام a320 (yk-bab) القادمة من مطار بغداد إلى تحويل وجهتها من مطار دمشق نحو مطار اللاذقية، وفي هذا الوقت كانت الطائرة الخاصة بوزير الخارجية الإيرانية ما تزال في مطار دمشق.

فلايت رادار 24 ‏
لقطة شاشة من موقع "فلايت رادار 24" المختص بتتبع رحلات الطيران التجارية حول العالم، تظهر رحلة لأجنحة الشام تغير اتجاهها من دمشق إلى اللاذقية، السبت 14 كانون الثاني/يناير 2023

 

في التوقيت نفسه، كانت طائرة السورية للطيران a320 (yk-akh)، التي عادة ما تجري رحلات مدنية بحتة بين مطار دمشق والدوحة، تحلق في على المسار نفسه، واضطرت على غير العادة إلى تغيير وجهتها أيضاً نحو مطار اللاذقية.

كل هذا حدث في الوقت الذي كانت فيه رحلات الطائرات السورية أعلاه مجدولة للهبوط في مطار دمشق كالعادة.

واستمر الانقطاع الذي أصاب مطار دمشق عدة ساعات حتى صباح اليوم التالي (الأحد)، مما اضطر الطائرة الخاصة بوزير الخارجية الإيرانية في مطار دمشق للتأخر في الإقلاع حتى ظهر يوم الأحد.

وفي الاتجاه نفسه، تظهر المصادر المفتوحة نفسها أن حالة الانقطاع المفاجئة التي أصابت مطار دمشق الدولي لم تكن وحيدة، بل تكررت هذه الحالة صباح الثلاثاء 17 كانون الثاني/يناير، مما اضطر إحدى طائرات "السورية للطيران" a320 (yk-akh) القادمة من القاهرة إلى الاتجاه شمالاً نحو مطار اللاذقية.
وفي الفترة نفسها من صباح يوم الثلاثاء أيضاً، أجبر التعطل المؤقت الثاني الذي أصاب مطار دمشق طائرة أجنحة الشام a320 (yk-bab) على البقاء في مطار أربيل أكثر من ساعتين ونصف، حتى تعود مسارها نحو مطار دمشق.

وفي اليوم التالي 18 كانون الثاني/يناير أيضاً، تعرض مطار دمشق الدولي لتعطل جديد آخر أجبر طائرة فلاي بغداد B737(yi-ban) القادمة من أربيل على غض النظر عن التوجه إلى محطتها المجدولة في مطار دمشق، وحولت رحلتها نحو مطار بغداد.

هجوم سيبراني أم عطل فني؟

الكمبيوترات والرادار والراديو وغيرها من الأجهزة كلها معدات تتكون منها معظم أنظمة الاتصالات والملاحة الجوية في المحطات الأرضية للمطارات التي تتولى مهمة تزويد الطيار بتوجيهات وتعليمات حول مكان تموضع وسرعة الطائرة، وهي معلومات مهمة تحذر الطائرات عندما تكون قريبة بعضها من بعض، وتنسق بالدرجة الأولى عمليات الإقلاع والهبوط.

من الجدير ذكره، أنه تلعب أنظمة الملاحة والمراقبة الجوية، التي تتكون من بيئة تقنية معقدة وحساسة (عتاد مادي فيزيائي وأنظمة برمجية وتدخل بشري)، دوراً حيوياً في أمان أكثر مراحل الطيران حساسية (الإقلاع والهبوط)، وأي خلل يمكن أن يصيب هذه البيئة الفيزيائية والبرمجية المدارة بشرياً يمكن أن يعرقل العملية كلياً، ويتسبب في تعطل المطار مؤقتاً.

إحدى التخمينات التي تدور حول التعطل الأخير لمطار دمشق يمكن أن يكون مرتبطاً بهجوم سيبراني بوساطة فيروس تم زرعه داخل أحد أجهزة الكمبيوتر الموجود داخل إحدى غرف المراقبة أو المتعلق بنظام الملاحة داخل المطار.

في هذا الصدد، يرجح الخبير بالمصادر المفتوحة والمختص بمتابعة تحديد المواقع الجغرافية على الأقمار الصناعية، سمير، المعروف بحسابه على التويتر (@obretix)، في تصريح خاص لتلفزيون سوريا أن التعطل الأخير لمطار دمشق "يمكن أن يكون متعلقاً بهجوم سيبراني".

كما لا يستبعد الخبير أن العطل الأخير قد يكون متعلقاً بمشكلات الطاقة أو أخطاء بشرية أو عطل في أجهزة الكمبيوتر، مستدلاً بذلك على الفوضى التي أحدثها تعطل جهاز كمبيوتر في نظام السفر الجوي الأميركي في 12 كانون الثاني/يناير من العام الجاري.

وبحسب سمير، فإنه من الممكن حدوث هجوم إلكتروني أو أي نوع آخر من عمليات التخريب الأخرى لتعطيل مطار دمشق، لكن لدينا القليل من الأدلة التي تدعم أياً من النظريتين في النهاية، على حد تعبيره.

من وجهة نظر أخرى، أثار تعطل مطار دمشق الدولي المؤقت مرتين متتاليتين خلال الأسبوع الجاري مزيداً من التكهنات حول أن العطل قد يكون متعلقاً بهجمات إلكترونية تقودها إسرائيل تستطيع أن تشوش على محطات الملاحة والاتصالات اللاسلكية بين الطيارين والمحطات الأرضية، وبالتالي تعطيل مطار دمشق مؤقتاً.

رأي خبراء الدفاع الجوي

في هذا الصدد، يرى أحد الضباط السوريين المختصين بالدفاع الجوي، رفض الكشف عن اسمه، أن التشويش الإسرائيلي على محطات الرادار والملاحة في مطار دمشق كفيل بإنهاء الرحلات الجوية وتعطيلها.

ويؤكد الضابط أن إسرائيل قادرة على توجيه نبضات إلكترونية موجهة تشمل عدة حزم من المجالات المختلفة ترددياً بوساطة عربات تشويش إلكتروني على الأرض أو طائرات الحرب الإلكترونية في السماء.

ويدعم الضابط نظريته هذه بتجربة شخصية سابقة يتحدث عنها ضابط الدفاع الجوي في أثناء خدمته بمدينة دير الزور السورية بعد سقوط نظام صدام حسين، ويقول: "في كثير من الأحيان تسبب التشويش الإلكتروني الأميركي المنطلق من الحدود العراقية السورية في تعطيل جميع أجهزتنا وراداراتنا، مما أدخلنا في ظلام راداري تام، واضطرنا لمتابعة الأهداف من خلال المراقبة المباشرة".

وتعتبر حالات التشويش المتبادل المماثلة هذه عاملاً رئيسياً في تعطيل الرحلات الجوية ضمن المطارات المدنية في بعض الأحيان بشكل غير مقصود، إذ تسبب نشر تكنولوجيا الجيل الخامس من الإنترنت في الولايات المتحدة عام 2022 في إلغاء آلاف رحلات الطيران الداخلية، وتوقف عدة رحلات لشركات طيران دولية نحو المطارات الأميركية، بسبب مخاوف تتعلق بأمان هبوط الطائرات.

وفي هذا النوع من التشويش المتبادل غير المقصود، تتداخل ترددات أجهزة الجيل الخامس من الإنترنت في أنظمة الملاحة الجوية ويمكن أن تتعارض مع أجهزة قياس رادار الطائرات.