icon
التغطية الحية

لماذا اعتقلت قوات النظام مزارعي القمح شرقي دير الزور؟

2021.07.19 | 05:52 دمشق

201294365_1213895175704436_1734620441653380076_n.jpg
عائشة صبري
+A
حجم الخط
-A

تضاعفت معاناة المزارعين في مناطق سيطرة نظام الأسد شرقي محافظة دير الزور شرقي سوريا، هذا الموسم من الحصاد، بسبب مطالبة النظام لهم بتوريد كمية معيَّنة من مادة القمح بحسب كمية السماد التي تسلمها الفلاح من حكومة الأسد، وقيامه باعتقال كلّ من لم ينفذ هذا الأمر.

حملة اعتقال نظام الأسد طالت جميع المزارعين الذين وعدوا "جمعية الفلاحين" في حكومة الأسد بتوريد محصول القمح لها، وتسلموا السماد الزراعي منها، لكنَّهم لم يقوموا بتوريد القمح، إضافة إلى اعتقال عدد من رؤساء الجمعيات لعدم تقديمهم الكمية المطلوبة من القمح.

أحد المزارعين (فضل عدم ذكر اسمه) أوضح لـ تلفزيون سوريا أنَّ الفلاحين المطلوبين لهذا السبب، تم استدعاؤهم إلى فرع المخابرات الجوية في مدينة البوكمال، وهناك تم تهديدهم "إمّا توريد كمية معيَّنة من القمح بحسب كمية السماد التي تسلمها الفلاح من جمعية الفلاحين، أو السجن".

وقال: إنَّ "طن القمح يباع بمليون و600 ألف ليرة سورية، ونظام الأسد حدَّد الطن لشرائه بـ 800 ألفاً، ويطلب منهم عنوةً على كل دونم من الأراضي 270 كيلو غراماً سواء نجح موسم الفلاح أو لم ينجح، فهو يريد نصف كمية المحصول من المزارع، ما اضطر بعضهم إلى استدانة كميات من القمح ليسد الكمية المطلوبة منه".

أسباب عدم التوريد الكمية المطلوبة

بحسب ما أفاد المزارع، فإنَّ الفلاحين الذين لم ينفذوا هذا المطلب بتوريد القمح لحكومة الأسد، كان لهم أسبابهم، ومن أبرزها أنَّ كمية الإنتاج لم تكن كما كان يتوقعها الفلاح، إضافة إلى تعرُّض بعض المحاصيل للتلف من قبل أسراب الجراد التي هاجمت المنطقة الشرقية قبل أشهر، فضلاً عن الشح بمنسوب مياه نهر الفرات.  

ومن الأسباب الإضافية، عدم توافر الدواء اللازم للقضاء على نبتة الشويعرة المعروفة بـ (السنيسلة) وهي نبتة تُضعف المحصول الزراعي، وخوف الفلاح من عدم تسديد مبالغ القمح من قبل نقابة الفلاحين أو تأخر الفاتورة لشهور.

كما أنَّ من عادة أهالي المنطقة الشرقية، تخزين القمح بكميات كبيرة لتوزيعها على المحتاجين أو ادخارها للأيام المقبلة خوفاً من جفاف نهر الفرات، أو عدم نجاح المحصول في العام المقبل. وفق شهادة المزارع.

بدوره، أكد الناطق باسم شبكة "عين الفرات" أمجد الساري، لـ"تلفزيون سوريا"، أنَّ موسم القمح كان سيئاً هذا العام بسبب قلة الأمطار والجفاف في المياه، وهو أمر مماثل في جميع أرياف دير الزور والحسكة.

وحول أسراب الجراد التي غزت الأراضي الزراعية في منطقة شرقي دير الزور في نيسان/أبريل الماضي، لفت "الساري" إلى أنَّ أضرار الجراد لم تكن كبيرة نظراً للفترة الزمنية القصيرة التي هاجمت فيها الأراضي، وأكثر قرية تضررت من الجراد هي "السيال".

 

حالات الاعتقال

أمّا بالنسبة للمناطق التي شهدت استدعاءات من نظام الأسد إلى فرع المخابرات في مدينة البوكمال، فهي: قرى "الرمادي (شامية)، حسرات، الغبرة، السكرية، السويعية، الهري"، وبحسب آخر إحصائية لعدد المزارعين المعتقلين، فقد بلغت 15 معتقلاً منذ نحو أسبوعين، وهناك أشخاص مهددون بالاعتقال بعد أيام إذا لم يسلموا كمية القمح المطلوبة.

وأشار المزارع إلى أنَّ المزارعين الذين قاموا بتوريد الكمية المطلوبة من القمح لم يتسلموا إيصالات (فواتيرهم) إلى الآن، لذلك استدعت حكومة الأسد بعض الفلاحين الذين قاموا بتوريد الكمية، وتسلمتها النقابة مرة أخرى، وطلبت منهم توريد كمية إضافية، متذرعين بأنَّ "الكمية الأولى لا تكفي".

بدوره، لفت الناطق باسم شبكة "عين الفرات" إلى اعتقال رئيس جمعية القورية ورئيس جمعية صبيخان، بسبب عدم تقديمهما الكمية المطلوبة من القمح التي من المفترض أن يقدّمها الفلاحون للجمعيات.

وهناك من سجّل اسمه لتسلم السماد لكن لم يتسلمه، حيث كان التسجيل ذريعةً من النظام لمعرفة جميع زارعي القمح ومن ثم يصبّ المحصول في صالح النظام، وأشار "الساري" إلى أنَّ النظام يمنع بيع القمح لأحد غيره، وبالسعر الذي حدّده للفلاحين.

من جانبه بيَّن الصحفي في شبكة "نهر ميديا" عهد صليبي، أنَّ الاعتقالات في مدينتي الميادين والبوكمال جاءت بعد طلب حكومة الأسد من كلّ مزارع في المنطقة تسليمها عشرة أطنان من القمح، ما دفع بعضهم إلى الهروب من المنطقة، والذين رفضوا الطلب تم اعتقالهم.

وذكر لـ"تلفزيون سوريا" أنَّ ذوي المزارع "عبد الرحمن الحرفوش" اشتروا عشرة أطنان من القمح، من الأراضي العراقية، وسلّموها لنظام الأسد، بغية إخراجه من السجن بعد تردي حالته الصحية هناك، مشيراً إلى تكرار حالات اعتقال الفلاحين في دير الزور، بسبب مطالب النظام التعجيزية، وعدم تكافئها مع ما يقدّمه لهم.

توضيحات حول موسم القمح

تمثّل الزراعة أهم موارد الحياة في دير الزور، فجميع الأراضي صالحة للزراعة، وتتربع أكثر الأراضي خصوبة على ضفتي نهر الفرات، فتمتاز محاصيلها الزراعية بالجودة، وهذا العام هناك أكثر من ستين في المئة من الأراضي زرعت بمادة القمح، ووفق "الساري"، فإنَّ الفرق كبير جداً بين العام الماضي والعام الحالي، إذ كانت السنة الفائتة أفضل بكثير بسبب توافر الأمطار.

ولم تحتج الأراضي المزروعة إلى كلف سقاية أكثر، وخاصة أنَّ محركات السقاية تحتاج إلى الوقود والعمال، وهذه تعدّ كلفة إضافية على الفلاح، فضلاً عن قيمة السماد والأدوية الزراعية،إضافة إلى أنَّ العام الماضي لم يطلب النظام هذه الكمية من الفلاح للتوريد مثل هذا العام.

وأشار "الساري" إلى أنَّ حكومة الأسد لا تُقدِّم شيئاً للفلاح وحتى السماد يشتريه الفلاح منها بسعر السوق لأنَّه غير متوافر في الأسواق، حيث كانت سابقاً تُقدّمه بسعر أقل من سعر السوق، ومن ثم حاجيات الفلاح من تأمين مياه لسقاية الأراضي، والأدوية الزراعية والسماد وشراء المحصول بسعر مدعوم، لم يقدّمها له النظام، فأصبحت الزراعة عبئاً عليه.

وبحسب "الساري" فإنَّ الميليشيات الإيرانية استولت على مساحة من الأراضي لتأمين محصول القمح لحسابهم، ما يجعل الفلاح مجبراً على الزراعة رغم الخسارة، خوفاً من سيطرة الميليشيات على الأراضي غير المزروعة وقيامها باستئجار فلاحين كي يعود المحصول إليها.

النظام يعترف بنقص الأسمدة

اعتبر رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد الخليف، أنَّ حالة النقص الحاصلة في مادة الأسمدة أسهمت في خلق سوق سوداء حيث يصل مبيع طن السماد فيها إلى حدود ثلاثة ملايين ليرة كما هو حاصل في محافظة الحسكة، مؤكداً أنَّ تحرير أسعار الأسمدة ورفعها عدة أضعاف رفع طن سماد اليوريا إلى قرابة مليون ليرة.

وقال "الخليف" لجريدة "الوطن" الموالية للنظام الأحد الماضي: إنَّ "مثل هذه الإجراءات سيكون لها أثر مباشر في تراجع الإنتاج الزراعي وخاصة المحاصيل الاستراتيجية التي تمثل الأسمدة فيها عاملاً مهماً وخاصة محصول القمح".

وقدّر بأن يتراجع مردود الغلة من القمح من دون أسمدة إلى أكثر من النصف، وهو بخلاف التوجه المعلن من حكومة النظام لدعم محصول وإنتاج القمح حيث أطلقت اسم "عام القمح" على هذا العام، إضافة إلى نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها مع عدم أو صعوبة توافر بعض مستلزمات الإنتاج، ستكون مساحة الأثر كبيرة في الإنتاج الزراعي بالعموم.

وأضاف أنَّ اتحاد الفلاحين كان له رأي مختلف حول تسعير القمح لهذا المحصول وكان المقترح الذي تبناه الاتحاد أعلى من السعر الذي تم إقراراه، وذكر أنَّ التجار في الحسكة يشترون القمح بنحو 1500 ليرة سورية، في حين يتم شراؤه من قبل تجار في دير الزور والرقة بنحو 1200 ليرة سورية، متوقعاً أن تصل كلفة كيلو القمح في العام المقبل إلى أكثر من ألفي ليرة.

وفي الثامن من الشهر الجاري، أجرى عضوا قيادة فرع دير الزور لحزب البعث العربي الاشتراكي جدعان الصالح وصالح الدندل، ورئيس لجنة التفتيش والمراقبة بالاتحاد العام للفلاحين أحمد خليل كله خيري، جولة ميدانية في منطقة البوكمال، تم خلالها متابعة عمليات تسويق الحبوب وزيارة مركز الحبوب ومراكز تجميع القمح في المنطقة.

 

وكان اتحاد الفلاحين في دير الزور التابع لحكومة النظام، أعاد تفعيل الروابط والجمعيات الفلاحية ضمن المدينة وريفها، بعد إعادة سيطرته عليها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وسط نقص في الآلات والمعدات الزراعية والأسمدة.