لقاءات الضاحية وعودة السفراء.. نظام إقليمي درة تاجه الرياض والدوحة وأنقرة

2022.04.15 | 05:41 دمشق

2022-04-11t090914z_210016898_rc2xkt9tacv4_rtrmadp_3_lebanon-crisis-saudi.jpg
+A
حجم الخط
-A

مجموعة من التطورات السياسية تشهدها المنطقة ولبنان تؤشر إلى حلول ومفاوضات وتقدم في حوارات كانت لسنوات خلت شبه مستحيلة، نتيجة الكباش الكبير والصراع المحتدم بين مكونات الشرق الأوسط، وفيما يحط سفراء دول الخليج تباعاً في بيروت من السفير الكويتي والذي تصدرت بلاده مبادرة الحلول وإعادة التوازن إلى السعودي والذي بدأ حراكاً سياسياً واجتماعياً وليس انتهاءً بسفير قطر والذي وصل بعد أن واكبته زيارات لرئيس مخابرات بلاده فيما من المنتظر أن يصل وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت خلال الأسابيع القادمة لتثبيت الحضور العربي ودعم لبنان بسلة من المشاريع الإنسانية.

وتتزامن عودة السفير السعودي مع الانتخابات النيابية في لبنان، والثابت الأكيد أن لتوقيت عودته علاقة بالانتخابات النيابية والمرحلة القادمة المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية عبر خلق مظلة توازن إقليمي في لبنان والدعم المعنوي الذي قد يبديه الرجل لحركة الرئيس فؤاد السنيورة والتحالف بين القوات والاشتراكي، لكن هذه العودة تحمل أسباباً أخرى تتعلق بالتحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الذي سيعقد في باريس.

وأيضاً حزمة المساعدات الاقتصادية التي ينتظرها لبنان لمواكبة خطة صندوق النقد الدولي الإصلاحية، والتي تتضمن إعادة بناء الإدارة الرسمية اللبنانية المدمرة. وسيتولى صندوق النقد ما يشبه دور الوصاية الدولية لصالح الأمم المتحدة في مواكبة لبنان في مرحلة إعادة رسم الخارطة السياسية فيه بموازاة إعادة رسم الخارطة السياسية للشرق الأوسط.

والبخاري الذي تواصل مع شخصيات سياسية فور وصوله للبلاد من بينهم مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الرئيس فؤاد السنيورة، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وأقام مأدبة إفطار على شرف مفتي الجمهورية ورجال الدين، وهناك إفطار مرتقب لرؤساء الجمهورية والحكومة السابقين: أمين الجميل، ميشال سليمان، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام. والأهم هو الخطوات السياسية التي يتخذها البخاري.

فهناك انتظار لبناني لحركته واتجاهها السياسي والانتخابي، لا سيما في ما يتعلق بكيفية تحفيز السنّة على المشاركة في الانتخابات والتصويت. فهناك رهان لبناني على عودة البخاري لتصب في عدم ترك حال التشرذم والفراغ وخصوصاً في الشارع السني.

بالمقابل كان لافتاً اللقاء الذي رعاه أمين عام حزب الله حسن نصر الله لجمع خصوم السياسة المسيحية أي جبران باسيل وسليمان فرنجية، حيث حرص الحزب على اختيار التوقيت السياسي لعقد مصالحة الرجلين على مأدبة إفطار رمضانية، وهذا اللقاء عملت عليه دوائر حزب الله بعقد لقاءات ثنائية بين نصر الله وبين الخصمين أي فرنجية وباسيل، في سياق ضرورة إعادة إحياء عناصر الثقة بين حلفاء الحزب، لتوحيد الحلفاء في ظل التحولات المتسارعة محلياً وإقليمياً.

والأمر الإيجابي الأساسي الذي بنيت عليه المفاوضات بين الرجلين هي اقتناعهما بالالتقاء الاستراتيجي على الخطوط السياسية العريضة قائماً وتحديداً التحالف الاستراتيجي مع حزب الله وسوريا وإيران ـ فيما التحديات الكبيرة التي يواجهها الحزب وحلفاؤه تحتم الالتقاء في هذه المرحلة الدقيقة، بهدف الفوز في الانتخابات النيابية القادمة لمنع حصول القوات اللبنانية والمعارضين للحزب على مقاعد معطلة لبرنامج فريق "8 آذار" في المرحلة القادمة خدمة لأجندات أجنبية، لذا لم يكن بإمكان حزب الله ترك حلفائه في حالة من التشتت، على غرار ما هو الوضع على ضفة خصومه، في ظل الخلافات القائمة بين تيار المستقبل وبعض الشخصيات السنية كالرئيس فؤاد السنيورة أو بين حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب.

وسعى حزب الله سابقاً للجمع بين الطرفين في الانتخابات النيابية على لائحة موحدة تضم فرنجية وباسيل في دائرة الشمال الثالثة والتي ستشهد أشرس المعارك "المسيحية-المسيحية"، ولكن لم تنجح تلك المحاولات لأسباب انتخابية وحسابات الفوز والخسارة وتعقيدات القانون الانتخابي، ولأن أي طرف من الطرفين لا يريد أن يظهر نفسه بأنه في حاجة للآخر.

وهناك من يعتبر أن اللقاء الثلاثي كان مناسبة لمناقشة وتقييم كل المرحلة السياسية والاقتصادية الذي أعقب ثورة 17 تشرين الأول 2019 وصولاً إلى يومنا هذا، وجرى التوصل لاتفاق أساسي أن لهذه الجلسة ما بعدها، ثنائياً وثلاثياً.

ونصر الله الذي رفض التطرق لملف الانتخابات الرئاسية على قاعدة أن أنه لا يريد إعطاء التزام شفوي من الآن لأي طرف، لكن ثمة معطيات لا يمكن القفز فوقها. مرشحين جديين لرئاسة الجمهورية. أولهم، قائد الجيش العماد جوزيف عون وتبدو حظوظه مرتبطة بمسار الاتفاق النووي والحوار السعودي الإيراني برعاية قطرية، وقائد الجيش لم يكن بمنأى عن هجوم الحزب وتحديداً نصر الله صوب لعدة مرات على الشراكة الاستراتيجية بين الجيش والأميركيين، فيما جبران باسيل باتت علاقته المحلية والخارجية تكاد تكون صفرية وهو المعاقب أميركياً والمتهم أوروبياً بعرقلة كل استحقاق ومشروع بنيوي في الكهرباء والسدود، فيما فرنجية لا يمكن حتى اللحظة فهم مصير حظوظه في ظل رغبة دولية وإقليمية عارمة بعدم السماح بتكرار تجربة ميشال عون أي باختصار لا يمكن الإتيان بمرشح فريق واحد وتسليمه قرار البلاد.

إقليمياً ثمة تحولات متسارعة من اليمن إلى العراق وليس انتهاء بالخليج، وبدا أن المسار الواضح كان قد بدأ من اليمن، والذي بدأته السعودية والإمارات بمواكبة تركية-قطرية قضى بتجميع قوى الجنوب والشمال اليمني

إقليمياً ثمة تحولات متسارعة من اليمن إلى العراق وليس انتهاء بالخليج، وبدا أن المسار الواضح كان قد بدأ من اليمن، والذي بدأته السعودية والإمارات بمواكبة تركية-قطرية قضى بتجميع قوى الجنوب والشمال اليمني، وآل صالح مع آل الأحمر والقبائل وحزب الإصلاح، في إطار تشكيل مجلس رئاسي جديد، بعد التخلي عن عبد ربه منصور هادي، وهي خطوة نوعية من شأنها أن تنعكس على الوقائع السياسية هناك، من خلال قيام هذا المجلس بتشكيل عناصر التوازن السياسي في مواجهة الحوثيين.

وهذا المسار اليمني باركته أنقرة والتي باتت خطوطها مفتوحة مع أبوظبي بكونها الراعي الغير مباشر لتجمع الإصلاح اليمني المشارك في هذه الخطوة السعودية التي هندسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني والذي تلعب بلاده في حدائق خلفية لتثبيت الهدنة الحوثية وترعى مع العراق إعادة ترتيب الجلسة المرتقبة بين السعودية وإيران.

فيما بات المسار التركي أكثر التصاقاً بخيارات الدول العربية عبر التحضير لأرضية المصالحة مع السعودية والتي ستتوج عبر زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الرياض عشية عيد الفطر وصلاته إلى جانب الملك وولي عهده في مكة وسيحمل في جعبته العديد من خطط التعاون أبرزها إتمام صفقة بيع المسيرات للسعودية ونقاش ملفات اقتصادية مشتركة وطرح مبادرات للتعاون العسكري والسياسي في المنطقة، وهذه المصالحة ليست وليدة الأمس، بل هي امتداد لشهور من اللقاءات التي ترعاها الدوحة حيث باتت خطوط هاكان فيدان مفتوحة مع خالد بن سلمان وتوجت بإقفال ملف جمال خاشقجي تركياً ليصار إلى دفنها سياسياً، ولا يقتصر الملف اليمني على جدول المصالحة المنتظرة بل يقابله تحرك واضح في العراق قد يؤدي لإبرام اتفاق سياسي يعيد الدينامية السياسية المتعثرة، فيما سورياً جرت عملية تغيير كبيرة في الائتلاف الوطني السوري، وفق تقاطع مصالح وتفاهمات جديدة بين السعوديين والأتراك والقطريين أدت إلى حصول تعديلات في النظام الداخلي وإسقاط عضوية شخصيات مقابل الاستعاضة عنها بشخصيات أخرى محسوبة على الجناح التقليدي في الإخوان المسلمين.

وهناك تخل تركي-قطري على تأهيل إخوان لبنان بعد سلسلة الانتكاسات التي ستتوج في خسارة جديدة في الانتخابات المقبلة وسط انقسام الجماعة بين تيارين الأول يود الارتماء بالحضن السعودي أو القطري-التركي وآخر يرى بحزب الله المخلص، بالمقابل فإن هاكان فيدان نفسه زار القاهرة منذ عشرة أيام للقاء نظيره عباس كامل لتسريع مساعي الحوار البطيئة بين الجانبين ولتطوير العلاقة حتى تترجم بإعادة السفراء وإيجاد حلول مشتركة لملفات المتوسط والغاز والتجارة إقفال ملف الإخوان المسلمين.