
قامت الدنمارك، التي اشتهرت بسعيها لفرض سياسة صفر طالب لجوء، بتخفيض مساعداتها الخارجية الموجهة لسوريا ومالي وبنغلاديش، وذلك لتوفر ذلك التمويل لصالح اللاجئين الأوكرانيين.
ولذلك تعرضت الحكومة الدنماركية لانتقادات تتصل بسياساتها التي تسعى لخلق حالة تنعدم معها طلبات اللجوء، إلا أن رئيسة وزراء البلاد، ميتي فريدريكسن، ذكرت أن الدنمارك ستستقبل الأوكرانيين بذراعين مفتوحتين، وهذا ما ذكّر الصحفيين بتصريحاتها السابقة التي ظهرت في كانون الثاني لعام 2021، عندما سعت لفرض سياسة "صفر طالب لجوء"، فردت ميتي التي تنتمي للحزب الديمقراطي الاجتماعي اليساري بأن سياستها تدعم على الدوام اللاجئين "من دول الجوار"، وذلك عندما قالت: "إننا نعتبر أوكرانيا جزءاً من دول الجوار".
بيد أن قضية التمويل سبق لها أن طرحت، حيث خصصت حكومة الدنمارك ملياري كرونة (ما يعادل 268.6 مليون يورو) لمعالجة هذه الأزمة، بعد توقع وصول 20 ألف لاجئ خلال الأشهر القادمة إلى الدنمارك، ذلك البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 5.8 ملايين نسمة، وللتعويض عن نفقات هذه الميزانية، ينبغي جمع الأموال اللازمة للأوكرانيين عبر وقف النفقات التي تصرف على المساعدات الخارجية التي تقدم لدول تقع خارج القارة الأوروبية.
ولهذا يرى بعض المنتقدين أن هذا الإجراء مجحف، لأن هذا يعني أن الدنمارك "ستجعل من شعوب أفغانستان وإثيوبيا واليمن تدفع ثمن استقبالنا للاجئين" من أوكرانيا، بحسب ما ورد على لسان أندرس لاديكاري، الأمين العام للصليب الأحمر الدنماركي، في حين ذكرت بريجيت كفيست-سورينسن، التي تترأس الأنشطة الخيرية لدى الكنيسة اللوثرية الدنماركية: "ثمة حرائق تشتعل أيضاُ في الشرق الأوسط، إلى جانب تحديات هائلة تواجهها أفريقيا بسبب أزمة المناخ".
في حين تعكس قائمة مشاريع وزارة الخارجية الدنماركية التي سيُرفع عنها الدعم المالي بأن دولة بوركينا فاسو ستخضع هي الأخرى لتخفيض في ميزانية المساعدات التنموية التي التزمت بها الحكومة الدنماركية في السابق.
أما وزير التنمية الخارجية فليمينغ مولر مورتينسن فقد ذكر لصحيفة بيرلينغسكي أن تحويل الإنفاق المخصص للمساعدات كان مناسباً، حيث قال: "إن الهدف الرئيس لاستراتيجية التنمية الخارجية لدى الحكومة يعتمد على ضرورة تقديم المساعدة للاجئين القادمين إلى المناطق القريبة (من مناطق النزاع)، وقد أصبحت الدنمارك الآن منطقة قريبة فعلاً، ويترتب على ذلك مسؤولية كبيرة".
يذكر أن الحكومة الدنماركية سبق لها أن أعلنت اعتقادها بأن عدداً "أكبر بكثير" من الأوكرانيين سوف يصل إلى البلاد بحسب ما ورد على لسان وزير الهجرة لديها، ماتياس تيسفايي، وفي حال حدوث ذلك، سيتم سحب تمويل أكبر من الميزانية المخصصة للتنمية الخارجية، ما يعني أن سوريا، تلك الدولة التي مزقتها الحرب، بالإضافة إلى دول الجوار القريبة منها، ستخسر نحو 50 مليون كرونة بسبب هذا القرار، أما دولة مالي التي ابتليت بالجماعات الإرهابية، فسوف تخسر 70 مليون كرونة، في حين ستخسر إحدى أفقر دول العالم، اي بنغلاديش، 100 مليون كرونة كانت مخصصة لها ضمن نفقات المساعدات الدنماركية.
يجب على اللاجئين العودة إلى ديارهم عند انتهاء النزاع
أوضحت الحكومة الدنماركية أنه ينبغي على كل الأوكرانيين الذين دخلوا إلى الدنمارك أن يعودوا إلى ديارهم عقب النزاع وذلك للمساهمة في إعادة بناء بلادهم، ولكن من غير المتوقع لغالبية الشعوب أن تلتزم بهذا البرنامج، وذلك لأن اللاجئين الذين أتوا إلى البلاد بسبب الحروب التي دارت في البلقان خلال تسعينيات القرن الماضي مثلاً، ما يزالون يقيمون في العديد من الدول التي فروا إليها قبل عقود.
استعداداً لوصول اللاجئين، اقترح البرلمان الدنماركي وضع قانون خاص جديد يمنح الأوكرانيين إقامة مؤقتة لمدة سنتين، بصرف النظر عن النظام التقليدي القائم المخصص للاجئين، وذلك بحسب ما ذكرته محطة كوريير إنترناشيونال الإخبارية.
وقد تم تقديم مشروع هذا القرار في 14 آذار الحالي، حتى يتم النظر فيه ضمن إجراءات سريعة ومن ثم يتم إقراره يوم الأربعاء المقبل، بحسب ما ورد في صحيفة يولاندس بوستن اليومية المحافظة.
المصدر: ريميكس